Sunday 25th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 9 محرم


طباق وجناس
اعرفوا الأسباب قبل ظلم الشباب
محمد أحمد الحساني

في ظل استراتيجية السعودة او ما يسمى بتوطين الوظائف وفرص العمل واحلال السعوديين محل غيرهم من العمالة الوافدة تبرز شكوى من قبل بعض ارباب الاعمال ملخصها ان الشاب السعودي خاصة غير جدير بالعمل او مهتم به او ملتزم بقواعده وان قليلاً من الشباب هم الذين يستمرون في مواقعهم وثبتون جدارتهم العملية، وهذه المبررات تجعل العديد من ارباب العمل في القطاع الخاص يقاومون بشراسة عملية السعودة ويتهربون من تطبيقها ويتحدثون عنها بألم ويقللون من شأنها بل ويعتبرونها عامل عرقلة لنموهم الاقتصادي والتجاري وذات اثر سلبي على النشاط المالي والاقتصادي بصفة عامة!.
ولو فحص انسان محايد كلماتهم ومبرراتهم لوجد ان لها سنداً من الواقع، وذلك من حيث البداية ولكنه لو بحث عن الاسباب التي تؤدي الى عدم تمسك معظم الشباب بوظيفته في القطاع الخاص او عدم الحماس لها لوجد امامه هذا الركام !.
أولاً: يعمل الموظف او العامل في القطاع الخاص ستة ايام في الاسبوع من السبت الى الخميس وبمعدل ساعات يومي لا يقل عن ثمانية ساعات حسب نظام العمل وقد شرحت هذه النقطة بشكل واسع في مقال سابق بهذه الجريدة فيكون مجموع ساعات العمل الاسبوعية ثمان واربعين ساعة عمل مقابل خمس وثلاثين ساعة عمل يعملها موظف الدولة المخلص الفالح وذلك بضرب سبع ساعات في خمسة ايام فيكون عدد الساعات الاسبوعية التي يعملها موظف القطاع الخاص زائداً عن اخيه في القطاع الحكومي بثلاث عشرة ساعة، وكأن موظف القطاع الخاص يعمل بزيادة يومين عن اخيه في قطاع الحكومة او بنسبة ساعات تزيد عن الثلث اسبوعياً او شهرياً او سنوياً وبالراتب او الأجر المتفق عليه دون زيادة مع احتمال النقصان او البخس كما سيتضح لاحقاً!.
ثانياً: تنظم العلاقة الحقوقية والمادية بين الموظف الحكومي وجهة عمله انظمة تحدد ما له من حقوق وما عليه من واجبات فهناك سلم وظيفي ودرجات لكل مرتبة وظيفية، اما المسالة في القطاع الخاص فهي حتى الآن خاضعة للمساومات فلا يوجد حد ادنى للأجور لا يجوز تجاوزه لما هو ادنى منه ولذلك فان الشاب اذا ما اضطر للعمل في القطاع الخاص براتب او أجر متدن قبل ذلك على مضض متمنياً فرصة الخلاص بالبحث عن عمل آخر في القطاع الحكومي او الخاص، يقدم له اجراً افضل فيتهم ظلماً بعدم الجدية في العمل، والدليل على ذلك انه نادراً ما يترك عمله الشاب الذي يعطى راتباً مناسباً كما هو الحال بالنسبة للشبان الذين عملوا في مؤسسات مالية محترمة او شركات كبرى، فهؤلاء لم يتركوا اعمالهم بل تمسكوا بها وناضلوا من اجل البقاء فيها واثبات جدارتهم حتى لا يفقدوا مواقعهم الوظيفية، ولو انهم بخسوا حقهم المادي لفعلوا مثل غيرهم وبحثوا عن مواقع جديدة افضل لهم مادياً ومعنوياً، فليس من المعقول ان يعملوا 48 ساعة في الاسبوع وبأجور متدنية ثم نقول لهم ابقوا يا شباب في وظائفكم حتى يأتيكم اليقين!!.
ثالثاً: عدم الشعور بالأمن الوظيفي داخل القطاع الخاص وهذا الشعور الذي يملأ عقول وقلوب هؤلاء الشباب وربما معظم من يعملون في القطاع الخاص ليس ناتجاً عن اوهام او خيالات مريضة وانما جاء نتيجة تجارب قاسية مر بها بعض الذين عملوا في القطاع الخاص ردحاً من الزمن ثم وجدوا انفسهم في الشارع الرئيسي او الفرعي لاسباب قد تكون تافهة منها تولي مدير جديد للمؤسسة او الشركة دفة العمل واعتباره جميع العاملين مع سلفه غير صالحين، فيقوم باختلاق الاعذار والمبررات لتصفية وجودهم بل ان بعض المسؤولين في القطاع الخاص لا يكلف نفسه عناء البحث عن سبب للفصل بل يصدر قراره الحازم على اساس انه جاء بناء على المصلحة العامة للشركة او المؤسسة او بدون ذكر اي سبب معقول او غير معقول؟!.
ولتقريب الصورة الى الأذهان نقول لو ان مسؤولا في القطاع الخاص قام في الصباح بعد ان يكون قد قام ليلته على جنبه الايسر وجاء الى العمل ووجهه عابس مرسوم عليه سبعة في سبعة وجرى بينه وبين موظف لديه مفاهمة بسيطة حول امر من امور العمل نتج عنه خلاف ابسط في وجهات النظر، فانه ليس من المستبعد ان يدخل هذا المسؤول مكتبه حانقاً وقد خيل اليه ان الموظف كان يتحداه ولم يكن يتفاهم معه ويطلب توجيهاته، فتكون من نتائج هذا الغضب السريع اصدار قرار اداري بفصل ذلك الموظف التعيس الذي قاده حظه الأتعس الى الاصطباح بالغضنفر صاحب القرارات التي لا تقهر!.
أما ما يحدث بعد ذلك على ارض الواقع ومن واقع تجارب خاصة ومعايشة لصيقة لحالات عديدة فهو أن على الموظف المفصول ان يتقدم الى مكتب العمل بطلب وقف الفصل في مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ ابلاغه بقرار الفصل - حسب النظام - فان سها على ذلك جهلاً او غفلة او اضاع الوقت في طلب الشفاعات الحسنة لدى اصدقاء ومعارف ذلك المسؤول لتليين قلبه وموقفه وجعله يتراجع عن القرار حتى تمضي هذه المدة المشار اليها دون تقدم العامل المفصول بطلب وقف الفصل فان قرار الفصل عندها يعتبر ساري المفعول ولا يلتفت الى طلب العامل بعد ذلك، ولذا فان بعض ارباب العمل قد لا يتورعون عند فصلهم لبعض عمالهم من ايهامهم عن طريق السماسرة بأنهم في طريقهم للتراجع عن القرار او ان التراجع بحاجة الى تدخل الشفعاء حتى تمضي المهلة ويقع الفاس في الراس!.
وحتى لو كان الموظف والعامل المفصول واعياً ومفتوح العينين فبادر الى التقدم الى مكتب العمل في مدينته او منطقته شاكياً ما جرى له مطالباً بوقف الفصل فان قراءة واقعية لما يجري لمعاملته تلك بين مكتب العمل واللجنة الابتدائية للفصل في الخلافات العمالية هذه القراءة تتحدث عن عدم توافق بين نظام العمال المكتوب على الورق وبين ما يجري على ارض الواقع!, وعلى سبيل المثال لا الحصر فان نظام العمل والعمال يحدد فترات زمنية قصيرة للنظر والبحث في الخلافات العمالية امام مكتب العمل ودياً ثم امام اللجنتين الابتدائية والعليا نظامياً وهذه الفترات لا تتجاوز في معظم الحالات اسبوعين من الزمن بالنسبة لكل جزء من اجزاء القضية العمالية وهي في مجموعها الكلي لا يتجاوز ثلاثة اشهر منذ بداية القضية حتى الحكم النهائي القطعي من قبل اللجنة العليا في الرياض ولكن الواقع الذي لا يمكن انكاره وبالامكان الاطلاع عليه بسهولة من خلال مراجعة مسيرة كثير من القضايا العمالية ان بعض هذه القضايا قد يستغرق البت فيها حوالي عام كامل، بل ان الامر يزداد سوءاً اذا ما علمنا ان من النادر جداً قبول رب العمل بعودة العامل المفصول فصلاً تعسفياً الى عمله بعد صدور حكم اللجنة الابتدائية بوقف الفصل وعودته للعمل فالذي يحدث في معظم الاحوال ان يتم الاستئناف ضد هذا الحكم امام اللجنة العليا ويستمر النظر في القضية والعامل معطل عن العمل بلا مصدر رزق ثم قد تنتهي بعدم العودة او بالتسوية التي يضطر اليها العامل تحت إلحاح الحاجة بل الفاقة فيصرف له مبلغ من المال قد لا يكفي لتسديد الديون التي ترتبت عليه خلال فترة مراجعة قضيته وان زاد عنده شيء من ذلك التعويض غير السخي وغير الكريم فربما لا يكفي لتغطية مصاريفه الأسرية حتى ايجاد عمل آخر له بدل العمل الذي فقده بالفعل التعسفي الذي وردت فيه المادة (74) من نظام العمل والعمال وهي مادة قوية المضمون ولكنها لا تطبق على ارض الواقع كما جاءت بل على استحياء!.
ومما يزيد الأمر صعوبة ان العامل الذي يفقد عمله والمقصود به هنا اي موظف يعمل في القطاع الخاص من مؤسسات وشركات وغيرها لا تصرف له معونة بطالة كما هو الحال بالنسبة للعديد من الدول التي تطبق انظمة العمل على مواطنيها بل والمقيمين فيها بصورة نظامية من الحاصلين على رخصة عمل، على الرغم من ورود فقرة في المادة الاولى من نظام التأمينات الاجتماعية تشير الى امكانية توسيع نظام الحماية التي يقدمها هذا النظام للعاملين في القطاع الخاص يتم من خلالها دفع تعويضات للمتعطلين عن العمل، ولكن هذه الفقرة لم تنفذ مما جعل اوضاع الذين يفقدون عملهم في القطاع الخاص لاي سبب من الاسباب سيئة للغاية خاصة الذين يعتمدون في حياتهم على اجورهم ورواتبهم مصدراً للرزق ومعظم الناس ينطبق عليهم هذا الأمر!.
واخيراً فان التشجيع على السعودة والعمل في القطاع الخاص يتطلب اصلاح وسد الثغرات الموجودة في مواد نظامي العمل والتأمينات وتطبيق الجيد من هذه المواد مثل معونة البطالة ووضع حد ادنى للاجور ووضع حد للفصل التعسفي حتى يشعر العاملون في القطاع الخاص بالأمن الوظيفي والله ولي التوفيق.
مطبوعات مهداة
أهداني الاخ العقيد مشهور بن فيصل الحارثي العدد الاول من صوت الجوازات وهي نشرة دورية تصدر عن جوازات العاصمة المقدسة هدفها رفع مستوى الوعي بين العاملين في الجوازات وغيرهم من المواطنين والمقيمين حول اهمية الالتزام بالانظمة الخاصة بالاقامة ومحاربة التخلف,, جهد اعلامي موفق.
ومن الادارة العامة للعلاقات والتوجيه بوزارة الداخلية وصلني عدد جديد من مجلة الأمن وقد خصص العدد في معظم مواده للحديث عن النواحي الامنية خلال مائة عام وما انعم الله على هذه البلاد من نعم الاستقرار والامن والطمأنينة.
وأهداني الزميل الصحفي احمد محمد سالم الأحمدي نسخة من نشرة السقاية التي تصدر عن العلاقات العامة بمصلحة المياه والصرف الصحي بمنطقة مكة المكرمة وفي العدد مواد اعلامية جيدة عن نشاط المصلحة في موسم الحج.
ومن الأخ الاستاذ عدنان محمد امين كاتب وصلني عدد جديد من نشرة اضواء التي تصدر عن مؤسسة حجاج دول جنوب اسيا، وتتضمن مواد اعلامية عن نشاط المؤسسة في الموسم وقد خصص جزء من النشرة لمواد باللغة الأوردية موجهة لحجاج المؤسسة,, شكراً للجميع.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved