Sunday 11th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 25 ذو الحجة


قصة قصيرة
معنى أن تكون سلبياً

لقد ضاقت عليك الأرض بما رحبت وضاقت عليك نفسك ولم يعد هناك ما يمكن أن تقبل العيش فيه حتى لو ذهبت الى أقصى بقاع الدنيا, كيف يمكن أن تتسامح مع نفسك ومازالت تلك الأحرف اللعينة تتراقص في رأسك بشكل مزعج يصعب عليك تحمّله, لقد أدركت الآن أنه لا سبيل الى الخلاص من هذه المصيبة الكبيرة مهما بذلت جهدك وطاقتك, لقد فات الأوان وخرج الموضوع من يدك ولا من سبيل لإنفاذ نفسك من هذه النهاية البشعة, كما أنه لا توجد أية أعمال سابقة تشفع لك أو قد تخفف عليك هذا الأمر.
تأخذ الورقة وتمعن النظر في الواقف أمامك, لا ترى شيئا, دوار مفزع.
تتمالك نفسك وتستعيد وعيك, تنظر الى الورقة, تصاب بدوار آخر, يرجع اليك وعيك, تنظر الى الورقة مرة أخرى, تنتابك حالة من الضيق الشديد كما لم ينتبك أي ضيق من قبل.
لاتتحمل البقاء في هذا المكان البغيض أكثر من ذلك, ترميك خطواتك في عرض الشارع, تتذكر أمك, تغرورق عيناك بالدموع, تنفجر بكاء لايكاد يسمعه احد, ينتبه اليك أحدهم, يقترب منك لكنك لا تريد أن تقترب أنت من نفسك, يدرك أنك في عالم بعيد لا يمكن الوصول اليه فيجفل منك, تزداد خطواتك هربا من نفسك فيزداد بكاؤك مرارة.
لا تدري أين تذهب, بل انه لا يمكن أن يوجد هناك أي مكان على وجه هذه البسيطة يمكن أن تذهب إليه, تقفل راجعا من حيث أتيت, تنظر الى اللوحات المضيئة في الشارع وكأنها تبتلعك, لا تدري ماتفعل, تقف حائرا وتترك فرصة لدموعك تنساب بحرارة شديدة, تعبر الشارع, تسمع أصوات إطارات تبكي على الرصيف, يصرخ أحدهم في وجهك, لا تفهم مايقصد، تنقلك خطواتك الى حيث لا تعلم.
تجمع نفسك علّك تعي مايحدث لك, تستصعب الأمر, تجلس على أريكة في الشارع لا يمكن أن تجلس عليها قبل ربع ساعة, تضع يديك على رأسك, تحدق في الأرض طويلا, تحنّ الى الأرض, ضبابية عينيك تحجب عنك رؤيتها.
تغمض عينيك وتبقى هكذا لفترة, وقت تعيشه خاج الزمن.
أما من سبيل لنزع هذه الروح من هذا الجسد؟ لاتتحمل الجلوس أكثر من ذلك, تقف مرة أخرى, تعاود السير في نفس الاتجاه الذي جئت منه, يتخلى عقلك عن مسئوليته ويترك ذلك لقدميك تنقلانك الى حيث لا يعلم احد, تتذكر أمك مرة اخرى, يعاودك البكاء, تتذكر أمكنة كنت تنام وتستيقظ على مرأى منها, يزداد بكاؤك.
تفتح الورقة من جديد, أحرف أربعة لعينة, تبكي, تنظر الى ركن آخر من الورقة, positve , تذبحك الكلمة, يتوقف بكاؤك, تمشي وتختفي في الزحام.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved