* اعداد : مريم شرف الدين
العديد من الكفاءات العلمية العربية والاسلامية استهوتها الهجرة الى خارج الوطن العربي,, إما لاستكمال دراساتها العليا او الهجرة من اجل ذاتية الهجرة وهذا التسرب الواضح لهذه العقول في ظل الكثير من المغريات التي تطرح امام العلماء والمفكرين العرب في دول الغرب,, يحملنا جزءا كبيرا من مهمة البحث عن كيفية وقف هذا الاستنزاف للمحافظة على هذه الثروات والاستفادة منها في اعادة الهيكل العام لتراثنا الفكري والعلمي العربي؟ ايضا وفي المقابل ما هي الحلول التي يمكننا طرحها لاستقطاب تلك الكفاءات المهاجرة؟,, ومن اجل التوصل لمعالجة هذه القضية التي تطرحها (الجزيرة) يشاركنا كل من:
د, صالح بن عبدالرحمن العذل,, رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والاستاذ عبدالله حريبي المرواني,, ادارة الابتكارات والتقنية والشيخ خلدون عريمط دار الفتوى ببيروت.
الهجرة ترتبط بالبحث والمعرفة
وفي مستهل هذه الآراء قال د, صالح العذل:
في الواقع ظاهرة هجرة العلماء ترتبط بالبحث والمعرفة التي ارتبطت بدورها بالعقل البشري وبتلك الرحلات التي كان يقدم بها الدارسون,, وخاصة منها الى تلك الدول التي تقع شرق البحر المتوسط,, ويعود هذا التاريخ حسب ما اورده المؤرخ (استيفيني ديد يجار) عام 388 قبل الميلاد,, عندما انشأ افلاطون اكاديميته ومن بعده ارسطو,, واستقطابه بذلك اعدادا كبيرة من العلماء الى اثينا,, ولكن عندما ظهرت الاسكندرية كمركز علمي مشرق ومناورة للمعرفة بدأ تيار الهجرة نحوها منذ حوالي عام 300 قبل الميلاد,, وقد احتوت مكتبة الاسكندرية آنذاك على حوالي 000,500 مجلد اضافة الى 000,750 مرجع في كل العلوم والفنون والاداب,, ثم انتقلت الهجرة بعد ذلك باتجاه الشرق الى بلاد فارس تحولت بعدها في صدر الحضارة الاسلامية الى دمشق وبغداد وقرطبة.
واستطرد قائلا: وكما يقول المؤرخ (ديديجار) في هذا الصدد انه عقب انشاء المنصور لبغداد (عام 776م) توافد عليها العلماء من كل جنس ولون ودين,, حتى اليهود سمح لهم آنذاك بالعمل هناك في حرية تامة وقد امتدت هذه الحقبة المضيئة في تاريخ الانسانية من القرن الثامن الميلادي وحتى القرن الحادي عشر ليجد العالم نفسه وبعد خروجه من الحرب العالمية الثانية امام قوتين عظميين هما الولايات المتحدة التي اكدت على زعامتها للعالم الغربي بعد استخدامها للاسلحة الذرية للمرة الاولى في تاريخ البشرية,, فصبحت مثارا للرهبة الى جانب الاتحاد السوفيتي السابق بعد اطلاقه للقمر الصناعي الاول (سبوتينيك) الى الفضاء في اكتوبر من عام 1957م فاستقطبت الولايات المتحدة بفتح ابوابها للمهاجرين وخصوصا من ذوي الكفاءات العلمية افواجا من جميع اقطار العالم بما فيها الدول العربية.
وبين الدكتور العذل بعض الاحصائيات التي تشير الى ان 43 الف عالم ومهندس هاجروا الى الولايات المتحدة ما بين عام 1975 - 1980م وان نسبة العرب من مجموع المهاجرين يقارب 12 - 15% من حين ان نسبة العرب من سكان العالم آنذاك لم يتجاوز 5%, ايضا ولو اردنا ان نتعرف بصورة اكثر دقة على عدد العلماء العاملين في الولايات المتحدة ومن حملة الدكتوراه فقط وفق الاحصائيات الرسمية للحكومة الامريكية عام 1985م لم توضح بان نسبة العاملين من حملة الدكتوراه من الامريكيين والاجانب يشكل حوالي 420457 عالما ومهندسا ,, وان نسبة الاجانب منهم اي الذين حصلوا على الجنسية او بطاقة الاقامة الدائمة او في طريقهم للتجنس يصل الى اكثر من 000,70 الفا منهم 500,11 عربي تقريبا.
كما تشير هذه الاحصائيات الرسمية المتعلقة بالحصول على شهادات الدكتوراه في الولايات المتحدة في مجالي العلوم والهندسة فقط ومن الاشقاء المصريين بلغ عددهم بين عامي 1979 - 1991م 2523 ومن اللبنانيين 838 لبناني وان نسبة الذين بقوا منهم في امريكا وحسب مصادر اليونسكو 90% تقريبا, واشار الى ان هذه باختصار بعض الارقام التي تجسد حجم ونوعية الكفاءات العلمية الموجودة في الولايات المتحدة الامريكية فقط وهذا بالطبع مع عدم احتسابنا للاطباء الذين يمثلون نسبة لا باس بها من المهاجرين.
أضرار الهجرة
اما عن الاضرار المترتبة على ما يسمى بهجرة العقول او استنزاف الادمغة كما يطلق عليها البعض,, فقد اوضح بأن هذه الاضرار تعني وبشكل اساسي فقد أثمن ثروات البلاد ولاركان التنمية الاقتصادية,, وهذه الثروة ما هي الا الثروة البشرية لان الكفاءات العلمية المدربة تدريبا عاليا ستبقى هي المفتاح الحقيقي للتنمية والتطور لاي بلد بعد توفيق من الله.
ويشير هنا الى ما ورد عن نائب المدير العام السابق لليونسكو مالكولم اوديسيشا قوله ان العلماء والاطباء الذين يهاجرون هم الدعامة الحقيقية للتنمية وعوامل تكاثرها,, وهم الاصل في كل تغير او تطور,, والمخططين للمجتمع والمجددين له - وهم قادة في مجالات السياسة والثقافة والاخلاق.
كما يشير من ناحية اخرى الى حجم الخسائر الناجمة عن هجرة هذه الادمغة,, التي قد يستعصي او يبقى من الاستحالة علينا احتسابها بالمال ومنها.
ان الفاقد من الاستثمارات في التعليم والذي يقدر بحوالي اكثر من 160 مليون دولار في السنة الواحدة,, وربما يكون الفاقد الحقيقي من الاستثمارات التعليمية اكثر من التقديرات السابقة بكثير خصوصا في حالة معرفتنا بان خسائر لبنان وحدها قدرت بحوالي 40 مليون دولار في عام 1967م فقط, ولكن بالطبع على الرغم من اهمية هذه الارقام فيجب ألا ننسى بان هجرة الاغلبية العظمى من ذوي الكفاءات هي خسارة فادحة من النواحي المعنوية والمادية وخصوصا بانه لن يبقى من اليسير عليها اعادة عملية اعدادهم او تدريبهم لان تأهيل عالم واحد يكلف الدولة سنوات من العمل والجهد والمال.
ايضا الخسائر العينية والمتمثلة في ممتلكات المهاجر والتي قد يصعب تقديرها لندرة الاحصاءات والدراسات حول هذه النقطة غير ان بعض الدارسين حاولوا تقدير ذلك بما يعادل 20 مليون دولار سنويا في المتوسط لبعض البلدان.
3- ضياع النسبة الكبرى من رأس المال البشري الذي يصعب تعويضه او استرداده كما ذكرنا.
4- انهاك القدرات التنظيمية والقيادية الذاتية للمجتمع في معظم قطاعاته التنموية على اعتبار ان الكفاءات المهاجرة ستبقى هي الهيكل الاساسي للكوادر القيادية والتنظيمية للمجتمع.
تمازج معرفي
كما يوضح هنا الفوائد الايجابية الناتجة عن هجرة العقول العلمية المؤقتة او التي تفضل بان يكون هناك خط للرجعة بعد قضاء هذه الكفاءات لسنوات معينة تعود من بعدها الى مواطنها الاصلية وحيث تمثل هذه القدرات متى ما توفرت لها الظروف المناسبة,, كقوى تنموية مدربة ومؤهلة لنقل المعرفة والعلم من البلاد الاكثر تقدما الى البلاد الاقل تطورا.
واكد ان تاريخ الحضارة الانسانية هو تراكم وتمازج معرفي وليس حكرا على اي دولة او اي قوم واشتراك المهاجرين في بحوث علمية رائدة يعني اشتراك الحصيلة المعرفية الانسانية وهناك الكثير ممن شاركوا وساهموا في مشاريع بحثية او ممن اكتسبوا خبرات علمية عادوا الى اوطانهم بمهارات قيادية وفنية جديدة اثروا بها اوطانهم دون شك.
وافادت دولهم كذلك في توظيف نتائج البحث العلمي الذي قامت به الدولة المتطورة.
وهكذا تصبح الهجرة احد المصادر الاساسية لنقل العلم والمعرفة والتقنية الى المواطن الاصلية للمهاجرين وليس هذا فحسب ولكن بالاضافة الى ذلك العوائد المادية الكبيرة التي قد لا تخفى على احد وتعود الى التحويلات التي يبعث بها المهاجرون الى اوطانهم فعلى سبيل المثال تشير احدى الدراسات الى ان المهاجرين اللبنانيين يقومون بتحويل ما يقارب 200 مليون دولار سنويا الى لبنان كما ينبغي لنا الاشارة في اطار ذلك الى الروابط التي يعقدها المهاجرون بين دول المهجر واوطانهم - عادة ما يتحقق منها التعاون والتفاعل نتيجة هذه الهجرة.
وباختصار شديد هذا مما يجعلنا نقول بان الهجرة قد تكون عاملا مفيدا للتفاعل بين الشعوب وقد تؤدي الى خدمات كبيرة للوطن الاصلي للمهاجرين خصوصا عندما تكون او يكون في هذه الهجرة خط للرجعة والعود الى البلاد.
من أبرز المشكلات التنموية في العالم العربي
اما الاستاذ عبدالله علي حريبي المرواني - ماجستير ادارة الابتكارات والتقنية فيرى من جانبه ان الدول العربية تواجه بعض الصعوبات من اجل التطور والتقدم كما تعتبر التنمية التقنية الركن الرئيسي في هذا التطور والتقدم وفي هذا الاطار فان مشكلة هجرة العقول العربية الى الدول الصناعية تعتبر واحدة من ابرز المشكلات التنموية في العالم العربي.
وبالتالي فان هجرة العقول المتخصصة من ذوي الكفاءات المؤهلة الى البلاد الصناعية سعيا وراء البحث عن المزيد من الكسب والمعرفة والعلم والتي نتجت بناء على اسباب عدة يمكنني تلخيصها على النحو التالي:
اولا: الاسباب الاقتصادية: وتعتبر الاسباب الاقتصادية من اهم الاسباب الرئيسية في هذه العملية حيث ان عدم تمكن الانظمة العربية من تقديم الفرص الملائمة للخبراء المؤهلين العرب,, وعدم تناسق خطط التنمية فيها مع الواقع اضافة الى تزايد الفجوة بين الاعداد المتزايدة من الخريجين وبين تلك المواقع التي يمكنها استيعابهم.
وهذا بدوره غالبا ما يؤدي الى دفع العقول العربية للخروج من وطنها والبحث عن اوطان اخرى للهجرة اليها.
كما يتفرع من السبب الاقتصادي عدة عوامل منها:
1- الانخفاض النسبي في متوسط الدخل المتاح,, حيث ان دخول وشروط العمل للكفاءات العلمية لا تكفي لتغطية تكاليف المعيشة من مستويات مقبولة مقارنة بالدول الاخرى,, هذا مما يؤدي الى عدم توفير الحد الادنى من الشعور بالاستقرار النفسي للتفرغ العلمي والانتاج.
2- قصور مؤسسات ومراكز البحث العلمي بالرغم من ان بعض الدول العربية نجحت في انشاء مراكز متطورة للابحاث العلمية الا انها لم تقطع مشوارا جيدا في مجال الابتكار في حين نجد ان غالبية الدول العربية لم تتمكن من رصد المبالغ لمشاريع التنمية وذات المستوى التقني المتقدم ,, وفي مقدمة تلك المشاريع مؤسسات البحث لاستقطاب الخبراء والعقول اليها واحتضانهم وتشجيع افكارهم العلمية وابتكاراتهم.
وهذا مما يعني حرمان ذوي الكفاءات من المختبرات او الوسائل والادوات التقنية المتقدمة في حين يجد علماء الدول المتقدمة في متناول ايديهم جميع الامكانات التقنية المتقدمة المطلوبة لتحويل ما تجود به عقولهم الى ارض الواقع وبقاء الاوضاع الاقتصادية على مستواها المتأخر من ناحية اخرى مع تزايد عدد الخريجين من المعاهد والجامعات.
وبالتالي فان امكانية الاستفادة من الكفاءات العلمية تتضاءل هذا بالطبع مما دفع بالكثير من الاعداد للتفكير في هجر اوطانها.
3- ايضا ضعف اساليب تخطيط القوى العاملة تعتبر مؤشرا واضحا لضعف التخطيط لاحتياجات الدول العربية من القوى العاملة في التخصصات المختلفة,, وهذا بدوره مما ادى الى انتشار ظاهرة توفر فوائض ولم يتم استغلالها بعد او معطلة من التخصصات التي لا يمكن ان يستوعبها سوق العمل في نفس الوقت مع حدوث عجز في عرض بعض التخصصات المطلوبة بكثرة في سوق العمل.
الروتين وتأثيراته
كما يشير هنا الى ان الروتين الاداري (البيروقراطية) كان له دوره المساعد ايضا في اهدار الوقت والمال والجهود البشرية دون اعطاء الانتاج المأمول بالاضافة الى ازدحام الجهات الحكومية بموظفين لا عمل لهم او ما يسمى (ظاهرة البطالة المقنعة) والاحباط لذوي الكفاءات وعدم العمل مقابل الراتب واحتقار الذات.
وبالتالي وجود وضع كهذا قد يؤدي الى دفع ذوي الكفاءات والمؤهلات في البحث عن الهجرة واعتبارهم لها كحل ومخرج للتحرر من هذه القيود.
هل تكتفي الجامعات العربية بدور التخريج الطلابي
من ناحية اخرى كذلك فان الجامعات والمعاهد في معظم الدول العربية يقتصر دورها بتخريج اعداد غفيرة من الطلبة والذين بالطبع يبقى من الصعب استيعاب سوق العمل لهم اي محاولة الاهتمام بالكم وليس بالكيف وهذا الوضع ربما لا يعكس الاحتياجات التنموية للبلاد.
5- افتقار مخرجات الجامعات من الابحاث الى الجدية والى عنصر الابداع والابتكار من ناحية اخرى,, بل وربما قد لا يعدو هذا عن كونه منقولا او مترجما,, وتعزية هذا ايضا الى افتقار انشطة البحث العلمي للوسائل والادوات التقنية المتقدمة والكوادر الفنية المحلية المتخصصة اضافة الى ضعف او عدم وجود الحوافز المادية والادبية.
ويشير الى انه في حالة متى ما اذا تغلبت كل دولة من تلك الدول على هذا العجز عن طريق استيرادها لمثل تلك التقنيات الا انها سرعان ما ستواجه نقضا آخر من نوعية الكوادر الفنية هذا مما يدفعها بالطبع الى استيراد الكوادر الفنية الاجنبية وقد يؤدي ايضا الى تلف الاجهزة نتيجة لخزنها والانتظار لاحضار خبراء لتشغيلها مع العلم انها قد صممت لاداء دور علمي تقني متقدم.
وعلى هذا الاساس فالمناخ العلمي غير موجود.
من ناحية اخرى كذلك فان معظم مخرجات مراكز الابحاث الجامعية لا تهدف للرفع من مستوى البحث العلمي في مجال الاختصاص ولكن في ذات الوقت مع توجهها نحو غايات نفعية كحصول الباحث على درجة ترقية في الجامعة ونادرا ما تتسم الابحاث العلمية في الجامعات العربية بوضوح الهدف وقيمتها التطبيقية.
ثم ينتقل في سباق ذلك الى الاسباب الاجتماعية التي يلخصها على النحو التالي:
كما تتوقف نظرة معظم الدول العربية للخبير الاجنبي على انه عبقرية مطلقه في حين ان هناك عقدة نقص واضحة قوامها (الاحتقار) تجاه الخبرة الوطنية,
وتتجسد هذه المأساة في الفجوة الكبيرة بين راتب الخبير الاجنبي ونظيره الوطني والتفرقة في المعاملة وانعدام الثقة المطلقة علما بأن الخبير الاجنبي ربما لا يكون ذا مستوى عاليا من الخبرة,, لان اي دولة من الدول الصناعية في العالم لن تستطيع التفريط بارسال افضل خبرائها الى دولة اخرى لذا يبقى الاحباط من الدوافع الاخرى لهجرة العقول العربية.
ثالثا: العوامل الثقافية:
1- تخريج اعداد كبيرة من حملة الشهادات الجامعية بشكل لا يؤدي الى تقوية اقتصاديات تلك الدول وامكانية استيعابها,, اضافة الى عدم وجود اية فائدة علمية محلية.
2- زيادة اعداد الكفاءات العلمية في بعض التخصصات العلمية عن اعداد الوظائف المتوفرة وان وجدت وهذا بالطبع مما يصرف البعض الى العمل في مجالات بعيدة عن تخصصاتهم وعليه فان هذا مما يتطلب ضرورة وجود خطة اصلاحية لتوجيه ذوي الاختصاصات الى مجالاتهم.
3- وجود كفاءت علمية تم اعدادها تقنيا في مجالات متخصصة في بلدان متقدمة قد لا تتوفر لها الفرصة لابراز مواهبها في بلدانها.
4- عدم وجود خطة علمية لربط احتياجات الدول بمخرجات البعثات او الجامعات او المعاهد.
كما تعتبر الجامعة بمثابة جواز سفر للحصول على وظيفة بصرف النظر عن احتياجات خطط التقنية.
6- اقبال الطلبة على الدراسات النظرية اكثر من العلمية مما يؤدي الى اختلال التوازن في نسبة الخريجين بينهما.
7- قلة فرص البحث العلمي والوسائل الخاصة به وما لها من دور في دفع الكفاءات العلمية للهجرة الى البلاد المتقدمة حيث المناخ المهيأ للابداع العلمي.
ايضا من اهم العوامل التي توفرها الدول المتقدمة لاستقطاب الكفاءات العلمية للعمل فيها ومنها على سبيل المثال:
1- توفير فرص البحث العلمي والعمل المنتج خصوصا بعد ان اصبحت غالبية الدول المتقدمة تملك مراكز بحثية على مستوى عال من الجودة حيث يجد الباحث فيها كافة الامكانات ووسائل وعدة البحث العلمي.
2- السفر للدراسة والتخصص والتدريب وما نتج عن هذا الوضع من عدم توافر التخصصات الجيدة والمختبرات الحديثة في الجامعات العربية وتغلب الجانب النظري على الجانب التطبيقي من ناحية اخرى,, عند انتهاء المبتعث من مهمته الدراسية والتفكير بالمكوث في تلك الدولة.
3- قيام مؤسسات دولية لتشجيع هجرة الادمغة وهذا الدور تقوم به بالفعل مؤسسات موجودة في تلك الدول نفسها وفي سفاراتها المنتشرة في دول العالم.
الأخطار والفوائد
كما يستعرض المرواني الاخطار والفوائد المترتبة على هجرة هذه العقول:
اما عن اخطار وفوائد هجرة الكفاءات العلمية العربية للعمل في الدول المتقدمة قد يبدو للوهلة الاولى خسارة محضة وكسبا للدول المتقدمة ,, الا انه الى جانب ذلك هناك فوائد ربما قد لا تطغى على هذه المخاطر,, وحصول الوطن الاصلي عليها.
اما بالنسبة للدول العربية: ففي الواقع ان العائد المادي (التحويلات) تشكل احد العناصر المهمة التي تتولد عن الهجرة اضافة الى تنمية روابط الصداقة الدولية وتعميق التفاعل بين الشعوب واكتساب المعرفة العلمية المتخصصة وذلك لتوفير امكانات البحث العلمي المتقدمة ولما قد يتاح له من اشتراك في بحوث رائدة,, والعودة بالتالي الى بلده الام وهو مدعم بالعديد من الخبرات والمهارات العالية في تلك الجوانب العلمية والاستفادة من واقع هذه النتائج في بلده.
كما يشكل تسرب رأس المال البشري اهدار للاستثمار التعليمي.
الأوطان تبنى بخبرة أبنائها
كما يشاركنا الشيخ خلدون عريمط,, دار الفتوى ببيروت الذي يرى من جانبه:
ان الاوطان تبنى بخبرة ابنائها والامم تنمو وتزدهر بنخبتها الفكرية والعلمية ولا يستطيع اي شعب من شعوب العالم او اي امة في هذه الارض ان تأخذ دورها في الحياة وتحت ضوء الشمس اذا لم تكن لها القدرة الفعلية للاستفادة من خبرة وفكر وعلم وثقافة ابنائها والامكانات المتوفرة لديهم.
ويؤكد انه بالتالي يبقى من المؤسف جدا ان تبقى ظاهرة هجرة العقول المفكرة من الوطن العربي والاستقرار في كثير من البلدان والدول الاوروبية والامريكية هي الواقع لتسرب ثرواتنا الفكرية والعلمية خصوصا ان ابعاد هذه الهجرة سيبقى لها اتجاهان مغايران اما الهجرة في سبيل تحصيل العلم والعودة الى بلادهم للمشاركة في صنع المستقبل المشرق والنهوض بالمستقبل الحضاري والتنموي في بلادهم ومثل هذا الاتجاه كما نعلم بالطبع لا بأس به وخصوصا اننا كدول نامية في حاجة الى هذا النوع من الدعم.
اما الشباب الذين سبق لهم الخروج من بلادنا العربية ومازلوا يهدفون الى تحصيل العلوم رفيعة المستوى في تلك المجتمعات التي خرجوا اليها واستمر بقاؤهم فيها ومثل هؤلاء الشباب بلاشك سيشكلون خسارة كبيرة على واقع امتنا لان هذه الخسارة لا يمكن تعويضها, لاننا نعلم علم اليقين بان المجتمعات الاخرى وبفضل الكفاءات التي غادرت بلادنا العربية والكثير من البلاد الاسلامية استطاعت ان تخطو خطوات متسارعة بفضلهم ومقدرتها هي على استقطاب الطاقات العلمية الكبيرة منهم ومحاولة اغرائهم لها بشتى الطرق وتقديم كل الوسائل المشجعة ولابقائهم لديها بهدف الانتاج واستثمار قدراتها التي ستعود ثمارها لبناء الامم والشعوب الاخرى.
ويوضح في سياق ذلك الكثير من الامثلة الموجودة منها:
امريكيا واوروبا ايضا اضافة الى علمنا ومعرفتنا التامة بوجود الكثير من العلماء العرب وبروزهم بشكل واضح في علم الذرة والطب والتكنولوجيا وهم لازالوا متواجدين في امريكا او كندا ولاشك بان خروج هذه الطاقات او الكفاءات من بلادنا العربية والاسلامية واستقرارها في تلك البلاد حتما وكما ذكرت سينعكس سلبا على واقعنا التنموي من ناحية وعلى تقدمنا الذي نتمنى ان نصل اليه الى جانب ما تتكبده الدول العربية من خسائر مادية وبشرية وخصوصا في ظل استعانتنا بالخبرات العربية.
|