مرة كتب احد الأساتذة العرب موضوعا تحت عنوان الميل الفكري واستهواني العنوان كما استهواني الموضوع الذي كان غاية في الامتاع,, وقلت في نفسي ليت هذا الاستاذ يكتب عن انواع عديدة من هذا الجنوح عن الطريق القويم في الاقتصاد وفي الادارة وفي السلوك والتعامل الاجتماعي,,, ذلك لأن الطفرة التي مررنا بها افرزت عدة اخطاء وسلبيات تحتاج الى بحث وتحتاج الى تعديل.
* واذا جاز لي ان استعير شطرا من عنوان ذلك الاستاذ الفاضل فإن هذه المقالة القصيرة ستكون عن الميل الاجتماعي .
* في السنوات الماضية تدفقت الثروة على بلادنا بشكل لم تعرفه اي بلد في العالم,, فقامت الدولة بتنفيذ مالايحصى من المشاريع الحيوية في جميع القطاعات وبذلت اقصى جهودها في سبيل الرقي بالمواطن السعودي وتوفير الرفاهية له,, ونفذت خططها الخمسية بكل دقة وحرص ومتابعة حتى اصبح المواطن يعيش في مستوى اجتماعي وحضاري لم يصل اليه اي مواطن في الدول المتقدمة,, وهذا شيء طيب يستحق الشكر,, والعرفان لله تعالى ثم للمسئولين الذين كانوا وراء هذه الرفاهية والانجازات العظيمة.
* لكن مانود ان نقوله بكل صراحة هو ان هناك نسبة كبيرة وغالبة من المواطنين لم تحسن التصرف بهذه النعمة وتلك المعطيات فراحت تبذر هذه النعمة في البهرجة الفارغة والكماليات والسيارات الفخمة جدا,, والفرش الانيق,, الخ.
* وبعض هؤلاء الذين هبطت عليهم الثروة أو استفادوا من التعويضات التي دفعتها لهم الدولة لقاء نزع الملكيات من اجل تطوير المدن,, هؤلاء ايضا لحقوا بالركب فأصبحوا من هواة البذخ,, والسفر,, والتظاهر,, فبددوا الاموال الكثيرة دون ان ينظروا الى مصلحة بلدهم ومجتمعهم,,,!!.
* ومنهم من ورط نفسه في عادات ذميمة ,,, لان الاموال التي تدفقت عليه كالنهر مكنت الشيطان من الاستيلاء على عقله وقلبه وبصره فأصبح يخبط خبط عشواء,,,!!.
* حدثني احد الاصدقاء عن واحد من هؤلاء الذين اصبحوا اثرياء جداً بعد ان كانوا على الحديدة ,,!, كما يقال - وذكر لي كيف جرته رغباته واهواؤه الى حد التبذير الخرافي والإتلافي المحموم,,!!.
* ثم هاهو اليوم يعيش في حالة يرثى لها من المرض والديون,, ان النعمة اذا لم يحفظها الانسان ويصونها ويشكر ربه عليها تتحول الى نقمة,, والى لعنة تحرق الأخضر واليابس,,!!.
* وعرفت صديقا بسيطا كان مثال الطيبة ومثال الخلق القويم والتواضع,,,!!.
ومرت سنوات فاذا بصاحبي يتغير,, اصبح يملك سيارة فارهة واصبح من رجال الاعمال الاثرياء,, وهذا من فضل الله,, ولكنه اصبح يتعالى على كل من عرفهم في الزمن الخشن والايام السوداء.
* وتألمت لما فعلت المادة بصديقي فلم يعد ذلك الانسان البسيط المتواضع الذي كنت اعرفه بلا ملايين, في النهاية ليتنا نعود لذلك الزمن الجميل الذي مضى.
* لقد غيرت الطفرة المادية - والتي لن تعود - اشياء جميلة وقيما نبيلة كانت في مجتمعنا العربي كله,,, يجب علينا ان نسترد هذه الاشياء والقيم التي فقدناها وحبذا لو اجرت احدي جامعاتنا دراسة دقيقة حول هذا التغير الاجتماعي في جميع المجالات ,, من اجل علاج وازالة الترسبات الضارة وتعديل المسلك الخاطيء لشبابنا,,, وحبذا ايضا لو اقيمت الندوات والمحاضرات من قبل المختصين والخبراء في علم الاجتماع وعلاج كل خلل افرزته الطفرة المادية عن طريق الوسائل الاعلامية,, علاجا علميا ونفسيا,, بهدف العودة الى الواقع الجميل البسيط الذي كنا نعيشه,,!! في ذلك الزمن الماضي القريب الذي عشنا به زمنا رغدا,,!!.
على جدار القلب
* الهوى والشباب:
اخي عبدالله ابو المسامح - او ابو السمح - كلاهما من السماحة المطلوبة في هذا الزمن الموجع: أنا معك بأن معظم كتابنا قد ابتعدوا عن لغة العاطفة وشجن القلوب: ولكن لم يجف ينبوع الحب بعد,.
- اما سؤالك - عن ديوان الهوى والشباب: هل هو لأحمد عبدالغفور عطار، ام للأخطل الصغير -بشارة الخوري شاعر لبنان المغرد؟,, فأعتقد ان لكل منهما ديواناً يحمل نفس التسمية ولو ان الاستاذ العطار لم يعرف كشاعر مثلما هو الأخطل الصغير الذي يقول في قصيدة تحمل اسم ديوانه الموسوم بنفس الاسم,.
الهوى والشبابُ والاملٌ المن شودُ توحي فتبعثُ الشعر حيّا الهوى والشبابُ والأمل المن شودُ ضاعت جميعها من يديّا أيُّها الخافقُ المعَذّبُ ياقل بي نَزَحتَ الدموع من مقُلتيّا أفَحَتمٌ عليّ إرسالُ دمعي كلّما لاح بارقٌ في مُحَيّا أأنا العاشقُ الوحيدُ لتُلقى تبعاتُ الهوى على كتفيّا اسقني من لَماكَ أشهى منّ الخم رِ ونم ساعةً على راحتيّا انا ماضٍ غداً مع الفجر فاسكُب نَغَماتِ الحنَان في أذُنيّا |