تتعرض المملكة العربية السعودية كغيرها من الدول الى دورات اقتصادية مختلفة تتراوح بين الانتعاش القوي والكساد الحاد نتيجة للتغيرات الاقتصادية المحلية والاقليمية والدولية, واذا كانت درجة الانكشاف الاقتصادي عالية أي اذا كانت نسبة الصادرات والواردات الى الناتج القومي المحلي مرتفعة كما هو الحال بالنسبة للاقتصاد السعودي فإن درجة التأثر بالمتغيرات الاقليمية والدولية تكون مرتفعة ايضا, ومما لاشك فيه فإن من المفترض والمتوقع ان تقوم الجهات المسؤولة عن ادارة ومتابعة وتنفيذ السياسات المالية والنقدية للبلد بوضع الحلول المناسبة لمواجهة معطيات الدورة الاقتصادية وبالشكل الذي يحد أو يخفف من آثارها المتعددة ويحمي المواطن منتجا كان أم مستهلكا من صدماتها الاقتصادية والاجتماعية المتوقعة, ولعلنا في هذه الأسطر نستعرض الفترات الاقتصادية المختلفة التي مر بها الاقتصاد السعودي لنتعرف على الاتجاهات العامة التي من خلالها تم ضبط المتغيرات الاقتصادية في اطار معلوم الحدود ولنتعرف على دور الرسوم المفروضة على بعض السلع والخدمات العامة في هذا المجال وذلك على النحو التالي:
الفترة الأولى: فترة ما قبل الطفرة الاقتصادية
لقد كان الاقتصاد السعودي خلال هذه الفترة منغلقا الى حد ما نتيجة لعدم وجود القاعدة الانتاجية الجيدة التي يمكن ان تكون أساسا للتبادل التجاري الدولي وبالتالي فقد كانت درجة الانكشاف آنذاك منخفضة جدا مما يعني ان الاقتصاد السعودي كان الى حد ما بعيدا عن المؤثرات العالمية والاقليمية.
ومما لاشك فيه فإن هذا الاستقرار لم يكن يعني على الاطلاق الأفضلية حيث كان الاقتصاد السعودي آنذاك يتصف بالصفات التالية:
1- البدائية الشكلية والجوهرية الملازمة لمعظم الأنشطة الاقتصادية.
2- ضيق نطاق العمليات التنموية وتمركزها في مناطق ومدن معينة وعلى أنشطة ومجالات معينة.
3- انخفاض مستوى دخل الفرد نتيجة لانخفاض الدخل القومي.
4- ضعف المقدرة المالية للقطاع العام مما حد من قدرته التمويلية والتنموية.
5- محدودية وقلة مصادر الايراد الحكومي مما ساهم في الحد من الإنفاق الحكومي.
6- ضعف البنية التحتية اللازمة لتفعيل دور وتشجيع القطاعات الاقتصادية المختلفة.
7- ضعف الهيكل الاداري نتيجة لعدم توفر الكوادر الادارية المؤهلة ونتيجة لانعدام الخبرة اللازمة لدى المتاح من المؤهلين.
ونتيجة لهذه المواصفات أوالصفات العامة فقد ظل الاقتصاد السعودي ينمو بمعدلات بطيئة جدا قد لا تتجاوز معدلات النمو السكاني مما زاد من الأعباء الاقتصادية والمالية التي يجب توفيرها لتأمين مستوى معيشي أفضل أو على الأقل يتسم بالاستقرار.
ومع هذا الوضع الاقتصادي المتردي، ومع الضوائق المالية التي كانت الدولة رعاها الله تواجهها، ومع الزيادات الكبيرة في النفقات الحكومية العامة، إلا أنها ظلت تنفق وفق ما يتاح لديها من ايرادات عامة ولم تلجأ على الاطلاق الى فرض رسوم أو ضرائب على المواطنين لمعرفتها المسبقة بواقع حال المواطن ولرغبتها في عدم المساس بمصالح المواطنين الرئيسة.
الفترة الثانية: 1973م- 1982م:
شهدت هذه الفترة نهضة اقتصادية هائلة نتيجة للارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط ابتداء من الوقفة الشجاعة التي تبناها جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز -يرحمه الله- عندما شهدت أسواق البترول أول حالة يتم فيها استخدام النفط كسلاح فاعل خلال الحرب العربية- الاسرائيلية, ولقد استمرت أسعار النفط في الارتفاع التدريجي حتى 1979م عندما ارتفعت ارتفاعا هائلا نتيجة لعدة عوامل كان أهمها قيام الثورة الايرانية واندلاع الحرب العراقية-الايرانية فيما بعد وتخوف العالم آنذاك من قدرة الثورة على الانسحاب الى المناطق النفطية المجاورة لايران بما فيها منطقة الخليج, ونتيجة لاعتماد الاقتصاد السعودي على النفط كمصدر رئيسي للدخل، فقد صاحب هذه الزيادة في الأسعار زيادة كبيرة ومماثلة في الايراد الحكومي مما مكن الدولة -يحفظها الله- من التوسع في الانفاق الحكومي ولدرجة فاقت تصور الجميع, فقد ساهمت الزيادة في الايرادات في احداث نقلة تنموية شاملة طالت كل ارجاء البلد وشملت كل مجالات الحياة حتى أصبح المواطن السعودي ينعم بمستوى معيشي مرتفع وحتى أصبح دخل الفرد السعودي يضاهي ما هو سائد في أغنى الدول وأكثرها تقدما, لقد سارعت الحكومة الى اشراك المواطن في التنعم بنعيم الطفرة عن طريق الهبات والقروض المجانية والميسرة وعن طريق المساعدات غير المحدودة حتى استطعنا ان نحول المستحيل الى حقيقة كما حدث في القطاع الزراعي الذي لا شك كلفنا الكثير والكثير من ايراداتنا العامة, لقد تعاظمت النفقات خلال هذه الفترة ولكن الايرادات كانت تتعاظم بمعدلات أعلى وبالتالي لم يلاحظ المواطن السعودي أي محاولة من الحكومة لفرض أي نوع من أنواع الرسوم أو الضرائب بل كانت بعد الله سبحانه وتعالى المعطي الدائم والممول الكريم, لقد حرصت على تقديم كل الخدمات الصحية والتعليمية مجانا كما حرصت على تنفيذ البنية التحتية على أرقى المواصفات ولم تحرص على تقاض مقابل استخدامها, بشكل عام لقد تبرعت الدولة بتأمين كل شيء تستلزمه رفاهية المواطن دون مقابل يذكر, وعليه نستطيع القول بأن فرض الرسوم ليس عادة محببة لدى الحكومة وليس منهجا دائما يتم اللجوء اليه بغض النظر عن المتغيرات الاقتصادية المحيطة.
الفترة الثالثة: 1982م- 1988م
كما أشرنا سابقا فقد سارعت الحكومة الى زيادة انفاقها العام نتيجة لزيادة ايراداتها العامة ونتيجة لرغبتها في تحقيق التنمية الشاملة والرفاهية العالية للمواطن السعودي, إلا ان المتغيرات الاقليمية والعالمية المحيطة قد ساهمت وبشكل سريع في الحد من الايرادات الحكومية وزيادة النفقات العامة حيث أدت الزيادة الكبيرة في الانتاج العالمي من النفط والانخفاض الكبير في الطلب العالمي عليه الى انخفاض النفط بشكل كبير مما أدى الى انخفاض الايراد النفطي وبمعدلات متسارعة, كما ان اتساع وتطورات الحرب العراقية- الايرانية واتساع وكبر حجم القطاع العام في المملكة قد أدت الى تعاظم متسارع في النفقات الحكومية الذي بدوره قاد الميزانية العامة الى أول حالة عجز حقيقي بعد سنوات الطفرة الاقتصادية, ومما لاشك فيه فإن هذا الوضع الجديد قد تطلب التدخل السريع للحد من الانفاق العام وزيادة مصادر الدخل الحكومي كما حدث في أوائل عام 1982م عندما صدر برنامج ترشيد الانفاق العام وعندما تم فرض أو زيادة بعض الرسوم على بعض الخدمات العامة وذلك بهدف الحد من أو تقليل الفارق بين الانفاق الكلي والايراد الكلي, وبالتالي نستطيع القول بأن اللجوء الى فرض أو زيادة الرسوم لم يتم إلا في حالات خاصة شهدت عجزا في الموازنة العامة, كما نستطيع القول بأن الدولة لم تحل بمواقفها الثابتة حيال تأمين وتوفير الخدمات الضرورية بالمجان كما هو الحال بالنسبة للتعليم والصحة وذلك بغض النظر عن الأوضاع الاقتصادية وبغض النظر عن حال الموازنة العامة.
الفترة الرابعة: 1988م- 1990م
شهد عام 1988م نهاية الحرب العراقية- الايرانية مما ساهم في خفض الانفاق العام كما شهد تحسنا بسيطا في الطلب العالمي على النفط مما ساهم في زيادة الايراد الكلي وهذا بدوره أدى الى قيام الحكومة بالغاء او تخفيف الرسوم المفروضة كمحاولة لاشراك المواطن في الاستفادة من الوضع الجديد بعد ان شارك في تحمل تكلفة الوضع السابق, وهذا الاجراء يؤكد لنا الحقيقة التي سقناها في السابق والتي تقول بأن فرض الرسوم أو زيادتها منهج استثنائي يتم اللجوء اليه عند الحاجة فقط.
الفترة الخامسة: 1990م- 1999م
لم يكد الاقتصاد السعودي يسترد عافيته ويسترجع أنفاسه في أعقاب الحرب العراقية الايرانية حتى عاد النظام العراقي مرة أخرى ليرتكب أكبر حماقة يمكن ان يرتكبها مجنون وذلك باجتياحه لدولة الكويت الشقيقة وتهديده للأراضي السعودية مما دفع المملكة الى واقع آخر جديد له في هذه المرة مساس بكيانها وله في هذه المرة نتائج وخيمة ان لم يعالج معالجة واقعية ومنطقية بعيدا عن التنظير العاطفي.
وهذا بدوره ساهم وبشكل كبير في زيادة الانفاق العام وبشكل خاص الانفاق العسكري مما زاد من معاناة الموازنة العامة ومما سرع في استنزاف الاحتياطي الحكومي الذي كان قد تولد خلال فترة الطفرة بل ومما قذف بالموازنة العامة في غياهب العجز الخطير, وبالتالي فقد كان لزاما على الجهات المسؤولة عن تنفيذ السياسات المالية للبلد أن تبحث عن أفضل السبل الذي يجنب البلد الاعتماد على الاقتراض من العالم الخارجي ويساهم في الحد من الإنفاق العام وزيادة الايراد العام, وعليه فقد كان فرض أو زيادة الرسوم احد افضل السبل التي من الممكن ان تساهم في زيادة الايراد الكلي، ولكن عندما تحسن الحال نسبيا تم رفع القيد عن التعيين كوسيلة لتشجيع الشباب على الانخراط في ميدان العمل الحكومي كوسيلة لتحسين المستوى المعيشي للفرد والمواطن السعودي، وعليه نستطيع القول: ان اللجوء الى او ترك الرسوم ما هو الا سياسة مالية استثنائية لا تتمتع بصفة الديمومة وتخضع لاعتبارات اقتصادية واجتماعية بحتة لها علاقة بالمتغيرات الاقتصادية العالمية والاقليمية التي ربما لا يكون للاقتصاد السعودي ومتغيراته المختلفة علاقة مباشرة بها.
ومن خلال العرض التاريخي السابق نستطيع ان نخلص الى العديد من الملاحظات والحقائق العامة وذلك على النحو التالي:
1- ان تدخل الجهات المعنية عن السياسات المالية للبلد مطلب اقتصادي ملح لتحقيق السيطرة او التأثير على المتغيرات الاقتصادية خلال مراحل الدورة الاقتصادية المختلفة.
2- إن فرض او زيادة رسوم بعض السلع والخدمات يمثل احد اهم السياسات المالية التي يمكن ان تلعب دور المؤثر خاصة في حالة عدم وجود الرغبة في تمويل عجز الموازنة العامة عن طريق الاقتراض من الخارج والذي له آثار سلبية عديدة لعل اهمها اضعاف الموقف المالي للدولة وتعاظم خدمة الدين مع مرور الوقت.
3- ان فرض او زيادة رسوم بعض السلع والخدمات قد تم في حالات استثنائية خاصة لا تلبث الجهات المعنية ان تتخلى عنها بمجرد زوال الاسباب.
4- ان القطاع العام قد توسع كثيرا خلال فترة الطفرة الاقتصادية حيث تحمل مهمة تأمين الكثير من السلع والخدمات التي هي في طبيعتها من اختصاص القطاع الخاص، واذا كان ذلك مقبولا وممكنا في الاوضاع الاقتصادية الجيدة التي سادت خلال فترة الطفرة فإنه لم يعد ممكنا في الوقت الحاضر نتيجة للصعوبات المالية التي يواجهها القطاع العام وبالتالي فإننا نحتاج وبسرعة فائقة الى اتخاذ بعض الاجراءات التي تستهدف تصحيح الوضع ومنها:
(أ) تفعيل دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية السعودية والعمل على الحد من توسع القطاع العام يجب ان نعطي القطاع الخاص دوره الحقيقي حتى نستطيع التعامل مع متغيراتنا الاقتصادية بكل فاعلية وكفاءة اقتصادية وحتى نستطيع ان نحقق الاستغلال الامثل لمواردنا المتاحة وحتى نخفف من اللوم الذي يمكن ان يلام به القطاع العام في حالة تردي او قلة المعروض من الخدمة التي تحمل مهمة تأمينها من باب الكرم الجم لا من باب المسؤولية الاقتصادية.
(ب) ضرورة عمل المستحيل من اجل زيادة مصادر الدخل للدولة عن طريق التوسع في فرض او زيادة الرسوم على العديد من السلع والخدمات التي يتولى القطاع العام مهمة تأمينها, وهنا يجب ان نخضع هذا النوع من السلع والخدمات للدراسة والبحث حتى نستطيع الوصول الى سياسة متكاملة ومترابطة تقوم على اساس اقتصادي يراعي الجوانب الاجتماعية التي ما زالت حكومة هذا البلد رعاها الله تؤكد اهميتها وتحرص على حمايتها,, اعتقد ان كتب المالية العامة وتجارب العالم مليئة بالحقائق العلمية التي يمكن ان تكون اساسا لصياغة الخطة المتكاملة التي تهدف الى تأمين مصادر دخل ثابتة وتحقق الرضا الاجتماعي بين فئات المجتمع المختلفة، اقتصاديا هنالك قاعدة عامة تقول بأن فرض الرسم او الضريبة يجب ان يكون على السلع والخدمات التي تتمتع بمرونة طلب عالية بحيث يمكن لمن يرغب تلافيها تحقيق ذلك، وتطبيق هذه القاعدة يتمشى مع التوجه العام لحكومتنا الرشيدة التي تحرص على عدم المساس بالسلع والخدمات الاساسية للمواطن السعودي لكون هذا النوع من السلع والخدمات لا يتمتع بمرونة طلب عالية، دعونا باختصار نستعرض على سبيل المثال لا الحصر العديد من الخيارات التي تتمشى مع القاعدة العامة وتحقيق عائد مالي مناسب.
* الخدمات الصحية: تشتكي المستشفيات الحكومية في الوقت الحاضر من زيادة اعداد المراجعين وبشكل لم تتمكن معه من تقديم الخدمات الصحية المناسبة مما دفع بالكثير من المواطنين الى البحث عن البديل في القطاع الخاص الذي لا شك وجدها فرصة متاحة لتعظيم الربح على حساب حاجة المواطن للخدمات الصحية، وهنا اقول ماذا لو تم فرض رسم بسيط على استهلاك الخدمات الصحية,,؟
أعتقد ان المواطن السعودي سيكون اكثر سعادة عندما يعلم بأن تحمله لهذا الرسم البسيط سيعود بالفائدة على الخدمات الصحية كما و نوعا، ان فرض مثل هذه الرسوم مطلب ضروري في الوقت الحاضر من اجل المحافظة على تطوير الخدمات الصحية ومن اجل ترشيد استهلاك المواطنين والمقيمين لهذه الخدمات الضرورية، وعلم بأن القطاع العام لم يعد قادرا على البذل كما كان في السابق وبالتالي يجب ان نعلم بأن تأمين الخدمة المتميزة يتطلب المساهمة في تمويلها.
* الخدمات التعليمية: لقد بذل القطاع العام عندما كان مقتدرا الجهد والمال في سبيل تنمية وتطوير الخدمات التعليمية لتصل الى جميع المواطنين في كل ارجاء مملكتنا الحبيبة,, وحتى نستطيع المحافظة على هذه الخدمة في ظل المتغيرات الاقتصادية السائدة وحتى نضمن دخلا مستقرا يمكن ان يساهم في تحقيق المواكبة الدائمة للمستجدات العلمية فإن المساهمة الوطنية تبدو مطلوبة في هذا الوقت اكثر من اي وقت مضى نعلم جميعا بأن المجتمع السعودي ينمو وبشكل كبير مما يعني ضرورة تأمين الخدمات التعليمية وبمعدلات تماثل ان لم تفق معدلات النمو السكاني وبالتالي فان القطاع العام ربما لم يعد قادرا على تحقيق هذه المعدلات دون ان يشاركه المواطن المسؤولية اعتقد ان فرض رسم بسيط على كل طالب وطالبة قد يحمينا من اللجوء الى المدارس الاهلية التي تنتظر وتتمنى تزاحم الطلبة في المدارس الحكومية وتنتظر عجز المدارس الحكومية عن تأمين الحد الادنى من البيئة التعليمية المناسبة.
* خدمات المواصلات: يفتخر الجميع بما تحقق في مجال المواصلات وبشكل خاص الطرق البرية حيث انفق القطاع العام في سنوات المقدرة اموالا طائلة من اجل ربط اجزاء مملكتنا الحبيبة بشبكة حديثة من الطرق وهنا اعتقد ان المحافظة على صيانة هذه الطرق قد تكون اكثر مشقة واكثر تكلفة ان لم نسارع في ايجاد الآلية المناسبة التي تكفل المورد المالي المناسب لهذا الغرض اعتقد اننا لم نخالف منطقا عندما نفرض رسما بسيطا على استهلاك هذه الطرق خصوصا الطرق السريعة التي تربط بين مناطق المملكة المختلفة والتي تستخدم في الغالب لأغراض تجارية يجب ان يتحمل مستخدم الطريق نصيبا اكبر في صيانة الطريق يجب ان يتحمل صاحب الشاحنة نصيبا اكبر من صاحب المركبة الصغيرة، اعتقد ان فرض مثل هذا الرسم يتوافق مع المنطق الاقتصادي ولا يتعارض مع مصالح المواطنين, هنا لن يتحمل المواطن التكلفة ما لم يجد ان العائد المرجو من رحلته يفوق التكلفة المتوقعة ومن لا يرغب في دفع الرسم عليه الا يستخدم الطريق.
* رسوم استيراد العمالة الاجنبية: وهنا اعتقد ان الواجب الوطني يتطلب منا زيادة هذا النوع من الرسوم وبشكل سريع حتى نستطيع ترشيد استخدام هذا النوع من العمالة وحتى نستطيع تحقيق التوازن بين تكلفة العامل الاجنبي وتكلفة العامل السعودي اعتقد ان زيادة هذه الرسوم ستكون الآلية الوحيدة التي يعترف بها القطاع الخاص حيث سيعيد دراسات الجدوى ليحدد ما اذا كان من مصلحته اقتصاديا الاعتماد على العامل الاجنبي ام العامل السعودي,
هنا نجد ان المواطن الذي لا يرغب في تحمل هذا الرسم يستطيع تلافيه وبالتالي فان الطبقة المتوسطة والفقيرة ستجد نفسها في مأمن لكونها ببساطة لا تخضع لمثل هذه الرسوم.
المخالفات النظامية والتنظيمية: لا يختلف اثنان على ان الحوادث المرورية تستنزف منا الكثير من الموارد البشرية والمادية وبالتالي فان زيادة رسوم هذه المخالفات ستكون الآلية المناسبة التي نستطيع من خلالها الحد من هذه المخالفات , هنا نجد ان المصلحة الوطنية تتحقق في كل الحالات حيث إن زيادة الرسوم اما ان تؤدي الى الحد من المخالفات وهذا مطلب وطني او ان تساهم في زيادة الايراد الكلي وهذا ايضا مطلب وطني كما ان المواطن الذي يرغب في تلافيها يستطيع تحقيق ذلك عن طريق تلافي هذه المخالفات، وما ينطبق على المخالفات المرورية ينطبق على المخالفات الصحية والبلدية وغيرها.
اعتقد ان حكومة هذا البلد رعاها الله لا تحبذ مثل هذه الرسوم ولا تحبذ اللجوء اليها ولكن الواقع الاقتصادي الحالي ومستقبل الاجيال القادمة ربما يتطلب منا إعادة النظر في سياساتنا التمويلية حتى نستطيع اشراك الجيل القادم فيما تبقىمن نعيم الطفرة الاقتصادية، البذل اليوم يعني الامان في المستقبل ولا اعتقد ان المواطن السعودي سيبخل بالمشاركة في تهيئة الظروف الاقتصادية لابنائه في المستقبل, لذا يجب ان نعمل المستحيل من اجل توعية المواطن التوعية المناسبة ليأخذ في الاعتبار معطيات الواقع الاقتصادي بدلا من الاسترخاء المطلق على احلام الماضي.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية