Sunday 11th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 25 ذو الحجة


هكذا
بطموح ناقد,, ولكن؟!
فهد العتيق

كتابات عبدالله السمطي النقدية طموحة وجادة، لكنها في الغالب تبتسر النصوص الابداعية، كأنها تريد ان تقدم مادة نقدية فقط، ولا يهم جوهر هذا النص النقدي، ونعرف جميعا ان النص النقدي المبدع، هو ذلك النص الذي يحاول التداخل الجوهري مع النص الابداعي والسير معه الى الامام ، وليس محاولة جرة الى الخلف، لان الكتابة النقدية ليست وظيفة نقوم بها، او اداء واجب، او وسيلة للرزق، بل هي في الاساس عملية تخليق لنص اخر يكون موازيا للنص الابداعي المقروء، لهذا فان لغة النقد الادبي الحديثة التي تقرأ النصوص الادبية، تتطلب الوعي بجدلية عملية القراءة لكي تكون لغة النقد في اقرب نقلة من النص الادبي الابداعي، ونتعدى لك الى التماهي مع هذه النصوص او التداخل معها ابداعيا لكي تستطيع التعرف على طبيعتها وكيفية حركتها.
* وبقدر احترامي لقراءة السمطي لكتابي القصصي (اظافر صغيرة وناعمة) المنشورة في جريدة الشرق الاوسط بتاريخ 31/3/99م الا اني وجدتها وقعت للاسف في مطب الابتسار الذي يعني قراءة متسرعة، بالاضافة الى الاشادة ببعض النصوص واهمالها نقديا، وبعض الملاحظات الاخرى اردت ان اتدخل بها مع مقالته تلك، تواصلا مع ارائه.
* يقول السمطي: في قصة الاناشيد والناس يستطرد في وصف مشهد السوق ثم نكتشف ان القصة تدور حول شخصية اخرى لا علاقة لها بالسوق .
واظن ان الكاتب لم يقرأ القصة لكي يدرك ان هذا السوق له علاقة كبرى بالشخصية الرئيسة في القصة، فهو مكان ولادته وتربيته ونشأته ومنه اكتسب شخصيته، وسوف يعرف السمطي ذلك لو اكمل قراءة القصة فقط، افضل من اصدار هذا الحكم الظالم في حق النص اولا واخيرا.
* يقول (الناقد) في مكان اخر: انه يعول في البدء على قراءة الوقائع البسيطة وعلى مراقبة احداثها التي تنفذها شخوص ثانوية بالاساس .
وهذه ضمن الصياغات النقدية الغريبة في لغة السمطي، بالذات كلمة (تنفذها) التي اراها غريبة جدا وشاذة على لغة النقد الادبي الحديث، فالمعروف ان شخوص النص القصصي لا تنفذ احداثا، ولكنها تعيش الواقع وتشارك في صنع احداثه وليس (تنفيذها) أليس كذلك؟!.
** قصص (متتاليات) و(تعارف) و(مداخلة) و(هالة) اعجبت الكاتب لانها كما قال، تنطوي على صياغات شاعرية، اما بقية القصص فهي تمضي على وتيرة سردية متقاربة قوامها الاهتمام بالحدث ومراقبة الشخصية وتقمص صوتها.
والسؤال هنا لماذا اهمل هذه القصص التي رآها تتميز بشاعريتها، لماذا اشار لها فقط ولم يقترب منها للتداخل معها نقديا؟، بينما ركز مقالته على النصوص التي يراها سردية فقط، مع تقديري لاعجابه بهذه القصص.
* يقول في مكان اخر ان شخوص القصص ليس في ديدنها التأمل في الوجود او طرح الاسئلة ولكن في رؤيتها وجهة نظر قد تكون رمزية بمعنى ما.
وهنا اود التأكيد لعبدالله ان شخوص القصص في كتابي، بالفعل، ليس في (ديدنها) التأمل في الوجود، وبغض النظر عن كلمة (ديدن) التي لم تعجبني، الا انني اريد التوضيح ان ما يميز شخوص هذه النصوص هو التأمل في الواقع وطرح اسئلته الواقعية وليس في الوجود (الموت والحياة مثلا)، اما بالنسبة للرؤية التي تحمل وجهة نظر، فانني اريد ان اتساءل عن المعنى الادبي والنقدي لهذه العبارة الغريبة (رؤية تحمل وجهة نظر) كيف؟!خصوصا اننا امام نصوص ادبية وليس مقالات؟!
* يركز الكاتب على الصياغات الشاعرية وتخليق الحدث، فما هي العلاقة بينهما ، وهل يفترض ان تكون القصة شعرا لكي نستطيع القول انها سعت الى تخليق الحدث؟ هل نحن في حاجة الى اقتراض لغة الشعر فقط لكي نعبر عن رضانا عن هذا النص القصصي ونقول انه نص قصصي شاعري جميل، في حين عندما يركز النص القصصي على مضمونة وعلى الواقع المعاش يكون ناقصا، أليس هناك قصائد شعر خالية من الشعر وقصص تحمل - وهي في قمة واقعيتها - رؤية وروح الشعر، وقد قيل الكثير عن هذا الموضوع، خصوصا عن القصة القصرة، ولكنا ندرك ان الرؤية الشاعرية في النص القصصي افضل من صياغات شاعرية متصنعة او متكلفة، وربما افضل مثال في كتاب (أظافر صغيرة وناعمة) تلك القصة التي تحمل عنوان الكتاب، وهي قصة تنهض بالفعل على رؤية شاعرية للواقع وليس على صياغات شعرية لكن الناقد لم يتعرض لها!!
* كل هذا يعيد التأكيد ان قراءات عبدالله السمطي النقدية طموحة وجادة لكنها تقع في مطب اللغة الجافة غير القادرة على التداخل مع النص المقروء، بمعنى انها تسير بمحاذاة النص، ترقب حركته ولا تتداخل معه ابداعيا وهذه الطريقة تفقد القراءة النقدية امكانية ابداع نص نقدي، بقدر ما تقدم مجرد ملاحظات من البعد فاقدة للقيمة الفنية، فضلا عن فقدها لقدرة التداخل.
** أما خاتمة مقالته فهي كالتالي:
(نصوص تختزن في عمقها عشرات التورطات والانحيازات وهو ما يسم نتاجات طائفة كبيرة من كتابنا في السرد العربي المعاصر).
هل فهمتم شيئا من هذه العبارة,, آمل ذلك مع التحية لجهد الزميل في قراءته التي قد نختلف معها فنيا.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved