الماء (أعز موجود وأغلى مفقود) من اكبر مشكلات العالم في البلاد التي تجري فيها الأنهار فكيف ببلاد مثل بلادنا قليلة الأمطار، كثيرة الصحراء، تحولت قراها الى مدن وزادت نسبة السكان فيها زيادة كثيفة، وفوق ذلك ما زال الاسراف في استخدام الماء مستمراً وليس في البيوت بل وفي الزراعة وسقيا حدائق المنازل, ولم تجد نفعاً حملات التوعية لأن الأمر تجاوز التوعية الى ضرورة تحديد الاستهلاك ثم رفع السعر فيما فوق ذلك.
لقد جاء قرار مجلس الوزراء في جلسته يوم 10/1/1420ه في وقته المناسب حين رسم خطة توائم بين حاجتنا للقمح وحاجتنا الأكثر للماء فقرر (ان تقوم وزارة الزراعة والمياه باعداد خطة طوارىء لانتاج القمح بهدف الاستعداد لزراعة اي كميات اضافية منه تحتاجها البلاد في الظروف الاستثنائية خلال مدة وجيزة).
القمح يمكن استيراده اما الماء فلا، وقد استنزفت زراعة القمح في السنوات الماضية المياه الجوفية، وقد وصلنا الى تصدير القمح ولكن كم فقدنا من المياه لأن الدراسات التي بني عليها انتاج القمح بكميات كبيرة كانت غير دقيقة، بما فيه احصائية ان لدينا مخزوناً مائياً يكفي لخمسمائة سنة، واذكر انني قرأت لأحد المختصين في المياه ان ما تستهلكه مدينة الرياض في سنة تستهلكه الزراعة في يوم واحد.
ان وضع استراتيجية متكاملة لوقف استنزاف المياه الجوفية اصبح مطلباً امنياً فكل شيء قابل للنفاد ويمكن استيراده والحفاظ على المخزون فقرار استيراده قرار صائب، وفي هذا المصب يأتي قرار مجلس الوزراء باعداد خطة طوارىء لانتاج القمح في الظروف الاستثنائية اما في الظروف العادية فاستيراد القمح افضل من استنزاف الثروة المائية، فالماء عند الطوارىء اهم من القمح، وهذه الاستراتيجية الجديدة لانتاج القمح عند الحاجة ووقف استنزاف الماء هي المخرج السليم من مأزق استنزاف المياه في زراعة القمح والشعير ونحوهما من المحاصيل الزراعية التي يسهل الحصول عليها في الظروف العادية، وقد نشرت جريدة عكاظ في 17/1/1420ه ان ما استنزف من المياه فيما بين عامي 1390 - 1414ه اكثر من 160 الف مليون متر مكعب بنسبة 32% من المخزون المائي المقدر بحوالي 500 الف مليون متر مكعب.
ان هذه الاستراتيجية تجنب بلادنا الأخطار المستقبلية لنقص المياه الذي بات العالم كله يشكو منه وخاصة البلاد ذات الطبيعة الجغرافية الخاصة التي تشهد تطوراً تنموياً وزيادة سكانية كثيفة كبلادنا ونرجو ان توضع ضوابط لاهدار المياه في المنازل والمزارع الذي لا يزال بدون حل بالرغم من كثرة ما قيل وكتب حوله.
د, عائض الردادي