توسعت حركة التعليم والثقافة في الآونة الاخيرة في هذا البلد الأمين فانتشرت دور العلم وكثرت الاسماء وتجلت المنافسة الشريفة بين تلك الدور وازدادت المناسبات فلا يكاد يمر الاسبوع الا وهناك مناسبة واحدة على الاقل، فهناك معارض الكتاب والمعارض الفنية والندوات الثقافية والمسابقات الدينية والادبية والثقافية وعلى جميع المستويات,, والحديث هنا يخص تعليم وثقافة المرأة السعودية التي اصبحت مفخرة بلادها في وعيها وادراكها وثقافتها وحسن انصاتها وروعة حديثها وسعة ثقافتها لدرجة انني حضرت العديد من الاجتماعات النسوية التي أخذت طابعاً تربوياً وأدبياً وثقافياً فصارت أشبه بما كان يجري في سوق عكاظ من ضروب الادب والثقافة,, ولعل المثل الأعلى لتلك الاجتماعات والدعم المعنوي هو ما يقام من لقاءات ثقافية توعوية وأدبية في حضرة صاحبة السمو الأميرة الجوهرة البراهيم وفي قصرها العامر وكذلك ما تساهم فيه سمو حرم ولي العهد -حفظه الله- من حضور دائم الى كل ما يقام من امسيات وندوات ومحاضرات سواء في نطاق تخطيط الحرس الوطني او المؤسسات الحكومية المختلفة الاخرى ولن انسى ما حييت تلك الجلسة الثقافية الودية في قصر صاحبة السمو الملكي الأميرة نوف بنت عبد العزيز والتي اختتمت بجلسة شعرية امتدت لساعات طويلة وكانت تطلب سماع المزيد بل وكانت -حفظها الله- تجسد شعورها حين سماعها الشعر العربي الأصيل فهي من هواة سماعه والاستمتاع به,, هؤلاء هم نساء هذا البلد الذي يقدم سنوياً اعداداً هائلة من الخريجات وحاملات الشهادات العليا,, ولكن ما هي الأماكن غير المتعارف عليها والتي تعمل جاهدة لاعداد الكوادر المؤهلة تأهيلاً عالياً يليق ومكانة هذه البقعة الطيبة من العالم الاسلامي والعربي.
سمعت من قبل عن مكان يدعى (مركز الدراسات والتقويم) وتضاربت الآراء حوله فمنهم من قال انه مكان لا حياة فيه,, ومنهم من قال انه مكان للمغضوب عليهم لكني ايقنت بما قالته احدى زميلاتي حين وصفت ذلك المركز بأنه ركن هادىء جمع صاحبات الفكر والخبرة والرأي السديد فازدان بأفكارهن ونوّر بآرائهن فالحركة فيه دؤوبة وهو على الرغم من صغر حجمه وقلة امكاناته المادية باعتباره وليد السنوات القليلة الماضية، الا انه ازدان بآنية الزهور وجملت اركانه بعض النباتات الطبيعية ليصبح اكثر بهجة وروعة.
وشاء لي الله ان انخرط بالعمل في هذا المركز لأجد حقاً ما قالته زميلتي الاخيرة، وجدت الحب كل الحب مجسداً بالعلاقات الانسانية التي تسود الاعضاء.
وجدت الابتسامة الدائمة التي أوصانا بها سيدنا رسول الله عليه افضل الصلوات اذ قال: تبسمك بوجه اخيك صدقة وجدت الحب فتصورت انه مركز الحب والتواصل والتعاون والعمل الفريقي فتمنيت ان يطلق عليه مركز العلاقات الانسانية .
ومن الجدير بالذكر ان المشرف المسؤول عن هذا المركز هو سعادة وكيل الرئيس العام لتعليم البنات لشؤون الكليات الذي عرف بسعة ثقافته وايجابياته الدائمة وتشجيعه الابتكار والابداع بل ودعمه الدائم لما يقوم به المركز من اعمال وما يقدمه من مقترحات من شأنها الرقي بمستوى اداء الكليات في المملكة, ولعل من ابرز اعماله دليل الطالبة الذي صمم خصيصاً لمساعدة طالبات كليات البنات في المملكة لإرشادها وتعريفها بكل ما يخص الكلية ولتجنيبها التخبط والضياع ولتبديد قلقها حول كل ما لا تعلمه والمركز ممثلاً بعميدته التي لها من الخبرة ما يكفل ان شاء الله تطوير وضع الكليات وتصعيد فاعليتها في حسن الاداء قد جمع من التربويات من تبوأن مراكز قيادية في مجال تعليم البنات فجمعن ما بين الادارة والدراية وسعة الافق مما يضمن إن شاء الله للكليات مستقبلاً اطيب حالاً وأوفر قدرة على كفاءة الانتاجية في عصر تزاحمت فيه العلوم وغزت التقنية الحديثة المنازل فصار التطوير حاجة ملحة لمقابلة هذا التقدم العلمي السريع, ولعل من الأهداف التي وضع من اجلها المركز المذكور هي:
- وضع خطة شاملة متكاملة لتطوير الاداء في مجال التعليم العالي لكليات البنات:
- تطوير طرق التدريس وتقييم الخطط الدراسية ووظائف الكليات.
- تشجيع استخدام الوسائل التقنية الحديثة في التعليم والتدريب على استخدامها.
- انشاء مكتبة خاصة بالمركز تزود بأحدث الدراسات والبحوث والكتب والدوريات التي تفيد التعليم العالي وباللغتين العربية والانجليزية وربطها بالحاسب الآلي.
اعداد التقارير السنوية الشاملة للكليات.
- تشجيع الابحاث والدراسات في مجال التطوير الجامعي.
والمركز يقوم عادة بإعداد النشرات والادلة والبرامج التدريبية لاعضاء هيئة التدريس والاداريات ان اقتضت الضرورة وبحث المشكلات والصعوبات التي تواجه التعليم وتحليلها وتذليلها بوضع الحلول المناسبة كما يقوم بتوفير المعلومات وجمع الدراسات التي تدعم تطوير الاداء الاكاديمي والاداري لكليات البنات.
والمركز على الرغم من صغر حجمه مساحةً فهو يتألف من الاقسام التالية التي من شأنها الارتقاء بمستوى التعليم العالي وهي:
قسم التطوير الجامعي - قسم الدراسات والبحوث - قسم الطباعة والنشر والاعمال الفنية - قسم التوثيق والاحصاء وقسم السكرتارية.
ولعل من المقترح هنا ان يقيم المركز بعد التوسعة المتوقعة في فترة بسيطة ان شاء الله اجتماعاً ثقافياً تربوياً تستقطب فيه المراكز القيادية النسائية ومجموعة التربويات والمثقفات من هذا الوطن العزيز للوقوف على اعماله وتطلعاته المستقبلية في تطوير اعمال كليات البنات كتأكيد لما قدمته لنا الذكرى المئوية للتوحيد والبناء والتي تدفعنا الى مواصلة هذه المسيرة الغالية بالعمل الجاد المثمر والتطوير بما يتلاءم وتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف وقيم مجتمعنا المستمدة منه وللاطلاع على المكتبة التي يتوقع ان تكون منهلاًخصباً ومرجعاً ثرياً يحتوي على كل ما هو جديد في مجال التربية والتعليم وحاوياً لكل الوسائل الممكنة التي ستساعد طالباتنا في فترة التطبيق العملي من طرق تدريس مسجلة على افلام مرئية وقصص مناسبة للمراحل الثلاث: الابتدائي، والمتوسط والثانوي وادلة مساعدة وكل ما يدعم عملها كمدرسة ناشئة مما يقوي اساسها ويدفعها للابداع والابتكار.
ان مركز الدراسات والتقويم الذي يعتبر مركزاً للتطوير والبناء والتجديد وتقويم نقاط الضعف ان وجدت - ليتوقع منه ان يصبح بعون من الله سبحانه ثم بدعم القائمين عليه اكبر مركز يصب عصارة جهده في كليات البنات ليخرج لنا المعلمة التي ننشدها ويحتاجها المجتمع الكريم في وقت نحتاج فيه الى المعلمة القادرة على ربط المواد النظرية بالعملية بل وتطبيقها على ارض الواقع,, بحاجة الى المعلمة التي يلاحق عملها كل طالبة من طالباتها فيخترق بذلك كل منزل ليدفع الامهات إلى التواصل والعمل مع المدرسة كفريق واحد ينتمي الى مجتمع واحد فيمد له يد الخير والعطاء ويتولى تربية هذا الجيل بشكل يليق ويتوافق مع حاضرنا ويعتز بماضينا ويقدم لنا المواطن الصالح الذي ننشده، وقد قال رسول الله عليه افضل الصلوات المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا .
ان مركز الدراسات والتقويم بالدعم والايجابية الدائمة يمثل شعلة من النشاط والعطاء وتوارد الأفكار وتلاحق الامنيات من ان تصل كليات البنات الى المركز الذي يليق بها,, ليدعوني ان افخر وان اشكر من ساهم في انتمائي اليه في وقت لم اكن راضية فيه للتصورات الخاطئة التي رسمتها عنه قبل ان أنتمي اليه,, فما زلت اخدم بناتي الطالبات وما زلن شاغلي وهاجسي وعليه اسأل الله ان يمكنني لأقدم وزميلاتي كل ما هو جديد مفيد وكل ما يكفل النجاح لبناتنا ويجعل منهن امهات مثاليات ومدرسات ناجحات ومواطنات صالحات مخلصات,, فالعمل من اجلهن ومن اجلهن فقط متعة وراحة وهناء,, لأنهن أمهات الأجيال ومربيات المستقبل للحفاظ على رفعة هذا الوطن المعطاء.
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً .
د, رافدة الحريري
مركز الدراسات والتقويم