الناس بحاجة الى (دراما) حقيقية, لا مثل هذه الحلقات التي تبثها فضائيات القرن على وزن (رباعية القرن), انك تحس تجاهها بأحد امرين: إما ان (تتيس) مثل اي (تيس)! تأكل ولا تدري ماذا تأكل! المهم انك وسط هذه التحولات التي تشهدها السنوات الاخيرة من القرن تحسن بانك (مبسوط), ليست كل امانيك متحققة ولكنك غير مهتم لهذا, او انك محبط ولا تملك حتى (حق) الاعتراض, الدراما التي تباع هذه الأيام ما زال فيها مساحة لمثل (رجاء الجداوي) او (عمر الحريري)! الأولى في دور (بنت) الباشا والثاني في دور (سكرتير) الوزير!! ونفس القصة التي تُحكى علينا منذ نصف (قرن), المال الحلال يرجع لأصحابه! وتوتة! والبنت دائماً (مخطوبة)! و(خطيبها) غلبان دائما وهي لهذا السبب (تتزوجه) ضد رغبة الأهل، مثل ضد النصيحة الطبية! و(حماة) تموت في غرفة (الإنعاش).
حتى الآن لا يعرف (صانعو) الدراما العربية مدى اهمية ما يصنعون!, لا يعرفون انهم يصوغون مثاليات و(مبادىء) جيل قادم مدجج بالأسئلة, سيسأل عن الحرب والسلام والنضال والمعرفة, ادوات الجيل القادم بكل ما في الكلمة من معنى! المتفجر, الذي سيرفض ان (نسأل) نيابة عنه، او ان نجيب نيابة عنه, في هذه الفسحة المتاحة تتحرك (الدراما) العربية كأنها انسان (معاق)! او تتصرف مثل كبار (الملاك) الكسالى الذين يأكلون مما (يقطف) لهم من اشجارهم! مثلما يفوت على (العرب) دائماً التوقيت السليم للاقتراب من المائدة, وهذه المرة لن يكون البطن وحده الذي يشعر بالجوع, بل سيشعر به حتى (المخ)! تلك الآلة المعقدة التي تُّعرّض للهواء في كل البلدان ما عدا بلادنا!.
ان ماتقوم به هذه (الدراما) هو: تزييف الواقع!, اعطاء صورة مختلفة للواقع بغرض ملء ساعات (البث) التلفزيوني الذي يقف ك(الوحش) الفاغر فاه منتظراً سقوط المائدة في حلقه, هنا يجب على آلة المسلسلات ان تبطىء من سيرها قليلاً, ان تسأل المشاهد الممزق اصلاً: هل توافق على انك تعيش في هذا الواقع؟! هل (توافق) على ان هذه الاحداث هي من نسيج الواقع؟! ولأنك في المنطقة بين سؤالين: هل ستشاهد وتقتنع؟ ام هل هذا صحيح؟!!.
وفي معرض السؤال يجيء دور الكاتب او (الناص): ما الذي يقف بين الكاتب هنا وبين الصندوق السحري المسمى ب(التلفزيون) او صندوق (العجائب)؟! كثرة الغثاء بالتأكيد هي المسؤول الأول!.
فإذا كان الأمر كذلك فعلى الكتاب الاقتراب قليلاً من (آلة) الأعاجيب هذه ومحاولة الحوار معها في (الصميم) لا في الظاهر! عليهم ان يعتبروا أن ما يقومون به (رسالة) الى الناس, تنحو ككل الرسالات نحو الخير والحق والجمال, لذلك فمن العادي ان تكون المهمة (شاقة)! ومن (الطبيعي) ان تكون (نبيلة).
ولا احد يمكنه ان يوقف القطار, لا (نحن) ولا ما نصنع من (حلقات) اكثر ما نشاهد فيها ألوان الثياب الناصعة!.
|