كل الذين تحدثوا عن قصف مبنى السفارة الصينية في بلجراد من الدول الاعضاء في الحلف الأطلسي، او قادة الحلف الأطلسي وصفوه بأنه خطأ مأساوي,.
وهو فعلاً كذلك، إلا ان الذي يجب ألا يضيع في ظل تنامي الحديث عن هذا الخطأ المأساوي، هو المآسي الكبرى التي تشهدها حرب كوسوفا، وبالذات مايجري لشعب كوسوفا, فقصف مبنى السفارة الصينية في بلجراد خطأ,, وخطأ فادح، والقتلى الأربعة الذين ذهبوا ضحية هذا الخطأ أبرياء,, لاناقة لهم ولا جمل فيما يدور من حرب بين الصرب والحلف الأطلسي,, سوى أنهم يقومون بواجبهم كموظفين بعثتهم بلادهم لمراقبة مايدور في هذه الحرب، بالمناسبة الضحايا الاربعة، ثلاثة منهم صحفيون، مراسلة وكالة الانباء الصينية، وصحفي صيني وزوجته، والرابع الملحق العسكري , اذن فالقتلى الاربعة كانوا يؤدون واجبهم، وهذه ضريبة الولاء للوطن ,, ومجرد بقائهم في بلجراد يعني تقبلهم المخاطرة وهو مايقوم به الدبلوماسيون والصحفيون والملحقون العسكريون في الحروب,, الحروب التي لاتفرق بين مقاتل,, او مراقب,, او صحفي ينقل الأحداث,, او يبحث عن الحقيقة,, ولايوجد في الحروب شيء اسمه القتال النظيف الذي يتركز على الذين يخوضون القتال فقط، فضحايا الحروب من الابرياء كثيرون,, والقتلى الصينيون من هؤلاء.
والشيء المؤكد الذي يعرفه الصينيون اكثر من غيرهم ان قادة الحلف الأطلسي ليسوا من الغباء بحيث يستهدفون سفارتهم لاطلاق الصواريخ عليها وقتل بعض من كان فيها، لأن قادة الأطلسي ليسوا بحاجة الى وجع رأس ومشاكل سياسية مع دولة تحتل مقعداً دائماً في مجلس الأمن وتمتلك سلاح الفيتو .
والشيء المؤكد الآخر والذي يعرفه الجميع ان عمليات القتل والإبادة الجماعية للقرى الكوسوفية واغتصاب النساء المسلمات وعمليات العزل العنصري التي تتم في اقليم كوسوفا ومن أجلها اندلعت الحرب,, عمليات اقدمت عليها حكومة صربيا وخططت لها وأن ضحايا هذه العمليات يكادون يصلون الى مليون مشرد، وآلاف القتلى ومئات النساء المغتصبات, ولهذا نأمل ألا تُضخَّم حادثة قصف السفارة الصينية فينشغل العالم بمقتل اربعة وينسى مئات الآلاف,,!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com