* تحقيق : محمد العروي
هل اصبح وقت الانتظار في مجتمعنا أيا كانت دواعيه وأسباب وجوده هاجسا ثقيلا ومؤرقا لا نرتضيه بأي حال من الاحوال ولا نقبل به الا على مضض وفي اضيق نطاق باعتبار ان وقت الانتظار من الامور المرفوضة والمنبوذة في مجتمعنا وذلك من واقع تذمر الكثيرين بتعبيرهم عن ذلك شخصيا بالفعل والكلام او محاولة اختصار الوقت بالبحث عن منفذ او واسطة للهروب من الانتظار عن هذا الموضوع كانت هناك بعض الانطباعات التي نعرضها من خلال سطورنا التالية:
انتظار مرفوض
ابراهيم حسن محارب والذي استضفناه في بداية طرح هذا الموضوع اوضح قائلا: ان الانتظار قرين الصبر او هو الصبر نفسه ولا اتصور أن في هذه الحياة من لم ينتظر والتجارب والخبرات هي التي تجعلنا نفعله او نرفضه فالانتظار من غير طائل ترفضه الطبيعة البشرية لما جبلت عليه من حب للنتيجة الحتمية التي نتطلبها من وراء هذا الانتظار والناس في هذا العصر عصر التقدم التكنولوجي وعصر الكم الهائل من المؤلفات والاختراعات والابتكارات صارت تمل الانتظار حتى وان كانت نتيجته حتمية مفرحة سارة مبهجة فأين تكمن الاسباب هل هي وراء زحمة حياتنا بكم طويل هائل من الانتظارات المختلفة ام بسبب خبرات انتظارية متراكمة نتج عنها عدم الثقة بنتيجة الانتظار ويضيف ابراهيم قائلا لا شك ان حياتنا اليوم مليئة بالامور التي تجعل من الانتظار غير المدروس امرا غير مستساغ فأحيانا قد يكون القائم او المتسبب في عملية الانتظار غير واع بالنفس الانساية التي جبلت على حب السرعة في التنفيذ, كما تحدث محمد غانم الجهني عن هذا الموضوع قائلا: انه وبحسب ما يرى فإن عدم القدرة على الانتظار تعتبر اذا صح لنا التعبير ظاهرة واضحة ومتميزة جدا في مجتمعنا ان عدم القدرة على الانتظار هي بلا شك ظاهرة تستحق منا الدراسة ومحاولة وضع التصورات والحلول المناسبة لكي نتمكن من القضاء عليها او التخفيف منها وعلى سبيل المثال لا الحصر يأتي أحدنا الى صالون الحلاقة مثلا فيرى عددا من الاشخاص عنده فما ان يرى هؤلاء الناس حتى تضيق حالته ويأخذ في التذمر وهو ينظر في هؤلاء المنتظرين تارة وفي ساعة يده تارة ثم يقفل راجعا دون ان يحقق الهدف الذي جاء إليه والسبب من وجهة نظري يعود الى اهمية ما يريده هذا الانسان فلو كان الامر الذي جاء من اجله مهما بالنسبة له فإن الامر هنا سوف يختلف كليا فلا بد ان تراه يمكث حتى ولو طال الوقت ولسان حاله يقول: مكره اخاك لا بطل ومن هنا يتضح لنا ان الانتظار يعتمد بالدرجة الاولى على اهمية ما يريد الانسان تحقيقه من الخدمات التي يريدها ويختتم الجهني حديثه قائلا:ان عملية الانتظار بحد ذاتها مملة جدا ولكن في نفس الوقت لا غنى لنا عنها فبدونها لا يمكن لنا تحقيق مطالبنا التي نسعى اليها وان عدم القدرة على الانتظار ولو لدقائق معدودة ظاهرة غير صحية وهي تؤكد على ان شريحة كبيرة من المجتمع توجد فيهم هذه الصفة التي هي من مفرزات العجلة وقلة الصبر.
* اما المنسق الاعلامي بمكتب الندوة العالمية للشباب الاسلامي بالمدينة المنورة وليد سعيد باحكم فيتحدث عن هذا الموضوع بقوله: لماذا نكره الانتظار؟؟ سؤال قد يجعلنا في حيرة من واقع كثرة الطوابير التي نمارسها يوميا فطابور لاستلام الراتب وآخر للعلاج وهكذا ولا يخلو اي طابور انتظار من فضولي يريد ان يخترق الصف ليكون فارس الميدان.
ويبدو اننا لم نتعود على احترام النظام والتحلي بالصبر وقد ينم ايضا عن عدم مقدرتنا على الصبر الطويل على هذه الطوابير قلة الوعي والشعور الداخلي الذي يجعلنا ننتقص حق الآخرين في قدرهم والا ما الدافع لشخص يرى امامه جموعا من الناس ولا تروق له نفسه ان يصبر.
ويتساءل السيد حمود عايد سالم قائلا: ما الذي يجعلنا نتوافق اصلا مع هذه الاوقات وهي في حد ذاتها اوقات ضائعة ومملة لا فائدة ترتجى منها كما ان الانسان في عصرنا هذا تحديدا مطبوع على حب السرعة وعدم التروي فليس هناك وقت للانتظار مع هذا اللهاث المتواصل في هذا الزمن والذي يحمل شعار السرعة في كل شيء اما عبدالله دعيع ظاهر فهو يرى ان وقت الانتظار يكون مقبولا متى ما كان في الحدود المطلوبة مشيرا الى اهمية ان يتكيف الإنسان مع هذه الاوقات وألا يقف الإنسان منها دائما موقف المعارض والرافض وما المانع ان يكون لأوقات الانتظار فائدة ومحاولة استغلالها في المفيد كما ان للاماكن والجهات التي يحتمل فيها الانتظار دور في تهيئة الإنسان للاستفادة من اوقات الانتظار عبر تهيئة كل ما من شأنه ان يؤدي للاستفادة من هذه الاوقات ومن ذلك القراءة مثلا عبر تجهيز بعض ما يمكن قراءته في مثل هذه الاوقات على ان تكون المادة المتوفرة للقراءة تلائم هذه الاوقات.
* ويتحدث متعب علي الحربي عن هذا الموضوع قائلا: انك لو تأملت جليا في اوقات الانتظار وما يفعله بعض الاشخاص اثناء انتظارهم لوجدت العجب العجاب ولاتضح لك وبشكل قاطع ان اوقات الانتظار منبوذة ومرفوضة في مجتمعنا ونحن نحتاج الى إعادة النظر في تعاملنا مع هذه الاوقات بحيث لا تصبح منبوذة او مرفوضة بهذا الشكل.
|