الاجتماع التشاوري الذي عقده قادة مجلس التعاون الخليجي في جدة أمس - وهو الأول - من نوعه منذ بداية مسيرة المجلس، عكس عمق ويقظة متابعة القادة للتطورات المتلاحقة على جميع الأصعدة: السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاعلامية والأمنية والدفاعية اقليميا وعالميا.
وهي متابعة تعبّر -فيما تعبّر- عن اهتمام قيادي بكل ما يوفر قوة دفع لمسيرة مجلس التعاون المباركة على طريق الأهداف الاستراتيجية المرسومة وصولا الى الغاية الأخيرة وهي تحقيق الوحدة التكاملية بين الدول الأعضاء وشعوبها التي وحّدت بينها تقاليد وعادات الحياة، وظروف البيئة، واللغة والعقيدة والقربى والآمال المشتركة في المستقبل الواحد والواعد.
ولهذا كانت المشاورات والمناقشات أمس قد تركزت حول الآليات التنفيذية لقرارات المجلس، واعادة تقييمها وتقدير ما يحتاج منها الى تطوير وترقية كفاءة بما يجعلها -الآليات- في مستوى تحديات الظروف والمستجدات ذات الانعكاسات الايجابية والسلبية على واقع دول المجلس وعلى حياة شعوبها.
ولعلّ مما أكسب مجلس التعاون النجاح في مسيرته المباركة هو هذه المرونة والحيوية التي يتناول بها القادة شؤون المجلس فيما يشبه النقد الذاتي لأدائه، ليس من منطلق الشعور بالتقصير في هذا الأداء ، وإنما من منطلق الطموح الى المزيد من القدرة والحيوية في تأمين كل فرص وأسباب النجاح للمجلس باعتبار ان تجربته الوحيدة تكاد تكون التجربة العربية الوحيدة التي نجحت في التغلب على جميع المعوقات المحلية والاقليمية والدولية، وتجاوزتها بإرادة سياسية موحدة وعزم رجولي واحد الى بر الأمان وأصبح رصيد التجربة في سنواتها الماضية زاداً لتطلعات المستقبل.
الجزيرة