ارسلت صديقة الصفحة شموخ مع صورة اللوحة كلمات تقول: مازال هناك بعض حياة,, وبعض أناس يتراكضون خلف سراب,, هو السواد يعم الوجود,, يُبكي الوجوه,, يسقط الاقنعة,, يثير الشكوك
فلا وضوح,, ولا حقيقة,, يجير النفوس,, يداعب التماثيل,, يلاعب الاكاذيب يحارب الموت,, فلا حياة
لا حياة ,,لا حياة
وهذه مسألة ممتعة حين نتأمل: هل كانت هي الافكار التي تدور بداخلها قبل ان تبدأ في الرسم؟ وجدت ان هذا الحس لا تمسك به الكلمات بل فرشاة الرسم، وحين فرغت من الرسم ألحقته بهذا التعليق؟ أم أنها بدأت لوحتها بعد ان كانت قد امسكت برؤيتها للحياة وحددتها في هذه السطور ثم بدأت تترجمها بالالوان والخطوط؟
السؤال الآخر : هل كان من الممكن ان نصل بأنفسنا إلى هذا الحس الذي ترصده الكلمات من الصورة وحدها؟,, هل تعطينا اللوحة نفس المشاعر؟ هنا تحديداً يكمن خطأ الصديقة شموخ في انها قد حاصرتنا بحس واحد وفهم محدد للوحة، ولو لم تكتب عنها بنفسها لتركت ابوابا مشرعة لعديد من الرؤى وكثير من التصورات ومستويات الفهم,, ولهذا ترددنا في نشر الشرح لولا انه من حقها,, اما وقد شرحت العمل، فقد لا نرى فيه إلا ترجمة حرفية للكلمات: الحياة تواجهنا بالصد كهذا الجدار، قد يشبه جداراً منيعاً من بناء حجري، وقد يبدو مجرد خيوط عنبكوت,, وعلى وجه الجدار تلتصق العيون الفضولية محاطة بخط بشكل الأذن، تسترق الرؤية والسمع، وتنتشر القلوب المتعبة، وأقنعة المسرح التي تختفي وراءها الوجوه المخاتلة للذين يجيدون التمثل,, كل هذه الرموز تدفع في منطقة تشابك العلاقات فوق جدار الحياة (إلى اليسار اسفل) بعلامات الاستفهام مقلوبة بالاحباط او معتدلة بالدهشة وعدم التصديق,, من اجل أي شيء؟!!
من تلك الكوة في جدار الحياة وسطه، يبدو المشهد مثل اصطلاء النار وجه تكسرت خطوط حدوده الخارجية وقد (أكلت) عليه الايام، محشورا في الركن ومحاصراً بنسج عنكبوتي في الشمال واليمين، وتتنفس رئة وحيدة ناراً وسواداً فاحماً، وجه ربما هو الذي ترى بعيونه صاحبة اللوحة بعد ان قدمت من قلب جحيم الداخل من الجهة الاخرى للجدار، من العمق، لتطل علينا من الكوة,, فآثار الاقدام التي تبدأ صغيرة وتكبر - بعكس المنظور - تشير إلى انها قادمة من الغمار,, من حيث كانت كيانا أجرد تحت جذع شجرة جرداء كلاهما بلون الحزن الدامس,.
اللوحة ناضجة جدا، وتكوين الالوان المائية وتداخلاتها تحيرنا كثيراً في أمر الصديقة شموخ، فغريب ألا نقرأ اسمها ونعرفه بين اسماء الفنانين والفنانات في المملكة، او على صفحات الجرائد وما سبب غياب شموخ عن معرض الفن التشكيلي لجنادرية (14)؟
وقد سبق ان أعربنا عن هذه الدهشة وقد نكون محقين او مخطئين,, هذا أمر تؤكده الايام وموهبة شموخ.
|