Sunday 11th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 25 ذو الحجة


أحوال
مجتمعات لا تعرف نفسها!! (2)

البحث العلمي كنت اقول امس انه طريق المجتمع الأوحد نحو جادة المعرفة بالذات والواقع ووجهة السفر للمستقبل,, ولا زالت على قناعة بأن كثيرا من القياديين والصفوف المتقدمة من نخب صناعة القرار في عالمنا العربي من الماء للماء ينظرون للبحث العلمي والدراسات الواقعية لمظاهر وهموم مجتمعاتهم بأنها ليست الا مجرد تنظير لا يعتد به حتى عندما يتعاطى مع عمق الواقع الاجتماعي,, فالأمور لا تأخذ في رأس البعض من المسؤولين ابعد من شوية ارقام لا تمثل مواقف او تفسيرات علمية لظاهر واشكالات حياتية قائمة او محتملة او افتراضية يمكن لصانع القرار الاعتماد عليها في التخطيط الوطني والمؤسسي الشامل والمحدود المرحلي والطويل الأجل لا والأسوأ من كل هذا او ذاك ان المتنورين منهم يفضحون انفسهم بضحالة وعيهم عندما يرددون أن الدراسات والمسوحات والبحوث الصارمة علمياً مكانها الطبيعي الجامعات ومراكز البحوث,, وان واقع المجتمع يقرأ بشروط وادوات لا علاقة لها بما ترسمه ادمغة بحاثة المراكز العلمية والبحثية الاكاديمية,, التسليم بسلطة الرأي العلمي في مقابل آراء النخب الخاصة في صناعة القرارات الوطنية تبقى قضية معلقة في العالم الثالث ومسألة فيها نظر للاعتقاد الراسخ بأن اصحاب الممارسة الفعلية في الواقع الاجتماعي تؤهلهم تجاربهم الطويلة اكثر من اصحاب النظريات في صياغة البرامج الحياتية لمؤسسات وافراد المجتمع.
ويبدو ان الأمور حسمت بمنتهى البساطة في العديد من مجتمعات العالم الثالث، حيث ظلت التجربة هي سيدة الموقف بالمحاولة تلو الاخرى والخطأ تلو الآخر,, وغدا مفهوم البحث العلمي شيئاً حكراً على قاعات الاكاديميات وبخبراتها يتعاطاه شريحة بسيطة من افراد المجتمع بعيداً عن عيون واذان المجتمع صاحب القضية الرئيسية بمؤسساته وافراده,, بل اكثر من هذا حتى عندما يتحدث الناس عن البحث العلمي وادواره الخطرة والمؤثرة في حركة ونمو ومعرفة المجتمع لنفسه لا تتجاوز الأمور اكثر من ترف فكري ومعابر وجاهة لخدمة حضور كل من يرغب في البروز والقفز لمقدمة الصفوف في الواقع الاجتماعي,, صحيح ان هناك جهات وهيئات رسمية في مجتمعنا هنا وفي العالم العربي اصبحت اكثر وعياً بشغلات البحوث والدراسات المسحية للجمهور وللسلع والخدمات والانشطة المؤسسية المنافسة لها في عالم السوق لكن بلا اي اثر يذكر لذلك الجهد المادي والبشري على صناعة القرار المؤسسي او على تطوير آليات واساليب العمل او معالجة ظروف الخلل ان تم كشفها والتعرف عليها!! وهذا المنحى بطبيعة الحال اخطر ضرورة انه لا يتجاوز اكثر من ايهام النفس والآخرين بمواكبة القائمين على الجهاز المؤسسي لأبرع ادوات البحث والاستقصاء للارتقاء بالاداء,, طبعاً عشان نكون منصفين للقطاع الخاص فوجود كوادر وطنية مؤهلة ومدربة على التفكير المؤسسي الصارم اسهم الى حد كبير في وجود وعي طيب في اوساط القطاعات التجارية والصناعية والاقتصادية السلعية والخدمية علاوة على الاحتكاك الايجابي بالشركاء الاجانب الذين لا يرتكبون مكانات القرار بدون تحليلات وارقام وتفسيرات منطقية للواقع اما ما يحدث في المؤسسات الرسمية العامة باسم البحث العلمي فهو لا يتعدى شوية اوراق يتم تكويمها في احدى الغرف بعد التمامها لتسكن دواليب الارشفة المحترمة.
عبد الله الطويرقي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved