الحمدلله وحده، والصلاة على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن الوقف ثمرة من ثمار الحضارة الإسلامية حيث وجد وتبلورت صوره وأنماطه وأحكامه القانونية والاجتماعية في ظل هذه الحضارة الخالدة، وإن الناظر إلى التراث الفقهي الضخم في أحكام الوقف في كتب الفقه الإسلامي عبر العصور يدرك أن وراء هذه الحركة العلمية، وهذا الميراث الكبير وقائع وأحداث وصور على أرض الواقع أنتجت هذا التراث العلمي العظيم، وأدت إليه، مما يؤكد أن المجتمعات الإسلامية على مر العصور استطاعت أن تستثمر الوقف، وتوظفه توظيفاً صحيحاً في سبيل حركة الحياة، وإعمار الأرض، وبناء الحضارة الإنسانية وفق سنن الله في الأرض، ولقد عرفت المجتمعات الإسلامية في مختلف أنحاء الأرض، وفي كل الأزمنة آثار الوقف الإيجابية، فاستفادت منه، وحافظت عليه، ولعلنا في هذه العجالة نستعرض بعض آثار الوقف في المجتمعات الإسلامية:
1- استمرار حركة الإعمار والبناء الحضاري.
2- استمرارية عمل المشاريع ذات النفع العام: كالمدارس، والمساجد، والمستشفيات، والطرق، والجسور، والإنارة، وطباعة الكتب، وتعليم العلم, الخ.
3- بالإضافة إلى تحقيق المنفعة لعموم المجتمع: فان بعض الأوقاف تخص فئة أو فئات محددة قد لا تستطيع - دون هذه الأوقاف - تحقيق مصالح ومنافع، أو دفع مضار معينة، مما يجعلها فئات إيجابية في المجتمع ويلغي هوة الفروقات بين أفراد المجتمع.
4- تخفيف العبء عن كاهل الدولة في مشاركة الأوقاف في المشاريع ذات النفع العام.
5- فتح مجالات عديدة للاستثمار مما يعني إيجاد فرص أكثر للقوى العاملة في المجتمع المسلم، وحل مشكلة البطالة.
6- خلق فرص جديدة للتنمية.
7- دعم الإبداع الفكري والحضاري.
8- للوقف رسالة كبيرة في نشر الدعوة إلى الله من خلال تعيين الدعاة والأئمة، وتعليمهم، وطباعة الكتب، وغير ذلك من وسائل الدعوة.
9- تؤدي الأوقاف إلى ترابط الأسرة والمجتمع، فهي من وسائل البر والصلة، وهي صورة من صور الرحمة والود والتعاطف بين أفراد المجتمع المسلم.
10- يعتبر الوقف صدقة جارية ينتفع بها الواقف في حياته، ويتصل بها عمله بعد وفاته، كما انه من السنن الحسنة، والدلالة على الخير.
وبعد فهذه جملة من آثار الوقف على المجتمعات الإسلامية التي عرفتها الحضارة الإسلامية على مر تاريخها لعلها تنبهنا إلى قيمة الوقف وأثره وأهميته، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.