على ضوء ما دعت إليه أبولو عام 1932 السموّ بالشعر العربي وتوجيه جهود الشعر توجيهاً شريفاً مناصرة النهضات الفنية في عالم الشعر,,وترقية مستوى الشعراء أدبياً ومادياً واجتماعياً مصطفى النجار |
هذه هي النقاط التي دعا اليها بحماسة مشتعلة -قولاً وفعلاً- وفي وقت مبكر، الدكتور احمد زكي ابو شادي في اول عدد من مجلة ابولو الصادرة في القاهرة، عن جماعة ابولو الادبية الشهيرة، صدرت عام 1932م عن جماعة ابولو برئاسة د, احمد زكي ابو شادي , ترى ونحن على مقربة من القرن الواحد والعشرين، ماذا تحقق مما تمناه ابو شادي اودعت اليه تجمعات وروابط وجمعيات ونوادٍ ومجلات مثل مجلة شعر اللبنانية ، تهتم بالشعر اهتماماً كاملاً او تجعله من بين اهتماماتها، او ما احترق في سبيله شعراء، ابداعاً وتنظيراً وممارسة، خلال هذه الرحلة الطويلة؟ الشعر العربي المعاصر والحديث على مدى نصف قرن ونيف في معطياته قد مرَّ في مراحل واجيال ومدارس، وتعرض الى مثاقفات عديدة، كما تعرض الى تحديات جمه، تمخض عن ايجابيات وسلبيات في صعوده وهبوطه، في تطلعاته المتوثبة واحباطاته، كما اسفر عن اضافات، واضافات نوعية تذكر وتضاف الى مجمل ديوان الشعر العربي القديم عامة، تحمل بصمات هذا العصر كما طبع كل عصر بصماته على الشعر العربي في مراحله المتتالية، بغض النظر عما خلفه الشعر المعاصر والحديث من تراكمية، ومن رماد، نتيجة حرق المراحل الزمنية في زمن قصير اذا ما قيس الى كل زمن استغرقته الكلاسية او الرومانتية في الغرب - مثلاً-، وهذه اشكالية تعاني منها الشعوب التي تنهض من سبات محاولة اللحاق بركب الحضارة والتقدم، او التي تعاني من عقدة نقص فتلهث وراء الآخر، تستعير اجنحته، وتتنازل عن اشياء كثيرة, نعم بغض النظر عن هذه الاشكالية وهي جزء لا يتجزأ من الاجابة، فان الشعر الحديث في نهوضه الفني بالشعر العربي المعاصر، ضخ دماء جديدة في عروقه واوصاله، وبخاصة ما ارتكز منه على ارضية فكرية لا تفرط بالهوية العربية، العربية الاسلامية، كما لا تتهاون بالجماليات الجديدة، ما دفع الى ولادات متميزة، جديدة، تمثلت في نماذج ممتازة من شعر التفعيلة، تحقق فيها التوازن الفني والفكري، المعاصرة والاصالة، الحداثة والمسؤولية، فلم تدع رياح التغريب والاغراب تقتلعها من الجذور، انما افادت من الانساغ الجديدة بعد ان اخضعتها الى هضم وتمثل جديدين، ايما افادة.
كما ان هناك على الطرف الآخر عن سابق اصرار وتعمد- انحازت الى الآخر نماذج، مقلدة للغرب، ومشغوفة به، وساعية الى ان يكون الشعر العربي جزءاً من حركة الشعر الغربي فناً وفكراً, اذ ليس كل نهوض يستحق ان يحتذى، فربما له وجه آخر، يستحق ان نطلق عليه صفة اخرى، والنهضات الفنية في عالم الشعر التي دعا اليها او دعا الى مناصرتها ابو شادي، بعد خلاصة التجارب في هذا الشأن، وفي معظم الاقطار العربية اسفرت عن انماط عديدة، منها ما يستحق ومنها من لا يستحق، فأسفرت هذه المناصرة او تلك عن ترجيح كفة على كفة - ان جاز التعبير- وبرزت للعيان وعبر العديد من الدواوين والمجموعات الشعرية الصادرة خلال مدة طويلة، وعبر ما نشر في المجلات والدوريات والصحف والملاحق من شعر ومن كلام هائل عن الشعر، اضافة الى ما ساهمت به وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمهرجانات والندوات، برزت حداثة ضحلة، وحداثة مهمة، الحداثة المهمة افادت من الفنون السمعية والبصرية والتشكيلية في صياغة قصيدة جديدة، كما افادت من ادوات القص والمسرح والدراما، والتاريخ فاستدعت رموزه ووقائعه الى الحاضر والمستقبل, وهذه اضافة تذكر الى ديوان الشعر العربي عامة، اضافة الى اضافة اخرى متمثلة بأدب او بشعر خاص للاطفال، والتراث الشعري القديم كان ضنيناً في هذا المجال، واعطاء مساحة واسعة من مشهديته الى المرأة الشاعرة المبدعة، رغم الندرة، تحسب ايضاً اضافة ايجابية الى ايجابيات لا يتسع المجال لذكرها.
ان امام النقد العربي المعاصر مهمات ومسؤوليات جساما، ليقول كلمته، ليخرج من صمته المريب، ليضع النقاط على الحروف، والا ازداد التراكم تراكماً، واختلطت الازمنة بركامها اكثر فأكثر!!
اين هي القصيدة العمودية العربية ذات الايقاعات العريقة من هذا، وفي هذا؟
الى اين وصلت القصيدة الحديثة بأنماطها واشكالها المتعددة: التفعيلة، قصيدة النثر، النص المفتوح؟
ماذا تبقى في ذاكرة الزمن والتاريخ من كل هذا؟ هل للنقد المتخصص النخبوي وحده، الكلمة، القول الفصل، ام هناك المتلقي في جميع مستوياته، والظروف الموضوعية التي تحيط بالمتلقي وبالمبدع وبالابداع؟ بماذا نفسر عودة كثير من دعاة التجديد والتحديث الى كتابة القصيدة العمودية - مثلاً- والتخلي عن بعض طروحاتهم الحداثوية السابقة؟
اما النقطة الثالثة التي نادى بها ابو شادي، الشاعر رغم انها لا تدخل في صميم العملية الابداعية مباشرة لامن حيث اشكاله ورؤاه، ولامن حيث السمو به، وتوجيهه الوجهة الشريفة- على حد تعبيره- انما هي على قدر كبير من الاهمية لانها تتعلق بظروف المبدع المادية منها والاجتماعية، فالرقي بها امر حضاري، مهم، ومطلوب.
في هذا المجال تتوالد اسئلة كثيرة تتعلق بالوضع الاجتماعي للشعراء خاصة والادباء عامة، وهل صحيح ان الفقر والحاجة والبؤس والتصعلك وقود للمبدع والابداع معاً؟
وهل تحسنت احوال الشعراء الاجتماعية منها والمادية عن ذي قبل، بدءاً من تاريخ هذه الصرخة؟
والجواب يتلخص باشارتين سريعتين:
* اذا شب الالم عن طوق التعبير والاحتمال لدى المبدع,, ينقلب الامر من وقود دافع للعملية الابداعية الى احباط مريع وتختلف الحالة من مبدع الى مبدع آخر.
تفرغ المبدع اضافة الى ما يجنيه من عائدات النشر يساعدانه على ترقية جزئية من الترقية التي دعا اليها ابو شادي وهي ترقية شاملة تشتمل على عناصر كثيرة لو توفرت للمبدع لكان هناك حديث آخر!
|
|
|