Sunday 11th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 25 ذو الحجة


أضواء
رحل موسوعة العرب العبرية

كلما اقترب القرن العشرين من نهايته تزداد مساحة الأسى والحزن,, ومع تفجر مآسي التشريد والطرد والعزل العنصري التي يتعرض لها المسلمون في كوسوفا,, وفي لبنان وفلسطين,.
وكلما يقترب زوال القرن نفقد رموزا فكرية وأدبية وسياسية,, وتدمر قيم إنسانية في مناطق شتى من العالم.
ففي أجواء مآسي مشردي كوسوفا، تلقيت نبأ وفاة الأستاذ الدكتور حسن ظاظا,, ولإنسانية هذا الرجل صاحب المدرسة الفلسفية التي طبقها على نفسه وامتدت اشعاعاتها على تلامذته ربطت بين فاجعة وفاته والموت حق على الجميع وبين مايجري للمقهورين الآخرين فالدكتور حسن ظاظا أكثر ما يميزه انسانيته,, ووفاؤه,, وحبه للجميع.
آخر مرة التقيته رحمه الله قبل ان يوقعه المرض وكان يتحدى كل عوامل الشيخوخة وهجوم الأمراض، يمشي محدودب الظهر، إلا أنه يصر على زيارة اصدقائه ويذهب الى تلامذته في مقر اعمالهم,, وأماكن منتدياتهم,, متجاوزا تقصير الطالب مع الأستاذ,.
آخر مرة التقيته كان يتحدث عن ظلم الانسان لأخيه الانسان وعن عمليات القتل وابادة الشعوب بعضها لبعض,, يومها كانت أحداث رواندا,, وعرجنا بحديثنا، لبدايات القرن,, القرن العشرين، وكعادته أسهب في الحديث عن دور اليهود في صنع كل مآسي الحروب التي حفل بها القرن العشرين، وبأسلوب العالم المؤرخ شخّص دور اليهود وكيف جيروا نتائج تلك الحروب لمصالحهم التوراتية,, شرح وأفاض، فقد كان - يرحمه الله - مرجعا لكل ما يتعلق باليهود، ولعل التوجه الذي عمل به العرب بعد فوات الأوان من خلال نهج اعرف عدوك كان من تأثير ما قام به الدكتور حسن ظاظا، فقد كان أول من نبه لضرورة معرفة اليهود,, كيف يفكرون,, كيف يتعاملون مع بعضهم البعض,, كيف نتعامل معهم,, كيف نواجههم,, وكل هذا لا يتم إلا بدراستهم,, دراسة تاريخهم,, لغتهم,, آدابهم,, دياناتهم,, فاليهود زوّروا حتى دينهم,, هكذا كان يقول الدكتور حسن ظاظا,, ويقدم الدلائل والقرائن,, ويقنع المستمع الطالب,, والباحث, تستمع اليه وتنصت وترجو ألاّ يسكت وتتخيل وأنت تستمع إليه أنك أمام موسوعة علمية تحيط بكل ما يتعلق بالعبريين,, لغة,, وأدبا,, وفكراً وسلوكا.
يتحدث بلغة بسيطة هادئة محببة,, في ايامه الأخيرة كان يتحدث بوهن دون ان تفارقه ابتسامة تطل من تحت شاربه المشيب الأبيض مصحوبة بنظرة ناعسة من خلف نظارته ذات الزجاجتين السميكتين.
رجل متواضع تشعر بحبه من أول لقاء,.
رحمه الله,, رحل دون أن يستفيد العرب من علمه الغزير بكل ما يتعلق بأشد أعدائهم مكراً ودهاءً.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved