يلتئم اليوم بمدينة جدة شمل قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست في أول لقاء تشاوري بينهم، يخلو من كل المظاهر والمراسم البروتوكولية المتبعة عند استقبال قادة الدول.
ومعنى هذا ان اللقاء لن يكون لقاء بين زوار ومزور، ذلك لأن المرء لا يعتبر زائرا حين ينتقل من بيت لبيت آخر، ثان أو ثالث أو رابع أو خامس أو سادس له.
وبهذا المفهوم الذي يقره أسلوب اللقاء اليوم بين القادة يجعل من جدة والرياض توأمتين لكل من الدوحة والكويت ومسقط والمنامة وأبوظبي، وتفاوت المسافات بين هذه وتلك لا يشكل فارقا أو عائقا يمنع أو يعرقل الوصول اليها والتنقل بينها.
وهذه أولى دلالات هذا اللقاء التشاوري الأول بين القادة الأبرار الذين تربط بينهم وشائج القربى، دما وعقيدة ولغة، ووجودا ومصيرا، وهي وشائج فوق روابط العلاقات الأخرى التي تجمع بين الأخوة كما تجمع بين الأضداد!
ودلالة أخرى للقاء التشاوري اذ يتبلور فيه -كمبادرة على مستوى القيادة العليا- تطبيق مبدأ حرية انتقال مواطني دول المجلس بدون قيود وبدون شكليات باعتبار ان البحريني سعودي وان السعودي كويتي، وان الكويتي عماني، وان العماني اماراتي، وان الاماراتي أولئك جميعا.
وهكذا فإن مبدأ حرية تنقل مواطني دول مجلس التعاون وبدلالة لقاء القادة في جدة اليوم يمكن ان يقال انه اصبح واقعا بعد ان كان حلما وأملا مرجوا.
ومن دلالات اللقاء ايضا انه أول اشارة من نوعها الى استشراف أفق الوحدة التعاونية التكاملية بجميع أبعادها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والاجتماعية والانسانية والثقافية والاعلامية، وأخيرا الأمنية والدفاعية.
وهذه الوحدة كانت وما زالت الغاية القصوى لجميع الخطط والأهداف الاستراتيجية التي رسمها القادة في أول قمة لهم بمدينة ابوظبي في 25 مايو 1981م والتي انطلقت بها فعاليات العمل التعاوني بين مختلف اللجان المتخصصة- وفيما بعد المؤسسات المتخصصة - التي تم انشاؤها على مستويات وزارية, واننا بهذه المناسبة الغالية، مناسبة لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعو وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني -حفظهم الله- بأشقائهم قادة دول مجلس التعاون اليوم في جدة، لنتطلع مع ملايين ابناء شعوبنا الى ما سيسفر عنه لقاء اليوم في جدة من نتائج لن تكون أقل وعدا بالخير والمزيد من النجاحات على طريق المسيرة المباركة مما أسفرت عنه لقاءات سابقة من نتائج,
وفق الله قادتنا لما فيه خير دولنا وشعوبنا وخير أمتنا العربية والإسلامية.
الجزيرة