من أجل موسم ناجح بكل المقاييس,, لابد من إعادة النظر في نظام المربع الذهبي - المباريات المؤجلة - جدولة برامج الاتحاد صدارة الهلال ومؤجلات الاتحاد أفادت البعض,, وأضرت الآخر *الاستفادة حق مشروع,, ولكن ماذا عن تكافؤ الفرص؟ عبدالله الضويحي |
منذ بضعة اشهر تطرقت في موضوع خاص المسابقات المحلية الثلاث الخاصة بكرة القدم، وامكانية اعادة صياغتها من جديد انطلاقا من رؤية الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم لنظام المربع الذهبي في مسابقة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين,, وامكانية اعادة صياغته من جديد,, من خلال تلقي الاتحاد لآراء واقتراحات المختصين والمهتمين بالموضوع وتقويمها تمهيدا لاتخاذ ما يتمشى مع الصالح العام.
وقد تطرقت في ذلك الموضوع إلى سلبيات وايجابيات التجربة بعد تطبيقها على ارض الواقع خلال المواسم الماضية طارحا بعض الحلول والمقترحات ومركزا أكثر على دوري كأس خادم الحرمين الشريفين وامكانية ربط جميع مسابقات الموسم بهذه الكأس,, نظرا لاهميتها ولنعطيها ما تستحقه من تقدير,, من خلال مقترح طرحته في حينه.
وبناء عليه فلم اكن افكر في العودة إلى الموضوع مرة اخرى، على الاقل خلال هذه الفترى إلا ان ما حدث في هذا الموسم، خصوصا الايام الماضية يستدعي التوقف عنده لاستشراف كثير من الرؤى، إذ إن ما تطرقت له في وقت سابق وطرحته كنظريات قابلة للاخذ والرد,, اصبح حقيقة غير قابلة للجدل.
صحيح ان هناك عوامل تداخلت لتفرض هذه الجدلية لكنها في واقع الامر جزء من الموضوع ككل,, وتدور في الاطار نفسه.
لقد تميز هذا الموسم بظاهرتين لم يسبق ظهورهما من قبل في موسم واحد,, مما كان له أكبر الاثر فيما نحن بصدد الحديث عنه.
** الأولى :
انفراد الهلال بصدارة المرحلة التمهيدية من مسابقة دوري كأس خادم الحرمين الشريفين وابتعاده عن اقرب منافسيه بفارق كبير في النقاط فترة طويلة، ومن ثم ضمانه التأهل للمرحلة النهائية (المربع الذهبي), في وقت مبكر.
** الثانية:
تأجيل عدد كبير من مباريات فريق الاتحاد (وصل إلى الثلث) بسبب مشاركاته الخارجية منها ست مباريات لعبها بعد انتهاء المرحلة التمهيدية، وبعد ان اتضحت الرؤية تماما، وهو رقم كبير جدا له دوره وتاثيره إذ اصبح التعامل مع هذه المباريات من قبل الفريق المقابل كحالة خاصة بدلا من التعامل معها كحالة عامة، وهو المفروض.
والحالة الثانية وأعني تأجيل مباريات الاتحاد، كان لها دورها في بروز الظاهرة الاولى بشكل لافت للنظر، وبالتالي انعكاسها على الوضع العام.
ولعل المحور الرئيس الذي يقوم عليه نظام المربع الذهبي هو الاساس في السلبيات التي برزت هذا الموسم بشكل لافت للنظر، إذ ان تساوي الفرص بين الفرق الاربعة المتصدرة رغم اختلاف الجهد والعطاء المبذول من كل منها طوال الدوري, (فينا وماريا) يقتل الطموح لدى المتصدر,, الذي يجد نفسه في النهاية أمام موقع لم يستفد خلاله من ذلك العطاء المبذول وبما يتناسب معه.
وكل الجهود المبذولة والتعديل الذي صاحب نظام المربع الذهبي قبل بضعة مواسم لم تكن لتعطي المتصدر ميزة ينفرد بها وتقترب من الجهد الذي بذله,, وقد اثبتت ذلك التجارب السابقة,, وذلك لسببين.
الأول : تقارب مستوى الفرق السعودية خصوصا فرق الصدارة.
الثاني: ان مباريات خروج المغلوب لا تخضع لمقاييس فنية عامة,, بقدر ما تؤثر فيه عوامل اخرى,, كالحالة النفسية والمعنوية للفريق,, وظروفه الاخرى مثل الاصابات,, والايقاف وتكامل افراده,, أو ربما اخطاء (غير مقصودة بالطبع) من حكم المباراة,, وما إلى ذلك,ز وكلها عوامل يمكن ان تمسح جهدا بذله طوال موسم كامل.
وفي هذا الموسم بالمناسبة,, فقد تساوى الشباب والاهلي في رصيد النقاط وتفوق الاول بفارق الاهداف ليحتل المركز الثالث، وهذا يعني في العرف الفني للموسم انه لا فرق بينهما في المستوى، وبالتالي فإن المتصدر لن يملك ميزة مقابلة الفريق الاضعف (الرابع).
وهذا ما يؤكد تساوي الفرص بين اضلاع المربع, وهذه حقيقة علمية بالمناسبة فأضلاع المربع متطابقة ومتوازية وزواياه قوائم.
وأجزم لو أن النصر وهو الذي احتل المركز الخامس دخل منافسا لاطراف المربع على الكأس لكان مؤهلا لها,, وربما أكثر من غيره عطفا على قدرته على التعامل مع مثل هذه الظروف,, وتطرأ لارتفاع معنويات افراده بعد الصحوة الاخيرة.
وحتى لو تم وضع المتصدر في انتظار من يصعد من الفرق الثلاثة او الاربعة الاخرى لملاقاته على النهائي كما يقترح كثيرون فإن هذه لاتعتبر في نظري ميزة تحمل له الكثير من الايجابية، بل انني اعتقد ان مثل هذا الانتظار قد يؤثر عليه سلبا,, إذ ربما اصيب لاعبوه بهبوط في معنوياتهم فترة الانتظار هذه في حين ظل الآخرون على ارتباط بالكرة وأجواء المنافسة، وهذا أمر يمكن ان يصار فيه إلى اهل التخصص سواء في مجال علم النفس الرياضي,, او الطب الرياضي,, او الامور الفنية لدى المدربين,, لاعطاء رأي علمي سليم يؤكد مدى تاثير توقف اللاعب عن المشاركة التنافسية ثم عودته إليها من جديد على عطائه.
ناهيك عن حرمان المتصدر من دخول مادية يمكن ان يتحصل عليها من ادائه لمباريات هامة وفي مرحلة هامة من الدوري.
ان المكافآت الحقيقية للمتصدر في نظري هي في اعطائه ما يتوازى مع هذا الجهد وما يدفعه للمنافسة عليه كبطولة تضاف إلى سجله او درع يدخل خزانته ورصيده.
تلك رؤية عامة,, لكننا لو أردنا الدخول إلى التفاصيل,, فيما يتعلق بالظاهرتين اللتين اشرت لهما في بداية الحديث,, فإننا سنجد الكثير من الحقائق التي تؤكد ما نتج عن تلك الظاهرتين من سلبيات,, والدور الذي لعبه كل من الهلال والاتحاد وبناء على ما سبق في تشكيل المرحلة التمهيدية وامتداد ذلك إلى الاإهلي والشباب,, بصورة فرضت صيغة معينة على الصورة النهائية للمرحلة.
** أولا: صدارة الهلال
المتابع لمسيرة الهلال في الدوري يلحظ صدارته للفرق في وقت مبكر وقيادته لها بل ان هذه الصدارة كانت بفارق كبير عن اقرب منافسيه إلى ما قبل المباراة الاخيرة بين النصر والاتحاد المؤجلة ساعده في ذلك غياب بعض الفرق بسبب تأجيل بعض مبارياتها خصوصا الاتحاد.
ودون ان نغمط الهلال حقه في التفوق فنيا هذا الموسم,, فقد اثبت ذلك من خلال اعلان تأهله رسميا للمرحلة النهائية (المربع الذهبي) في وقت مبكر,, وقد تبقى له اربع مباريات,, امام كل من الاهلي، الشباب، النصر، والاتحاد,, وهي التي كانت تتنافس على الدخول إلى المربع.
فماذا حدث في هذه المباريات؟!
إن المتابع لوضع الدوري خير من يجيب على هذا التساؤل.
فالهلال الذي جمع ستا واربعين نقطة من اصل 54 ومن خلال 18 مباراة,, اي بمعدل نقطتين ونصف في كل مباراة,, لم يحقق خلال هذه المباريات الاربع سوى نقطتين فقط من اصل 12 نقطة,, وبمعدل نصف نقطة فقط في كل مباراة وهو هبوط حاد في التحصيل.
والسؤال الذي يطرح نفسه:
لو أن لهذه المباريات الاربع دورها في تحديد مسيرةالهلال نحو المربع الذهبي هل كان سيتنازل عنها بهذه السهولة؟!
وعندما اقول يتنازل,, فإنني لا أعني انه تنازل طوعا,, وانما هل سينظر لها بنفس الاهمية؟!
لقد تعامل معها كتحصيل حاصل,, ولتجريب عدد من لاعبيه,, وإعطاء آخرين نوعا من الراحة لمسابقة كأس سمو ولي العهد واسغلال بعضها بحصول لاعبيه على الانذار الثالث والتوقف قبل المرحلة المهمة,, او مباريات كأس سمو ولي العهد,, وكلها حقوق مشروعة له طالما انها في اطار اللوائح والقوانين.
والهلال ليس وحده الذي استفاد من ذلك,, وهو ما سنأتي عليه لاحقا,,
ايضا فقد امتد تأثير هذه النتائج إلى آخرين لم يكونوا ليستفيدوا أو يتضرروا منها لولا هذه الحالة.
فقد خسر من الاهلي وتعادل مع الشباب,, وساعد ذلك الشباب على احتلال المركز الثالث بفارق الاهداف عن الاهلي.
وتعادل مع النصر (اصبح خامسا) وخسر من الاتحاد منافسه على الصدارة.
وكلها امور ساهمت بشكل او بآخر في تشكيل وضعية اطراف المربع الذهبي.
ثانيا: مؤجلات الاتحاد
لعب الاتحاد ستا من مبارياته المؤجلة,, بعد ان انتهت المرحلة التمهيدية,, وتحددت مواقع الفرق,, وامامه ثماني عشرة نقطة يختار منها ما يشاء وبيده مفاتح المربع جميعها إذ بامكانه تشكيل اتجاهاته وفق ما يشاء.
هذه المباريات كانت امام كل من: الشباب، النجمة، الرياض، هجر، الهلال، ثم النصر.
خسر الاولى 1/2 وكان لها دور في احتلال الشباب للمركز الثالث, وإذا عرفنا كيف مرت مباراته مع الهلال وكسبها 4/1 فقد فاز في مبارياته امام النجمة، هجر، الرياض وهو أمر طبيعي، وهي فرق قد تحدد مصيرها,, وماذا يهم فريقا يحتل المركز السابع او التاسع او هابطا للدرجة الاولى ان فاز على الاتحاد او خسر,, (فالشاة لا يضيرها السلخ بعد ذبحها) بل ان فريقا كهجر كانت عليه المباراة اثقل من جبل أحد,, يتمنى الخلاص منها عاجلا غير آجل.
ولا أدري ماذا حصل لمباراته مع النصر؟!
ولكن,, لو أن هذه المباريات اقيمت اثناء معمعة الدوري,, او في اوقات لها تأثيرها على وضعية الفرق,, هل كانت ستنتهي إلى النتائج نفسها؟!
وبالتالي هل ستكون المحصلة النهائية لترتيب الفرق كما هي عليه الآن؟!
** ثالثا: الأهلي والأنصار
جاءت هذه المباراة في الاسبوع الاخير من المرحلة التمهيدية بعد ان تأهل الاهلي للمرحلة النهائية (المربع الذهبي) وبالتالي فالمباراة في نظره قد لا تحمل اهمية كبرى، عكس الانصار الذي تحدد مصير هبوطه او بقائه, وكان الفوز الذي لا بديل له عنه هو القشة التي يتمسك بها ليلعب مباراة فاصلة مع الوحدة.
ومع ايماننا بأهميتها للانصار فإن الواقع يشير إلى ان الانصار غير مؤهل لكسبها وبنتيجة كبيرة 3/1 سواء من الناحية الفنية,, او الامكانات الفردية,, او وضعية الفريقين في سلم الترتيب,, او مقارنة بنتيجة الدور الاول 4/1 للاهلي، لكن عدم اهتمام الاهلي بالمباراة,, ساهم في هذه النتيجة.
ويجب ان نفرق بين عدم المبالاة وبين التنازل,, إذ لا يمكن ان يرقى الشك لاي من انديتنا بمثل هذه الامور,, لكن - كما أشرت - عدم اهمية المباراة له دوره في النظر إليها, فالاهلي لايهمه من يهبط,,؟! ومن يبقى؟! بقدر ما تهمه مصلحته الشخصية من المباراة وغيرها.
هذه النتيجة لم تخدم الانصار فقط,, بقدر ما امتدت إلى الوحدة التي دفعت الثمن وقد تدفع اكثر,, عندما اصبحت في موقف حرج وعلى مفترق طرق مع الانصار بسبب هذه النتيجة.
وماذا,, بعد؟!
هذا هو السؤال الهام,, في نهاية المطاف وإذا كان البعض يرى ان تلك حالات فردية فهو مخطئ في ظنه,, إذ انها تنسحب بتأثيرها على الوضع العام للدوري وعلى تشكيله النهائي,, من خلال امتداد تأثيرها على الآخرين الذين قد يدفعون الثمن,, نتيجة اتاحة الفرص لغيرهم بالاستفادة من مثل هذه المواقف دون ان تتاح لهم.
فعلى سبيل المثال,, فإن الهلال تعمد من خلال مباراته امام الاتحاد (غير المهمة) اراحة عدد من لاعبيه استعدادا لمباراتهم امام التعاون في كأس ولي العهد,, ونيل لاعبه أحمد الدوخي الانذار الثالث ليغيب عن لقاء التعاون على امل التأهل والمشاركة في المباراة قبل النهائية وهو ما حصل بالفعل لكن النجمة التي ستقابل الهلال هي المتضررة من عدم غياب الدوخي,, لو كانت تلك المباريات لها اهميتها, والتعاون ايضا,, ربما استفاد لو شارك الهلال بنجومه امام الاتحاد.
والنصر أيضا تعمد بعض لاعبيه نيل الانذار الثالث ليغيبوا عن لقاء الاتحاد (غير المهم) والمشاركة في لقاء الشباب في كأس ولي العهد الأكثر اهمية,, عكس الشباب الذي ستغيب عنه عناصر مهمة نالت انذارات في مباراة سابقة.
ولو كان لمباراة النصر والاتحاد اهميتها لاعتذر النصر عن اداء لقاءين مهمين خلال ثمان وأربعين ساعة.
نحن لا نعترض على النصر,, او الهلال باستغلال هذه الفرص فهو حق مشروع لكننا نتحدث عن تأثر الآخرين به.
إذاً,, ماهو الحل؟!
قبل ان نطرح الحلول,, لابد من معرفة الاسباب المؤدية لذلك لتسهل علينا عملية تلمس الحلول.
وفي نظري ان الامر يكمن في سببين:
- نظام المربع الذهبي.
- المباريات المؤجلة.
ومن هنا فإن الحل في نظري يكمن في ناحيتين:
** الاولى: اعادة النظر في نظام المربع الذهبي بصورة يتم من خلالها تلافي السلبيات المترتبة على طريقته,, فالقضية ليست ميزة معينة للمتصدر إذ ان هذه قد لا تساهم في تصحيح الوضع بالصورة المطلوبة حتى وان تم وضعه على قائمة الانتظار لاسباب شرحتها في بداية المقال.
** الثانية : اعادة النظر في جدولة المباريات المؤجلة للفرق المشاركة في بطولات خارجية بحيث يتم الانتهاء منها متوافقة مع نهاية الدوري حتى تصبح لها الاهمية ذاتها ولا تؤثر في مسيرته ووضعية الفرق فيه.
والعامل الثاني لا يمكن ان يتحقق إلا من خلال خطوتين اساسيتين:
أولاهما : التعامل بمنطقية,, وبما تمليه المصلحةالعامة في طلبات الاندية المشاركة في بطولات خارجية فيما يتعلق بتأجيل بعض مبارياتها استعدادا لتلك المشاركات,, فمن غير المعقول ان يغيب فريق ما عن الدوري عشرة ايام,, او اسبوعين او ما يقارب ذلك لمجرد الاستعداد لمباراة واحدة,, او استضافة بطولة معينة.
الثانية: جدولة برامج الاتحاد السعودي لكرة القدم,, بما فيها مشاركات الفرق والاندية والمنتخبات وتحديد مواعيدها,, وكذلك المباريات المؤجلة منذ بداية الموسم,.
واعتقد ان الاتحاد بحاجة ايضا إلى اعادة النظر في كثير من برامجه ومشاركاته الخارجية سواء على مستوى المنتخبات او الاندية بما يضمن مشاركة فعالة لهذه الفرق دون ان يتأثر الدوري المحلي بهذه المشاركات,,, والله من وراء القصد.
|
|
|