غفلة أم تساهل من وزارة البترول,,؟؟ د, عبد الله بن ناصر الفوزان |
حين تتعاقد شركة البترول اليابانية في الخفجي مع ياباني من طوكيو مثلا براتب محدد بالريال السعودي، ثم يحدث بعد ذلك ان ينخفض سعر الريال السعودي أمام (الين) انخفاضاً شديداً بحيث تصبح جملة ال(الينات) التي يحولها الى بلده في نهاية كل شهر اقل بكثير مما كان يحوله قبل الانخفاض فإن من حقه ان يتظلم من ذلك ويطالب بالتعويض لأنه عند التعاقد معه قد أخذ في الاعتبار جملة الينات التي سيحصل عليها من تحويل راتبه بالريال الى ين، وهذا ما حدث لليابانيين الذين كانوا يعملون في الشركة عام 1399ه حيث كان الين امام الريال السعودي وقت التعاقد معهم يعادل - فيما يبدو (78) يناً لكل ريال واحد ثم ارتفع الين بعد ذلك ارتفاعاً شديداً جعل جملة الينات التي يحصل عليها اليابانيون العاملون في الشركة في نهاية كل شهر والتي يحولونها الى بلدهم تقل كثيراً عما كانوا يحصلون عليه عند التعاقد معهم، وقد قامت الشركة نتيجة لهذا بالكتابة لوزارة البترول تعرض عليها المشكلة وتطلب الموافقة على تعويضهم عن هذا النقص بحيث تعطيهم الفرق بين ما كانوا يحصلون عليه من ينات بعد تحويل رواتبهم من الريال السعودي الى الين الياباني عند التعاقد معهم وبين ما أصبحوا يحصلون عليه بعد ذلك بعد ارتفاع الين، وقد سموا هذا الفرق بدل عملة وقد حددت الشركة في خطابها سعر الين قبل ارتفاعه اي عند التعاقد ب(78 يناً لكل ريال) بحيث يكون هذا السعر هو الأساس الذي يحدد على ضوئه البدل المطلوب لكل عامل وفق سعر الين الجديد و(المرتفع طبعاً) عند صرف الراتب، وقد وافقت وزارة البترول على ذلك لأحقية العاملين لذلك ولعدالة الطلب، والى هنا والمسألة طبيعية تماماً واجراءات الشركة سليمة.
لكن الذي حدث بعد ذلك هو غير الطبيعي وغير السليم، فمع انه يفترض ان يسري هذا الاجراء على الذين تم التعاقد معهم قبل صدور موافقة وزارة البترول على اقتراح الشركة، او على الاقل يفترض ان يكون سعر الين امام الريال وقت التعاقد مع الجدد هو الذي ينظر له ويحسب الفرق على أساسه، فإن الشركة اعتبرت ذلك السعر القديم قاعدة عامة تطبق على الجميع بما فيها الحالات التي يتم التعاقد معها لاحقاً بصرف النظر عن سعر الين وقت التعاقد، وقد نتج عن هذا ان اصبحت الشركة تصرف مبالغ ضخمة لليابانيين العاملين لديها تفوق أحياناً رواتبهم الاساسية كبدل عملة على اساس انهم متضررون من ارتفاع الين حتى لو كان الين قد انخفض امام الريال بعد التعاقد، فيحدث مثلاً (على سبيل الافتراض) ان تتعاقد الشركة مع احد اليابانيين براتب محدد بالريال السعودي في وقت يكون فيه سعر الين امام الريال (20 يناً لكل ريال) ثم يحصل ان ينخفض سعر الين بعد ذلك امام الريال فيكون مثلا (23) وبدلاً من ان تقوم الشركة بتخفيض راتبه تمشياً مع الفلسفة التي انطلقت منها قاعدتها (لا ضرر ولا ضرار) تقوم بتطبيق القاعدة حرفياً فلا تكتفي بإبقاء راتبه كما هو دون تخفيض، بل تعطيه مبلغاً ضخماً اضافياً ربما يزيد عن جملة راتبه كله أخذاً في الاعتبار سعر الين القديم قبل عام 1399 أي قبل ان تكتب خطابها السابق لوزارة البترول حينما كان (78 يناً) لكل ريال وتعطيه ذلك الفرق الخيالي الهائل.
ولو كانت الشركة اليابانية تصرف ذلك الفرق لعمالها اليابانيين من ارباحها الخاصة بها لكان هذا أمراً يخصها ومن حقها ولكنها تصرف ذلك من استحقاق الدولة، اي تقتطعه من عائد المملكة من ريع استثمار الشركة لحقول الخفجي، والغريب في ذلك ان حسابات الشركة تفحص وتدقق طيلة كل تلك السنين الماضية من قبل وزارة البترول، اي ان ما تصرفه الشركة مما أوضحناه كان بعلم الوزارة وتحت اشرافها، والأغرب من هذا ان الشركة لا تصرف تلك الزيادات التي تسميها فرق عملة الا لمواطنيها من اليابانيين، اما اصحاب الجنسيات الاخرى بما في ذلك الاوروبيون والامريكيون، فتصرف لهم رواتبهم التي تم التعاقد معهم عليها وتكتفي بذلك حتى لو حلّق المارك الالماني في عنان السماء، والأغرب من هذا وذاك ان هناك مواطنين (سعوديين) لهما علاقة بالشركة ويعرفان هذا الخلل، حاولا تصحيحه بإبلاغ احد المسؤولين في وزارة البترول حين زار الشركة في الخفجي في مهمّة عمل ولم يسفر هذا عن نتيجة تذكر ثم حاولا الاتصال بأي مسؤول فاعل في الوزارة ليبلغاه بالخلل فلم يتمكنا - كما أكدا لي - من مقابلة أحد، وقد وجدت ان من واجبي أن أنقل وجهة نظرهما التي حاولت ايضاحها فيما سبق لعل الإخوة في وزارة البترول أو في غيرها من الجهات المختصة في الدولة يتأكدون من حقيقة الأمر ويصححون الخلل في حالة وجوده.
إنني أثق في المواطنين اللذين أبلغاني بوجهة نظرهما وارى ان ما ذكراه في غاية الخطورة أولاً لأنه يعني ان الشركة قد صرفت لمواطنيها عشرات الملايين من مال الدولة بدون وجه حق، وثانياً لأن وزارة البترول لم تحرك ساكناً مع انه يفترض ان لديها علما عن ذلك، وثالثاً لأن امتياز الشركة على وشك الانتهاء وهناك مفاوضات حثيثة بين الدولة والشركة تجري الآن كما هو واضح في الاخبار التي تنشرها الصحف ومن الضروري أخذ ما حصل من الشركة في الاعتبار اثناء التفاوض.
|
|
|