Sunday 11th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 25 ذو الحجة


أغنية الزمن

آذار:
في خمائلها اكمام الورد ترقد,, في جرفها عقدة للثمر,, جاء آذار حملته الرياح قبلات رجال الشجر,, سار بها ينثرها اشواقاً وحباً على الاغصان والاوراق, فرحت الشجيرات بريح الحبيب، فاح اللقاح, ضحكت العصافير، مستمتعة بأغاني الربيع، واصبحت الريح تدور موصلة الرسائل العذبة,, رقصت الابواب والشبابيك ,, بكى طفل في منتصف الليل رعباً هدهدته امه ووعدته بزوج حمام ابيض صباحاً وقالت لهلاتخف هذا آذار جاء يحيينا
نيسان:
انتفخ بطن الزهر,, ضحكت الفراشات وأخبرت النحل الذي قالت ملكته أن عمالها سيجدون كثيراً من العسل، نهضت البتلات من غفوتها بتلة بعد بتلة، حمراء صفراء ولون القرنفل والابيض الثلجي، اختلط البنفسج بالورود البلدي، وراحت تنثر اريجها عبر المسالك والطرق,, زينت الصبايا نحورهن والشعر,, قطف عاشق وردة حمراء فأهداها لحبيبته التي ضاهى إحداها لونها، وضعتها تحت المخدة وراحت تشمها قبل النوم وتخاطبها بالأحلام,, النخيل كان كالسيدات الجميلات يميل غنجا بقلائد اللؤلؤ.
أيار:
القداح ملأ الطرق اريجا,, وتشكلت أسفله عقلة خضراء صغيرة,, هبت نسائم حملت القداح الى الارض ففرشها ببساط أبيض مصفر,, فتحت النساء أبوابها، جمعن سلالا ووضعنه قرب الأسرة.
بقى كثير من القداح، تحت الشجر، فوق التربة، على المعابر داسته اقدام كثيرة، لكن بقي عطر يقبل الأنوف وكأن جبران خليل جبران باق يقول: (قد تسحق الوردة بقدميك لكن انى لك أن تزيل عطرها,,)
آب:
قالت العامةإذا جاء آب انخلع المسمار من الباب)
معلمة الفيزياء وقفت أمام الصف وقالت الحديد موصل جيد للحرارة ويتمدد بها بينما الخشب خامل يحترق قبل أن يشعر بالنار
وقال فلاح: عندما يأتي طباخ الرطب وتكون الأرض ظهرا كاللهب فإننا في آب,, ثم يمسح عرقه ويدور لسانه في فمه كأنه يستطعم تمر البرحي والخلاص.
وابراهيم باشا تأفف كثيراً من الحر والرطوبة وكانت تخنقه ملابسه التصاقا فسأل:
لماذا؟ اجابوه: ذلك من اجل الرطب.
أمر بقطع النخيل,, وذهب آب، وعاد آب,, تشققت التربة من جديد عن آلاف النخلات,, كل واحدة كانت تغمز تشفيا بإبراهيم باشا,.
كانون
طرق كانون الأبواب,, صافحه تشرين ومضى,, عندما دخل كانون حمل عباءته الصوفية وتدثر بها,, جلس أمام جمر الغضى التف الصغار حوله فحدثهم عن شجيرات البرتقال التي تحمل عناقيد مصفرة، ودعاهم لينظروا من الشباك للشجيرات والصفرة تغزو حملها تسير ببطء، فتسيطر عليه معامد يده قطف لهم برتقالا ووضعه في حجورهم، فراحوا وهم يذوقون طعمه الحامض حلو، غنى لهم وصفر ريحا طويلة عبرت البقاع المخضرة،, فتلون كل البرتقال بلونه الزاهي الجميل ,, اتت عربات الفلاحين وحملته للاسواق وحافات الطرق واتت السيارات وحملته للمدن وهناك وضعوه في الثلاجات فقالت برتقالة لاختها انني أموت من البرد
اختها لم ترد عليها لأنها كذلك.
كانت كل البرتقالات تصيح انها تموت من البرد,, لذا فقد ارتجف وتكور البرتقال على نفسه ولم يستطع التنفس بعد أن اغطسوه بالشمع فوصل خبر ذلك للنحل الذي اقسم ان يحرمهم العسل,, النحل البعيد في المناحل الصناعية لم يسمع بالقسم,.
لذا كانت الموائد ملأى بالعسل والبرتقال في حزيران,.
وجلس الزمان على قارعة الطريق يردد الميجانا والعتابا,, ويمسح آثار التعب.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved