Sunday 25th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 9 محرم


مسرح ومردح
ثقافة المجتمع الإنس والجن من وجهها الابداعي المحكي المحلي
محمد العثيم

تقديم:
ليس من السهل المغامرة بطرح جديد اذا كان يقام على اسس قديمة لها تراكم في التراث,, وبالتالي الادعاء بان هذا ابداع او قفز منه للابداع لان التشويش الذهني من رأسية الماضي وافقية الطرح الحالي تأخذ الذهن الى تحليلات من باب استحضار التراث,, او تبني الفلكلور وما اليه,, ومن جانبي ادركت فداحة التقدم شوطا في المغامرة خصوصا اذا كان هذا النوع هو حكائي (ليس رواية او قصة او سيرة كما يقررها الرواد) كما يريدها النقاد احيانا ولابسي قفطان المقام والسلطة الثقافية ولكنه يوحي - كما يعتقدون - بدونية التصور وضحالة الفكر او العجز عن النهج ,, وكلها امور لن اناقشها هنا ولكني سأحكي بعض الحكايات التي لا يربطها بفنون النخبة سوى السرد والتوريخ والتوصيف لتكون للنخبة وغيرهم.
ومن جانب فهذه الحكايات حكيتها لنفسي بعد ان يئست من انتاجنا الابداعي لصغر الحكاية في البهرج اللفظي المعلقة به؛ سواء كان سرديا وصفيا او ميالا الى الشعر او غير ذلك مما يبيحه لنا اصحاب الكراسي النقدية التي تصر صرير الموجوع تحت ثقلهم وفخامتهم,.
واشتراطاتهم الصنعية التي هي ضمان لركود بركة الابداع,.
ومن جانب ثان,, احسب ان الجن مثل اهل زماننا اخذتهم الفردية واحيانا الملل فلم يعودوا يمدون يد العون للشعراء المفلسين بأفكار جديدة وجميلة كما كانوا في سالف العهد والاوان ايام وادي عبقر والسعالي ربما لان اهل زماننا من اهل النعمة لا يحفلون كثيرا بالشعر؛ ومن ثم لا يجازون من يحسنه العطايا والهبات ,, وفي حقيقة الامر فان معهم حقا ان لم ينفحوا المادح المجيد القول فمعظم شعر زماننا اما حديث غريب التركيب، او حداثي مشفر بشفرات لا يفكها الا نخبته ونقادهم، او شعر نثري يطلقون عليه قصيدة النثر يصعب على غير المختصين من الجن والانس جلو معانيه الباطنة - وكيفما كان - ترحموا على زمن كان يأخذ فيه الشاعر الضيعة والمال والجارية الغنوج مقابل ابيات مبدعة القاها واستأنس بها الحاضرون,,؛ فالحاضرون غابوا ربما لانه لم يعد لدى المبدعين ما يحضرون من اجله.
ومن جانب ثالث - ما يروج له النقاد من جنس الانس - ان شعراءنا وقاصينا اصابهم البوار والقحط بسبب اهتماماتهم العولمية فلم نعد - نحن القراء - نجد ما نضيفه الى مفخرتنا الشعر العربي ديوان العرب,, او حكايات الالف ليلة لانها اكتملت الفا ونحن لا نريد الفا آخر,, وتكاسل الشعراء عن بذل الجهد للقاء شياطين الشعر من الجن,.
والجن من جانبهم يعز عليهم بذل انفسهم رخيصة للايحاء لاقرانهم من الشعراء وقف عملية التثاقف,, والتزايد الشعري.
ومن جانب يستدعي البكاء بالدموع,, هناك قصص جميلة عن علاقات الانس بالجن بعضها يدعونا للفخر بنفسنا نحن بني آدم، والبعض الثاني يدعو الجن للفخار بأنفسهم (لانهم رجالا ونساء اهل مواقف) وفي كلتا الحالين فالاتصال الثقافي بيننا وبين الجن يجب الا ينقطع (في جانبه الثقافي لا الطبي من فضلكم),, او كما يقول نقادنا التثاقف من صيغة مثلها التلاقح ولو اني استثقل صيغة التفاعل,, والمفاعلة والتفعيل بمعنى التلقيح.
سأجرؤ هنا وفي هذه الزاوية على كتابة حكاية او اكثر من حكايات الجن لان (ربع) المسرح والثقافة من الجن ليسوا ضيقي الصدور بما يكتب؛ بل انهم يأخذونه بحسن نية ولن تجد من اخواننا الجن من سيجرد قلمه ليرد علي حتى لو تصرفت لتحسين حكايته,, او غيرت فيها سطرا او سطرين تحاشيا لرقيب يكره وحي القلم وايحاءه.
ولاني - مثل غيري - في اكثر من نص - مما كتبت - اوردت من عندي الوانا من الطقس المسرحي بمصاهرة,, او معرفة احد العالمين - الجن والانس - للآخر مثلي مثل كثير من الكتاب فاني ادعو الزملاء في مهنة القلم لتحدي زمن العولمة الثقافية بالولوج الشجاع لعالم التفاعل الحكائي القديم بين الانس والجن وغيرهما من عالم المجهول واتقاء شياطين الثقافة المختلطة المعولمة لانا في خطر من غسيل المخ بضخ باجهزة جبارة ,, ثم استيحاء قصص العالم السفلي ليس على طريقة اهل الواقعية السحرية ولكن على طريقة اهل الخرافة الصحيحة - والخرافة الصحيحة مصطلح ابداعي جديد احتفظ بحقوقه حتى اقدمه تطبيقيا في الاعداد القادمة - اعود لاقول خرافة صحيحة يرويها المبدع وهو في غاية القناعة من مجرياتها,, بل وبثقة الشاعر الشعبي.
لن اكون مضطرا لكتب التراث قديما او حديثا كما يفعل الباحثون ولا كما يفعل الرواة لنقل الكثير من حكايات الجن اقول اني في هذه المجموعة من المكتوبات في الاعداد القادمة سأتلمسها التطبيق في مروياتي ومرويات غيري بشكل فني لا توثيقي وتاركا الاستدعاء والتداعي والاستحياء,, والتوحي لكم,, وملاحظة اخيرة لاخواني غير محترفي الثقافة انا لم اقابل جنيا في حياتي ولا ابحث عنهم مثل شعراء العمود وقصيدة النثر او غيرهم وانما اكتب عنهم هذه الحلقات لامتعكم - ان استطعت - بعد ان قل ما يمتع في الثقافة الجافة حتى انصرف الناس عنها خوفا من عدوى امراض الثقافة الحديثة المعدية.
ولاخوتي اهل القص والمتكسبين بروايات الذهن فهذه المجموعة من الكتابات ليست قصة او رواية وانما خبر حكائي خارج مقاييس الصنعة او الفن حتى ولو بدا اني التزمت منهجا صنعيا من نوع سردي تاريخي او حكائي,, او خلط بينهما.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved