والعالم اذا كان شاعرا فإنه كثيرا ما يضع قواعد بعض علمه في قصيدة أو منظومة يتيسر على الدارس فهمه, وذلك مثل منظومة ألفية ابن مالك في النحو مثلا أو غيرها من المنظومات الشعرية التي خدم بها أصحابها طلبة العلم والباحثين.
وقد كان الكثير منهم -وأعني بذلك العلماء- يقصد بذلك تسهيل حفظ قاعدة علمه أو جزءا من علمه, لأن الشعر بموسيقاه يكون أقرب الى الحفظ وأمكن في الذاكرة.
ولا أريد في هذه العجالة استعراض نماذج كثيرة مما خلفه العلماء من أشعار توضح بل تبسط علمهم لتلامذتهم, وإنما اكتفي في هذا بنقل ما قاله حيدرة واسمه علي بن سليمان اليمني النحوي التميمي الذي كان يعد من وجوه أهل اليمن وأعيانهم, علما, ونحوا, وشعرا, والذي كان مولده ببلاد بكيل من أعمال ذمار- وبكيل كما جاء تعريفه في معجم الأدباء مخلاف من مخاليف اليمن سمى باسم بكيل بن جشم, أما وفاة حيدرة فكانت سنة 599ه ومن شعره الذي حصر فيه جمع التكسير وجعله ما يشبه القاعدة النحوية لجمع التكسير من حيث ذكر عدد أوزانه بالاضافة الى سياقه أمثلة من التفعيلات, وتمثيلها في كلمات تقاس بها ويسهل بها في نفس الوقت حفظها, هذه الأبيات:

سألتَ عن التكسير فاعلم بأنها ثمانية أوزان جمع المكسَّرِ فأربعة أوزان كل مقلل وأربعة أوزان كل مكثّر فِعال وأفعال وفُعل وأفعُلٌ وأفعِلة منها وفِعلان فانظر ومنها فعول يا أخي وفعلة وتمثيلها ان كنت لما تصوّر جمال وأفراس وأسد وأكبش وأكسية حُمر لفتيان حِمير أتونا عشاء في ربوع لفتية من التغلبيين الكرام ويشكر وكل خماسيّ إذا ما جمعته فآخره فاحذف ولا تتعثّر فتجمع قرطعبا قراطع سالكا به مسلك الجمع الرباعي المكثّر