Sunday 11th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 25 ذو الحجة


مشهد
بين الابداع الثقافي,,و علم الثقافة
محمد العثيم

اتصالا لما كتب في مشهد الاسبوع الماضي، لم يتعرض المقال هناك الى الخلط لدى البعض بين الابداع الثقافي بكل فروعه بما فيه النقد.
وبين علم الثقافة ذي المصطلح الاكاديمي,, وبين اتصال الممارسة الثقافية بأنواعها السياسي والاجتماعي على اعتبارها ثقافة واقعية تحتمل النقد الثقافي باي منهج من مناهج العلوم,, هذا وجه من اوجه مشكلة الكتابة والاتصال الثقافي في مجالها الاجتماعي العام او الجماهيري,, والمشكلة الثانية ان لكل ثقافة وجهاً عاماً - صحيح او خاطىء او بينهما - لكنه مؤثر جماهيريا وهو ثقافة تعمل خارج اي منهج وهي الاكثر ضجيجا مثل مدعي الطب الشعبي ومدعي المعرفة بالعلوم النفسية من غير الاطباء النفسيين ونجد وجها ثالثا يستعمل ضرورة او لغير الضرورة ستار اللغة مبديا ان لا ثقافة الا ما يعرف ثم الستار اللغوي في بابه الاول الكلاسيكي صياغي التركيب والجملة ويكون حوشيا وغريب الكلمة وفي بابه الثاني وجداني,, او انطوائي,, او مموه المعنى بغريب التركيب لخلق الدهشة او التوازي مع القارىء محدد ومعروف سلفا,, وكل وجوه الستار اللغوي او التركيبي احيانا تتوجه بنخبوية وتعطي لنفسها سلطة الامر في تحديد نوعية القارىء او تدعي ان على القارىء بدل ادعاء الغموض عليه ان يرقى الى ذراها السامقات,, والجماهيرية الواقعية في احسن حالات الوعي ترى فيها ابواب (التملص) والهروب من واقعية المعنى,, والوجه الاخير الشعبي المدعي الذي يخلق من ارتباطه بالنفع من آلية نصوصية مكررة,, وهو يجد التشجيع والموازة العامية ولهذا حديث آخر يتعلق بدعوى الحاجة في فقر التواصل.
والمشكلة الاهم من كل هذا ان الصحافة المحلية تقدم وجبة ثقافية خارج اي منهج بسبب مشكلة ازلية لدينا هي غياب الدوريات الثقافية التي تغني عن تلمس الثقافة في بطون الجرائد اليومية على اساس انها الوسيلة الوحيدة للحصول على الوجبة الثقافية الطازجة,, والصحافة اليومية تقدم وجبتها من واقع تقليد قديم بدأ بأيام بداياتها حيث كان المثقفون لا السياسيون هم اهم مصدر لتسويد الصفحات البيضاء واثرائها,, وهذا الاثراء لم يكن ابداعا او نقدا فقط؛ بل اصبح حديثا عن السياسة وعالم الرحلات والطرائف لان المثقف وهو اسم عام في اول هذا القرن يفترض ان يعرف عن كل شيء ولديه مساحة مفتوحة ليوقعها باسمه.
وعندما ظهر منهج ما بعد الحداثة رسخ مفهوم هذه العمومية بكسر حاجز التخصص وفهمناه على ان الفنان هو فنان كل شيء والناقد هو ناقد كل شيء وان الكلمة بلا حدود,, وهو مفهوم قابل للتطبيق لو وجد الفكر المقيم (بشدة على الياء) لكننا تحت فكر يبهره لمعان النجم التقليدي، فيعطيه حق القول في كل معنى ومبنى وكأننا ما خرجنا من اول القرن,, واحيانا يعزل المقيم (الياء مشددة) علما ثقافيا بصفته مدرسيا او يقدمه مقيم اخر على ان هذه قمة الثقافة من غير ادني اعتبار لترتيب المادة.
ولان للثقافة جوقة من المثقفين وغيرهم فان الضجيج المنطلق يخلق اكبر غوغاء لافساد الواقع الثقافي,, وهذا بالتالي يبعد المتلقي المتذوق عن الثقافة بشكل عام.
واستكمالا لعرض الاسبوع الماضي احسب ان الانكفاء والتراجع الثقافي عند كثيرين جاء من خيبة الامل بالتواصل او كما يسميها الناقد الدكتور الغذامي (عدم جماهيرية الخطاب) ولكي نجعل المسألة في النور الكثيف فقد كانت بداية المشكلة في اصقاع العالم العربي رقابية سياسية اولا بدأتها الدول المنضوية تحت لواء اليسار الشرقي، وتبعتها الدول العسكرية الاتجاه ولم تسلم من هذا المد الرقابي الدول الحرة لانها كما تصورت لا يمكنها العيش بليبرالية الكلمة في عالم كله رقيب متسلط,, اقول مع التفاوت الرقابي في العقود الاربعة الماضية كان لابد من لغة مقاومة للثقافة لكي تتواصل فكانت في الاتجاهات السابقة او واقعية غير مقنعة متخلية عن دورها الاجتماعي.
عندما اصبح الجدار اللغوي او الاسلوبي نمطا ذهب المتلقي الثقافي للبحث عن مفهوم اتصالي وعلى مستوى العالم العربي كانت طفرة الابداعات الشعبية المغفول عنها.
اعلم انه لم يكن هناك داع للاستطراد في قضية محسومة سلفا لكن المذهل ان بعض رموز الثقافة العربية ونجومها انضووا تحت كنف الثقافة الشعبية بمنهج او بدونه في سبيل ان يبقوا في ساحة النور المعروض للجماهير وهو امر مقلوب اذ الصحيح ان يحاول اهل الشعبي التواجد في الساحة الثقافية من اجل التميز.
مهرجان مسقط القادم لدول الخليج
في شهر مايو القادم تشهد مسقط عاصمة سلطنة عمان الحدث الثاني من نوعه هذا الموسم وهو افتتاح المهرجان المسرحي للفرق الاهلية الخليجية,, وكانت قبل اشهر شهدت المهرجان المسرحي للجامعات الخليجية.
ولأني كنت محظوظا في السابق فشاركت في كلا المهرجانين اما بعرض مسرحي او عمل في شؤون المهرجان وقد كونت رأيا عن كلا المهرجانين,, ولم تقدر لي ابد المشاركة في مهرجان مسرحي ثالث على مستوى الخليج هو مهرجان مسرح الشباب ولكني سأعمه في حديثي لانه لن يخرج عن تصوري للمهرجانين السابقين ولاني مطلع على بعض عروض مسرح الشباب وفي نظري انه في معظمة يعطي تصورا تربويا اكثر من مسرح محترف.
والرأي الذي سأسوقه - وهو رأي وليس دراسة - ان المسرح الخليجي اتيحت له فرصة رائعة للتعارف وتبادل الخبرة بل ان هذه المهرجانات حققت نموا تربيعيا لفرق مسرحية لم تكن اصلا على خارطة المسرح الخليجي,, بل واشترطت لها ان لا يسابق في المهرجان (مهرجان الفرق الاهلية) الا عروض اخرجت ومثلت بواسطة عناصر خليجية ,, الى جانب اهداف تنموية اخرى.
ما اعيد قوله للتأكيد ان دول الخليج نمت مسرحا مما اوجد فهما اجتماعيا للماهية المسرحية وخلق ذائقة نخبوية بشكل اكبر لأن عروض هذا المهرجان تنافست في المستوى النخبوي اكثر مما تنافست في المسرح الجماهيري او التجاري على اعتبار ان الاول قاعدة المسرح ومحقق نموه ,, وانعكس ذلك في المهرجانات العربية والدولية التي تشارك بها.
النمو في قطاع الثقافة لايكون بسرعة النمو في قطاعات اخرى لان الاستزراع في الثقافة والفن يحتاج مدة استيعاب اكثر خصوصا عندما لا يكون هناك تراكم ثقافي يستند عليه المعطى الجديد لكن ابناء الخليج وظفوا المعطى المسرحي والغنائي في قيم الماهية وتقنياتها واخرجوها من صورتها الفطرية الى مستوى علمي,, وهو السلوك الذي سلكه العرب في ايام ابي خليل القباني بتفاوت ,, ونما عبر المدارس المسرحية العربية والمحلية جيل من الفنيين والمبدعين مارس مع الاخوة العرب العمل التقني مما اضاف للتجربة الواردة في كثير من دول الخليج للكثير من الفهم للماهية المسرحية وتحريرها من تصورات دراما الوسائل الاخرى مثل الاذاعة والسينما والتلفزيون.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved