Sunday 25th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 9 محرم


تلويحة
إصلاح !
عبدالعزيز مشري

* قضيت الاسبوع الماضي في محاولة مكثفة لحل الخلاف الصعب الذي كان بين زيد وعمرو .
ولعلني لم أتمكن تماما من تنقية الاجواء بينهما,, ذلك لأن كل منهما منطقه في فهم الامور، وما اصعب ألا تجد طريقة تلاؤمية لمحاولة تقريب وجهات النظر .
كان عمرو (وهذا خبر قابل للنشر),, كان اقرب الى التصالح، ونبذ الخلاف، إذ انهما سيستمران في النقاش ما بقيا وفي مناخ ديمقراطي فيه فسحة للأخذ والعطاء في المختلف,, و,, المختلف عليه.
لكي اكون حياديا في نقل الخبر,, فإنني قد عانيت طويلا في اجازة نقد واضح او مرض مع الطرف الاول الاخ زيد ، وذلك بسبب تعنته الشديد، وعدم قابليته للتفاوض,.
القضية المختلف عليها ، لم تكن وليدة اليوم (العصر),, بل تقول كتب التراث، انها تعود الى القرون الاولى الهجرية، حيث بدأت في عهد المنصور فكرة الترجمة من اللغات اللاعربية الى العربية، وانصرف المعنيون بشؤون العلم والثقافة,, في نقل الفلسفة اليونانية، والاجتهاد في تقريب معنى الفلسفة من البيئة العربية الاسلامية وقتها.
وقف بالضد عدد من الفقهاء الذين ضربوا سورا مانعا دون الاعتراف بالفلسفة او المناقشات في اي شأن يتعلق بالعقل والمنطق والمجادلة,, اذ يرون ان هذا يدخل المسلم في متاهات وشكوك واشياء هو في غنى عن طرح اسئلتها.
هؤلاء القوم وقفوا وقفة شرسة على لسان فقهائهم علماء ذلك الزمان,.
***
قال عمرو في حواره مع اخيه الصديق زيد :
- لأن الذين لم يفهموا فلسفة اليونان، وديمقراطية النقاش,, وقفوا ضدها,, بل كفروها واعتبروها خارج المنطق التحكيمي القرآني، وكأنهم لم يقرءوا القرآن الكريم، وما جاء فيه من تحييد للعقل والمعرفة والجدال في الامر والمشاورة وعدم الغلظة وغيره من محكم القول.
بعد نفاد صبر في سماع قول عمرو وحيث ضغط على اسنانه ضغطا شديدا,, قال زيد ,.
- لو لا انني اخاف الله, للعنتك لعنة غضباء,, كيف ترى ان حكم الفقهاء فيما رأوه، قصوراً في الفهم؟!
لم يرق لعمرو ان يعيد مذكرا بواجب التقيد بشروط الحوار، والتي كسرها زيد مرارا، معتمدا في ذلك على اخلاق الحوار والجدل التي اوصى بها الله في قرآنه العزيز، وبين كثيرا منها النبي - صلى الله عليه وسلم -
لكنه كتم من غيظه، وقال متسائلا مستشهداً :
- والكاظمين الغيظ، يا,, أخ زيد!
متى قلت انني هزئت او انتقصت او افترضت بهتانا؟
ترى ، لو اننا أخذنا برأيهم الواقف ضد فتح ابواب العلم والحكمة والانسانية والحوار,, ماذا كنا سنجني سوى الجهالة.
لن أخون عقلي وتفكيري لأجاملك,.
بحدة انفعالية قاطعه زيد ,.
- بل قل إنك علماني منذ اول العصور,!
قال عمرو :
- لا تخطئ,, او تستفز اعصابي فاتهمك بالجهل,.
أية علمانية تلك التي ظهرت في عهد المعتصم أو فلسفة اليونان.
***
كنت حينها قد خرجت من داري (لأطلق ركبتيّ) فسمعت شجارا عاليا بينهما، فما لبثت شهامتي العربية ان قفزت الى جبهتي وصدغيَّ,, فاندفعت لعقد المجلس في داري، وقد اضفتهما لمدة سبعة أيام بلياليهن,, ولعلها زادت قليلا,, مما دعاني الى لزوم الفراش غائبا عن كتابة تلويحة الاسبوع الفائت,, عذرا واعترافا,, دمتم,.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved