Friday 26th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 9 ذو الحجة


تطور النقود والنظام النقدي في المملكة

تبرز في تاريخ الامم نقاط انطلاق كثيرة يختلف المؤرخون على اختيار اهمها لتأريخ البداية الفعلية لميلاد امة او لنهضتها من كبوة المت بها او غير ذلك من المنعطفات اما في المملكة العربية السعودية فالامر يكاد يكون سهلا لان نقطة الانطلاق واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار,, وقد بدأت عندما قام شاب يافع يملأ قلبه الايمان وصدره الشجاعة وثلة من مواطنيه المؤمنين برسالته باستعادة مدينة الرياض عاصمة آبائه واجداده في 5 شوال 1319ه الموافق 15 يناير 1902م وكان استرداد العاصمة الرياض في ذلك التاريخ على يدي المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه بشير خير ونقطة انطلاق للم شمل البلاد, وقد كانت ملحمة تضيق الكتب بشرحها ولكن الحدث الاهم خلال المرحلة الاولى هو ظهور المملكة بصفتها كيانا سياسيا عام 1343/1344ه (1925/1926م) ثم ظهورها باعتبارها كيانا سياسيا موحدا متكاملا عام 1351ه (1932م) تحت اسم المملكة العربية السعودية.
وقد واجهت الدولة الفتية في مراحلها الاولى من التأسيس تحديات ومصاعب اقتصادية جمة بسبب تدني مستوى المعيشة الى مستوى العوز والفاقة, فقد كان الاقتصاد يعتمد على نشاطات محدودة في مجال التجارة والزراعة والرعي والخدمات وخصوصا تلك المرتبطة بالحجاج القادمين لزيارة الاماكن المقدسة, وزاد من صعوبة الاوضاع المعيشية في ذلك الوقت ضآلة الموارد المتاحة للحكومة للانفاق على مشروعات البنى الاساسية وندرة الكوادر الادارية المؤهلة للقيام بالاعباء المتزايدة لدولة واسعة الارجاء وضعف الهياكل الاجتماعية التي تسهم في عملية التحول نحو المجتمع الحضري بيسر وسهولة.
ولكن اقتصاد البلاد شهد تحولا كبيرا في النصف الثاني من الخمسينيات الهجرية (اواخر الثلاثينيات الميلادية) باكتشاف النفط عام 1938م وتصديره بكميات تجارية منذ عام 1945م لمواجهة التوسع الاقتصادي العالمي الكبير واعادة الاعمار بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ولكن الموارد الكبيرة التي وفرها قطاع النفط للحكومة للنهوض بالبلاد فرضت في الوقت نفسه تحديات جديدة تطلبت القيام باصلاحات مالية ونقدية جوهرية لمواكبة التغيرات التي تطلبتها عملية التنمية.
النقطة الاهم هنا هي ان جهود الملك المؤسس في بناء حكومة مركزية قوية حققت الامن والامان للانفس والاموال شكلت الشرط المؤسسي الحاسم الضروري لنجاح اي عملية تنمية اقتصادية بصرف النظر عن الموارد المتاحة ان فقدان الامن لا يعوضه اي مجهود اوموارد اقتصادية.
وعبر هذاالبحث سنعمد الى القاء بعض الضوء على مراحل التطور النقدي التي مرت بها المملكة العربية السعودية خلال فترة التوحيد والبناء بما في ذلك استعراض الاوضاع النقدية قبل عام 1344ه - 1926م والترتيبات النقدية اللاحقة لتنظيم اوضاع النقد والتي اعقبتها سلسلة من التغيرات الكبيرة والتقلبات الواسعة على الصعيدين المحلي والعالمي عصفت بالاستقرار النقدي واستدعت تطبيق عدد من الاصلاحات النقدية والمالية في السبعينيات الهجرية الخمسينيات الميلادية) وقد مهدت تلك الاصلاحات السبيل فيما بعد لارساء نظام نقدي راسخ وعملة ثابتة واسعار صرف مستقرة وشبكة مصرفية متقدمة ونظم متطورة للمدفوعات تضاهي احدث النظم العالمية في الوقت الحاضر.
الأوضاع النقدية قبل عام 1344ه
اعتمدت المعاملات النقدية قبل توحيد المملكة على خليط من العملات الاجنبية تعكس في ذلك الوقت حالة التشرذم السياسي والتبادل التجاري الخارجي والنشاط الاقتصادي البسيط لمختلف المناطق, كان الريال الفضي العثماني يستخدم في مناطق واسعة من البلاد وخصوصا في الغرب والوسط والجنوب, أما ريال ماريا تريزا النمساوي (الريال الفرنسي) فقد كان استخدامه شائعا في وسط البلاد وفي شرق البلاد كان استخدام الروبية الهندية الفضية اكثر شيوعا نظرا للارتباط التجاري القديم بين منطقة الخليج والهند,, واستخدمت مسكوكات نحاسية متنوعة لاجزاء الريال الفضي العثماني كالقرش واقسامه وما يعرف بالبيزة والآنة والبارة وغيرها.
بالاضافة الى العملات الفضية والنحاسية التي كانت وسيلة الدفع للمعاملات الاعتيادية استخدمت الجنيهات الذهبية للمدفوعات الكبيرة والادخار وخصوصا الجنيهات الذهبية الانجليزية.
كان للعملات الذهبية والفضية طابع سلعي وقيمة جوهرية حسب محتواها من المعدن ونقاوته الى جانب وظائفها بصفتها وسائط للدفع لذا كانت قيمها واسعار التبادل بينها تتأثر بالاسعار العالمية لمعدني الذهب والفضة مما كان يعرضها للتكديس او التهريب او الاذابة عند اختلاف هذه القيم تجاه بعضها البعض كما كانت تتأثر قيم تلك العملات بظروف العرض والطلب المحلي للسلع والنقود وما ينتج عن ذلك من تقلبات في عرض النقود لعدم وجود جهة منظمة للاصدار حيث ان معظم العملات المشار اليها استبدلت في دول منشئها بعملات ورقية تعتمد على ضمان الحكومة للوفاء والابراء وفي حين كان هذا الوضع يناسب اقاليم مجزأة ناقصة السيادة فانه لم يكن يتلاءم مع دولة تتمتع بكامل السيادة من اهم مسؤولياتها التنمية الاقتصادية المعتمدة على تنظيم اصدار النقد والمحافظة على سعر مستقر لعملتها الوطنية.
الترتيبات النقدية ما بين الأعوام 1344 - 1346ه
لمس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بعد دخوله الحجاز القوة الاقتصادية الكامنة للكيان الجديد وبالتالي اتخذ خطوات لتحسين اوضاع النقد والعمل على حمايته من التقلب باعتماد عملة رسمية وتنظيم اصدارها فقد تم اعتماد القرش الاميري الذهب كمعيار للقياس بما يساوي جزءاً من مائة وعشرة اجزاء من الجنيه الانجليزي الذهب 1 الى 110 وتم سك القرش واجزائه (نصف القرش وربع القرش) عام 1344ه - 1926م من معدني النحاس والنيكل وحددت قيمته بما يساوي نصف القرش الاميري الذهب اضافة الى مسكوكات ضربت في العام السابق من النحاس والبرونز من فئة نصف وربع القرش لسد الحاجة الى الفئات الصغيرة من العملة وفي 13 رجب 1346ه 6/1/1928م صدر اول نظام نقد سعودي عرف ب(نظام النقد الحجازي النجدي) تم بموجبه اعتماد الريال العربي الفضي عملة رسمية للبلاد تحل محل الريال العثماني الذي اوقف التعامل به في غرة شعبان من العام نفسه, وضرب الريال العربي بنفس حجم ووزن وعيار الريال العثماني 055,24 غراما من الفضة نقاوة 833,0 واعتمد الجنيه الانجليزي الذهب كمعيا ر لقيمة الريال الجديد وحدد سعره ب 10 ريالات عربية كما حددت اجزاء الريال العربي ب11 قرشا اميريا اي 22 قرشا دارجا وفقا لعلاقة القرش الاميري بالجنيه الانجليزي الذهب 1 الى 110 قرش اميري اي 220 قرشا دارجا.
وبموجب هذا الترتيب التزمت الحكومة بما يعرف بقاعدة المعدنين حيث سمح للعملات الذهبية الاجنبية بالتداول الحر جنبا الى جنب مع الريال الفضي الرسمي.
وكانت العملات الفضية والذهبية تتمتع بدرجة عالية من الوزن والنقاوة للمعدن الذي سكت منه.
حالة عدم الاستقرار 1346 - 1371ه
لم تتمكن المملكة خلال هذه الفترة من المحافظة على استقرار سعر صرف الريال السعودي الفضي مقابل الجنيه الانجليزي الذهبي الشائع التداول في ذلك الوقت لظروف خارجة عن ارادتها.
فقد شهد العقد الثالث من القرن العشرين تقلبات واسعة وتحولات كبيرة عصفت بالاستقرار الذي وفره نظام قاعدة الذهب لاسعار الصرف العالمية نتيجة للسياسات المالية التوسعية والتخفيضات المتوالية للعملات الاوروبية التي اعقبت الحرب العالمية الاولى وقد بلغت الازمة ذروتها بحدوث الكساد العالمي الكبير 1929 - 1932م الذي ادى الى انهيار اسعار الفضة اعقبه تخلي بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية وهما دولتا الاحتياطي العالمي الرئيستان عن قاعدة الذهب في عامي 1931م و1933 على التوالي وارتفاع اسعار الذهب تبعا لذلك.
وتحت وطأة هذه الظروف لم يعد بالامكان الالتزام بقيمة التعادل المحددة بين الريال السعودي والجنيه الذهب الانجليزي 10 الى 1 بموجب نظام النقد السابق ذكره وتم في عام 1354ه - 1935م سك ريال فضي جديد يحمل اسم المملكة العربية السعودية بنفس وزن ونقاوة الروبية الهندية الفضية 6638,11 جرام نقاوة 9166,0 اي اقل من نصف الريال القديم.
وقد اسهمت عدة عوامل دولية ومحلية في حصول نوبات اخرى من الاضطراب وعدم الاستقرار في نظام النقد السعودي المشار اليه سابقا فقد ادى عدم انتظام المعروض من العملات الذهبيةوالفضية وخصوصا الجنيه الانجليزي الذهب الذي كان يعتبر معيار القيمة الى حدوث تقلبات واسعة في اسعار الصرف بين الجنيه والريال السعودي لا تتناسب مع محتواهما من الذهب والفضة في اسواق المعادن العالمية,, وارتبط ذلك الوضع بالمصاعب والضغوط الكبيرة التي احدثتها الحرب العالمية الثانية وقبلها الكساد الكبير على موارد البلاد من السلع والخدمات وخصوصا تحويلات الحجاج التي شكلت المصدر الرئيسي لحصيلة البلاد من الجنيهات الذهبية الاجنبية ونظرا لعدم وجود سلطة نقدية مركزية تنظم اصدارات البلاد من الريال الذي كان يسك في الخارج ويرد على دفعات غير منتظمة وعدم توافر شبكة مصرفية متطورة تلبي المدفوعات المرتبطة بمتطلبات الحكومة والقطاع الخاص فقد تعرض سعر صرف الريال الى فوارق كبيرة لا تتلاءم مع قيمة محتواه من الفضة في السوق العالمية مما اسهم احيانا في تهريبه الى الخارج بكميات كبيرة لبيعه كسبائك معدنية ولم يعد النظام بأكمله وطرق مدفوعاته التقليدية متلائمين مع متطلبات قطاع النفط الحديث الآخذ في النمو بشكل مطرد.
ولا يفوتنا هنا التأكيد على ان نظام قاعدة المعدنين يعاني من مشكلة عدم الاستقرار لانه من الصعب المحافظة على معدل تبادل ثابت بين معدنين يتعرضان لظروف عرض وطلب مختلفة بسبب ظروف الانتاج والاستهلاك للمعدنين ولذلك عانى هذا النظام طوال تاريخه من التذبذب, ومن نافلة القول ان صفة عدم الاستقرار هذه قد اسهمت اسهامات كبيرة مع العوامل الاخرى في تقويض اسعار الصرف بين الجنيه والريال السعودي خلال تلك الفترة.
وكانت تقلبات الجنيه الانجليزي تجاه الريال السعودي الاكثر حدة.
وقد زادت التقلبات بعد انتهاء الحرب حيث تراوحت أسعار الصرف ما بين 89 ريالا و41 ريالا مقابل الجنيه خلال الاعوام 1946 - 1950م ثم استقرت لحد ما خلال السنتين التاليتين لتتراوح ما بين 32,49 و07,40 ريال كما شهدت اسعار الصرف ما بين الجنيه والدولار تقلبات مماثلة حيث لم يكن بامكان اي سلطة سواء في المملكة او في غيرها من الدول السيطرة على الجنيه بسبب حرية تداوله اذ لم يعد الجنيه الذهب يشكل عملة رسمية بريطانية منذ فترة تعود الى ما بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى وتخلي بريطانيا عن قاعدة الذهب الكامل (اي اصدار وتداول عملات ذهبية رسمية) وقد ضاعفت هذه التقلبات من تكلفة استيراد السلع من قبل القطاع التجاري وتكلفة تأمين السلع والخدمات الخاصة بالحكومة واحدثت صعوبة في اعداد الموازنة وزادت من اعباء المعيشة على المواطنين وزوار الاماكن المقدسة.
اما بالنسبة لاسعار صرف الريال مقابل الدولار خلال هذه الفترة فقد كانت تقلباتها اقل حدة نسبيا من اسعار صرف الجنيه حيث تراوحت ما بين 20,0 الى 30,0 دولار للريال منذ عام 1945م وتحددت قيمة الريال بدرجة كبيرة حسب قيمة التعادل لوزنه المماثل من الفضة في الاسواق العالمية ولكن سعر صرف الريال عانى في بعض الاحيان من تذبذب كبير حسب وفرته او نقصه في السوق المحلي لعدم طرحه في التداول بشكل منظم بعد سكه في الخارج ونظرا لوفرة عرض الريال ما بين الاعوام 1946 - 1951ه حدثت علاوات عالية في قيم التعادل لصالح الاسواق الخارجية تجاوزت نسبة 15 في المائة وهي النسبة التي اذا تم تجاوزها تصبح عملية التهريب مجزية وقد تعرض الريال بسبب ذلك لعمليات تهريب واسعة للخارج وخصوصا لاسواق الهند التي تجاوزت العلاوة فيها في بعض الاوقات 70 في المائة بسبب تدني قيمة الريال النقدية دون مستوى القيمة العالمية للمعدن والقيود التي فرضتها الحكومة الهندية على استيراد الفضة اما بالنسبة لسوق نيويورك فقد بلغت العلاوة في بعض الاحيان 25 في المائة.
وقد قدرت عمليات التهريب للخارج ما بين 2 - 5 ملايين ريال شهريا خلال عامي 1949 و1950م وما كانت هذه التجاوزات لتحصل لو كانت هناك سلطة نقدية مستقلة منوط بها متابعة تطورات قيمة العملة واتخاذ الاجراءات اللازمة لحمايتها في الوقت المناسب.
وقد تسبب مناخ عدم الاستقرار لاسعار الصرف في حدوث اضرار كبيرة في الاوضاع المالية للحكومة التي كان يشكل النقد الاجنبي ما يقارب 80 في المائة من مجموع ايراداتها ومعظمه بالدولار وكان يتعين على الحكومة ان تحول جزءا كبيرا من النقد الأجنبي الى ريالات او جنيهات ذهبية لمواجهة اعباء الانفاق المحلي.
فعلى سبيل المثالى، كانت تتراوح الفروقات في عائد الحكومة من تحويل مليون دولار الى ريالات ما بين 000,200,3 الى 000,200,5 ريال حسب اسعار الصرف التي تفاوتت بين 2,3 و2,5 ريالات للدولار منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية اما حصيلتها من الجنيهات الذهبية مقابل العائد بالدولار فقد تراوحت ما بين 000,100 الى 000,50 جنيه وفقا لتفاوت سعر صرف الجنيه مقابل الدولار البالغ 25,10 الى 0,20 دولار في تلك الفترة.
اما بالنسبة لقطاع النفط فكان يتعين على شركة الزيت العربية الامريكية (ارامكو) ان تدفع قيمة ريع المملكة من النفط خلال الفترة 1948 - 1950م بالعملة الذهبية التي كانت عملية تأمينها وشحنها بكميات كبيرة تواجه مصاعب كبيرة وللوفاء بالتزاماتها من الرواتب والمصروفات المحلية بالريال كان على الشركة ان تنقل وتخزن وتحرس ما يقارب 60 طنا من الفضة كل شهر.
كل هذه العوامل المشتركة دفعت الحكومة الى مراجعة اوضاعها المالية والنقدية وان تدرس بجدية عملية تطوير النظام النقدي لاضفاء الاستقرار على اسعار الصرف ونظم المدفوعات.
النظام النقدي السعودي الحديث
ارتبط النظام النقدي الحديث بالمملكة بانشاء مؤسسة النقد العربي السعودي عام 1372ه (1952م) وبفضل توطيد الاستقرار الأمني ودور الحكومة المركزية في تعجيل وتيرة التنمية في مختلف المجالات اصبحت البلاد في امس الحاجة في ذلك الوقت الى جهاز مصرفي حكومي يتولى تنظيم اوضاع النقد بعد الاضطراب الكبير الذي تعرضت له نظم الصرف والمدفوعات بالمملكة في تلك الفترة وكذلك لادارة دخل الحكومة المتنامي بفضل الزيادة المطردة للصادرات البترولية.
وقد وافق الملك عبد العزيز - يرحمه الله - في اوائل عام 1952م على استقدام بعثة مالية امريكية رأسها المستشار المالي والاقتصادي المستر آرثر, ن, يونج لتقديم المشورة للحكومة السعودية في مجال تطوير انظمة النقد والميزانية العامة والتعريفة والادارة الجمركية, وبناء على التوصيات التي رفعها الخبير الأمريكي بالتشاور مع وزير المالية آنذاك الشيخ عبد الله السليمان - يرحمه الله - صدر المرسومان الملكيان برقمي 30/4/1/1046 و30/4/1/1047 وتاريخ 25/7/1371ه (20/4/1952م) بانشاء مؤسسة النقد العربي السعودي واعتماد نظامها الأساسي, وقد تحددت اهم وظائف المؤسسة بموجب المرسومين، في تثبيت ودعم قيمة العملة السعودية داخلياً وخارجياً، ومعاونة وزارة المالية بتوحيد المركز الذي تودع فيه ايرادات الحكومة وتصرف منه مدفوعاتها وفقاً لبنود الميزانية المعتمدة، وحفظ وتشغيل الأموال الاحتياطية المرصودة لاغراض النقد، وتقديم المشورة للحكومة فيما يتعلق بسك العملة وطرحها في التداول ومراقبة المصارف التجارية والصيارفة والمتعاملين في بيع وشراء العملات الأجنبية, وقد حظر على المؤسسة ضمن اشياء اخرى اقراض الحكومة والهيئات والافراد.
كانت المهمة الرئيسة قبيل مباشرة مؤسسة النقد العربي السعودي اعمالها تحديد سعر صرف واقعي ومستقر للريال السعودي يمكن المحافظة عليه والدفاع عنه لفترة زمنية معقولة, وبما انه قد تقرر ان يطرح الجنيه الذهبي السعودي الذي سك منه مليونان ونصف المليون قطعة في الخارج باعتبارها رسمية فور قيام المؤسسة بمهامها، فقد تطلب الأمر النظر في الابعاد الثلاثة لعلاقة سعر الريال بالدولار الامريكي والذهب والفضة والمحافظة قدر الامكان على القيم التاريخية السائدة في الاسواق المحلية والعالمية لهذه الاسعار خلال تلك الفترة, وعلى ضوء استقرار سعر الفضة بما يقارب 90,5 سنتاً للأونصة ومحتوى الريال من الفضة الخالصة البالغ 0,3475 من الأونصة وهامش أمان مقداره 15 في المائة لقاء مخاطر التهريب وانخفاض محتوى العملة من المعدن من جراء الاستعمال اليومي تعين ان يكون سعر صرف الريال مقابل الدولار في حدود 26,75 و27,50 سنتاً, وينسجم هذا السعر لحد كبير، مع القيمة التي حددت لجنيه الذهب السعودي وهي 40 ريالاً للجنيه حيث تتراوح قيمته، وفقاً لهذا الترتيب ما بين 10,70 الى 11,0 دولاراً وهو سعر مقارب لقيمة الجنيه الذهبي الانجليزي الرائج في ذلك الوقت والذي كان يتراوح سعره في السوق المحلية خلال عام 1952 ما بين 40,07 الى 45,4 ريالاً (10,80 الى 12,23 دولاراً).
وقد استنتج انه طالما بقي سعر الجنيه السعودي دون سعر الجنيه الانجليزي او مساوياً له فلن يترتب على ذلك خسائر على الحكومة او مشاكل عند طرحه للتداول بالسعر المقرر.
مؤسسة النقد العربي السعودي
باشرت مؤسسة النقد العربي السعودي عملها في 14/1/1372ه وقد بدأت المؤسسة بداية متواضعة حيث بلغ مجموع الموجودات والمطلوبات التي ظهرت في اول ميزانية نصف سنوية تصدرها المؤسسة عن المدة المنتهية في 30/6/1372ه نحو 47,5 مليون ريال وتكونت الموجودات من موجودات بالعملات المحلية بمبلغ 26,5 مليون ريال وموجودات اجنبية بمبلغ 21 مليون ريال, وفي جانب المطلوبات بلغ رأسمال المؤسسة في ذلك الحين 21 مليون ريال وقيمة احتياطي غطاء العملة 10,1 ملايين ريال، والودائع الحكومية 15,8 مليون ريال، والمطلوبات الاخرى 0,6 مليون ريال, وكان النظام الاساسي للمؤسسة قد خصص لها عند انشائها رأسمال قدره 500 الف جنيه ذهب الذي يعادل 20 مليون ريال وقد تم تسديده للحكومة في عام 1376ه،.
ومن بين المهام الأولى التي القيت على عاتق المؤسسة استكمال النظام النقدي للمملكة فطرحت في غرة صفر 1372ه الجنيه الذهبي السعودي ليحل محل العملة الذهبية الانجليزية, وقد حدد سعره بمبلغ 40 ريالاً اي ما يساوي 10,90 دولارات وهو سعر يتمشى مع السعر المستهدف للريال مقابل الدولار البالغ 27,0 سنتاً (3,70 ريالات للدولار), واعلنت المؤسسة عن عزمها المحافظة على هذا السعر بالتعاون مع المصارف التجارية والصيارفة ما لم تطرأ تغيرات جوهرية في الأسعار العالمية للذهب والفضة, وابلغت جميع الادارات الحكومية بقبول الجنيه السعودي بالسعر المحدد ومنع تصديره للخارج, وباصدار العملة الذهبية السعودية اصبحت جميع العملات المتداولة في البلاد ذات صبغة وطنية.
السياسة النقدية في مراحلها الأولى
يلاحظ من العرض السابق ان السياسة النقدية للمملكة في المرحلة الاولى لانشاء مؤسسة النقد ارتبطت بقاعدة الذهب بكل ما يتميز به المعدن من موثوقية وما يعاني منه من قصور نتيجة تذبذب اسعاره في الاسواق العالمية مما احدث تقلبات واسعة في عرض النقود واسعار السلع والخدمات في سعر الصرف, يضاف الى ذلك عدم وجود قطاع مصرفي نشط في الاقتصاد يقوم بعمليات اقراض وتمويل وتعبئة المدخرات او يتعامل بأدوات الدين المختلفة من سندات وغيرها.
كل تلك العوامل جعلت السياسة النقدية السائدة في ذلك الوقت سياسة بسيطة وغير واقعية ولا تتلاءم مع وضع الاقتصاد عندما اخذ في التوسع والنمو التدريجي مع زيادة موارد البلاد النفطية.
الإرهاصات الأولى لإصدار العملة الورقية
بالرغم من انتشار استخدام العملات الورقية في دول العالم الأخرى بما فيها الدول المجاورة فان المواطنين السعوديين ظلوا متمسكين بالعملة الفضية والذهبية لان قيمتها الاسمية مقاربة لقيمتها المعدنية, والسبب في ذلك يعود الى حداثة عهدهم بالأمن والاستقرار في ظل دولة مركزية قوية، ولكن كانت هناك مشقة متزايدة على الحجاج والمعتمرين القادمين من اقاصي بلاد المسلمين حيث ان حمل الريالات الفضية خاصة كان ثقيلاً كما كان التجار يأملون بايجاد وسيلة دفع اسهل نقلاً وتداولاً ولذلك قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بأول تجربة لادخال العملة الورقية في التداول باصدار ما سمي آنذاك بايصالات الحجاج للتيسير على الحجاج حمل النقود بدلاً من الريالات الفضية الثقيلة الوزن التي شكلت ايضاً معاناة للادارات المالية التابعة للمصالح الحكومية والشركات والمؤسسات وخصوصاً شركة الزيت العربية الامريكية (ارامكو) فيما يتعلق بصرف مرتبات موظفيها والاستحقاقات المالية للحكومة, وقد بدأ اصدار هذه الايصالات بفئة 10 ريالات ثم تلتها الطبعة الثانية من الفئة نفسها وفئتي الريال الواحد وال5 ريالات, وقد لاقت هذه الاصدارات ايضاً قبولاً كبيرا لدى المواطنين حيث لم يعد الى المؤسسة من مجموع الايصالات التي طرحتها خلال شهري ذي القعدة وذي الحجة من عام 1372ه والبالغة 25 مليون ريال الا ما يقارب خمس الكمية فقط, وطرح في التداول عام 1373ه (1954م) ما مجموعه 93 مليون ريال حيث اصبحت هذه الايصالات تدريجياً مألوفة في التداول كعملة ورقية وبهذا زادت قناعة المواطنين بضرورة التخلي عن العملات المعدنية وقبول العملات الورقية بسبب التطورات الاقتصادية الحاصلة والأمان المتوافر للعملة الورقية من حكومة مركزية قوية ذات موثوقية ومصداقية عالية ممثلة بمؤسسة النقد العربي السعودي.
الأزمة المالية والنقدية
مرت المملكة خلال الفترة 1375 - 1377ه (1956 0 1957م) اي بعد فترة قصيرة من انشاء المؤسسة بأزمة مالية حادة ادت الى تخفيض سعر صرف الريال في السوق الحرة واستنزاف احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي وقد ترتب على ذلك فرض رقابة على العملة والاستيراد وتطبيق برنامج للتثبيت والاستقرار النقدي استغرق تنفيذه نحو عامين ابتداء من شوال 1377ه (مايو 1958م).
وقد اسهمت عدة عوامل في احداث هذا الخلل الاقتصادي اهمها الانخفاض المفاجىء في دخل الحكومة من النفط في اعقاب ازمة السويس عام 1956م لم يقابله تكيف في الانفاق الحكومي مع هذا الوضع, فقد انخفضت ايرادات النفط عام 1956م لتبلغ 290,2 مليون دولار ثم استقرت عند مستوى مقارب لذلك خلال السنتين التاليتين بعد ارتفاعها بمقدار ستة اضعاف خلال السنوات الخمس السابقة من 56,7 مليون دولار عام 1950م الى 340,8 مليون دولار عام 1955م وقد مولت الحكومة جزءاً كبيراً من مصروفاتها عن طريق الاقتراض الداخلي المولد للتضخم واحدثت السيولة المفرطة والقوة الشرائية المفتعلة ضغطاً شديداً على ميزان المدفوعات انعكس في شكل ارتفاع كبير في الطلب على النقد الأجنبي لتمويل الطلب الكبير على الواردات وكذلك التحويلات الخارجية الاخرى ونتيجة لذلك انخفضت موجودات المؤسسة من الذهب والفضة والنقد الاجنبي خلال شهر رجب من عام 1377ه (1958م) الى ما يوازي 14 في المائة فقط من النقد المتداول كما انخفض سعر الصرف في السوق الحرة من معدله الرسمي البالغ 3,75 ريالات للدولار الى ادنى مستوى له وهو 6,25 ريالات للدولار.
وقد تطلب برنامج التثبيت والاستقرار الذي طبق بمشورة فريق خبراء من صندوق النقد الدولي ازالة العجز في الميزانية الذي كان المصدر الرئيسي للمصاعب الاقتصادية وذلك بتنفيذ خطة لزيادة الايرادات وترشيد النفقات وتسديد الديون الحكومية خلال فترة زمنية محددة, وقد ضم فريق الخبراء كلاً من الاستاذ احمد زكي سعد المدير التنفيذي للدول العربية في صندوق النقد الدولي والاستاذ انور علي مدير ادارة الشرق الاوسط بالصندوق مما جعل توصياتهم متوافقة مع آمال وتطلعات الحكومة, وقد طلبت المملكة من صندوق النقد الدولي الموافقة على تعيين الاستاذ انور علي في منصب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي للمساعدة في تنفيذ تلك التوصيات وقد استمر - يرحمه الله -في منصبه حتى توفي سنة 1394ه (1974م).
وخلال الفترة اللاحقة اجريت اصلاحات على نظامي الرقابة على النقد والاستيراد لجعلهما اكثر فاعلية, واستحدث نظام سعر الصرف المزدوج حيث طبق السعر الرسمي (3,75 ريالات للدولار) على الواردات الاستهلاكية الضرورية وسعر السوق الحرة على الواردات الكمالية, ادى التطبيق الحازم للبرنامج الى تمكين الحكومة من الغاء نظام مراقبة النقد وتثبيت سعر صرف الريال على اساس 4,50 ريالات للدولار ابتداء من رجب 1379ه 8 يناير 1960م .
وضمن عناصر برنامج التثبيت والاستقرار، صدر نظام جديد لمؤسسة النقد بموجب المرسوم الملكي رقم 23 وتاريخ 23 جمادى الأولى 1377ه الذي عهد الى المؤسسة بكل المهام المتعارف عليها للبنوك المركزية بما في ذلك اصدار العملة وتثبيت قيمة الريال السعودي داخليا وخارجيا،وادارة الاحتياطيات النقدية للبلاد، واستلام وصرف ايرادات ومدفوعات الحكومة، والاشراف على البنوك التجارية، كما تكللت جهود المؤسسة في الاصلاح النقدي بصدور نظام النقد بالمرسوم الملكي رقم 6 وتاريخ 1/7/1379ه الذي اجاز اصدار العملة الورقية وحصر امتياز طبع وسك واصدار النقد السعودي في المؤسسة، وفرض تغطية كاملة من الذهب والعملات الاجنبية القابلة للتحويل للعملة المصدرة, كما أدخل النظام العشري للعملة حيث قسم الريال الى عشرين قرشا بدلا من اثنين وعشرين قرشا الصعب التجزئة وقسم القرش الى خمس هللات، وحدد سعر تعادل للريال يوازي 0,197482 غرام من الذهب الخالص, وتم سحب ايصالات الحجاج من التداول وكذلك ابطل التعامل بالريالات الفضية والجنيهات الذهبية السعودية بصفتها نقودا واقتصر دورهما باعتبارها سلعا يتعامل بها الجمهور.
وقد تم طرح الاصدار الأول من العملة الورقية السعودية الرسمية من فئة المائة والخمسين والعشرة والخمسة ريالات وكذلك الريال الواحد في الأول من شهر محرم من عام 1381ه 14/6/1961م وقبلت المملكة اعتبارا من 5 شوال 1380ه 22 مارس 1961م الالتزامات المترتبة على قابلية الريال للتحويل وفقا للمادة الثامنة من اتفاقية صندوق النقد الدولي لتصبح واحدة من الدول القلائل احدى وعشرين دولة في الصندوق التي قبلت هذه الالتزام في ذلك الوقت.
ونتيجة الاصلاحات النقدية والمصرفية المكملة لنظام المؤسسة ونظام النقد المعدلين ونظام مراقبة البنوك الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/5 وتاريخ 22/2/1386ه وقرار وزير المالية والاقتصاد الوطني رقم 3/920 وتاريخ 16/2/1402ه بشأن تنظيم اعمال مهنة الصرافة، والقواعد والتعليمات والتعاميم والمتعلقة بتطبيق احكام نظام مراقبة البنوك، وصناديق الاستثمار، وعمليات المقاصة، وشبكة المدفوعات السعودية وغيرها توفرت للمؤسسة، بصورة تدريجية، الوسائل اللازمة لادارة السياسة النقدية والمصرفية بما يتوافق مع متطلبات الاقتصاد الوطني في العصر الحديث.
سياسة سعر الصرف
لقد استخلصت الحكومة الدروس اللازمة من تلك الأزمة وأهمها ضرورة الاستقرار المالي النقدي لعملية البناء والتنمية الاقتصادية التي يقودها القطاعان الحكومي والأهلي, وقد ترجمت تلك الدروس الى واقع نظامي فرض على مؤسسة النقد:
1 الاحتفاظ بغطاء كامل للنقد المصدر حماية له وتوطيدا للثقة فيه.
2 منع المؤسسة من اقراض الحكومة مثلما حصل خلال الأزمة السابقة مما أدى الى ارباك التوازن الداخلي والخارجي للريال, وبذلك الواقع النظامي الجديد تحققت للريال شروط الاستقرار اللازمة واصبحت مؤسسة النقد قادرة على اعتماد سياسة سعر صرف تنشد الاستقرار بموثوقية عالية داخليا وخارجيا.
وبعد استكمال برنامج التثبيت والاستقرار ظل الريال يتمتع بثبات القيمة تجاه الدولار طوال عقد الستينيات الميلادية، وفي أوائل السبعينيات عندما تعرض الدولار لضغوط شديدة متعاقبة بسبب وضع ميزان المدفوعات الأمريكي والتدفقات الرأسمالية الواسعة القصيرة الأجل التي أدت في النهاية الى التخلي عن نظام بريتون وودز لاسعار الصرف الثابتة واستبداله بنظام أسعار الصرف المرنة، كان مركز البلاد النقدي في وضع افضل للتعامل مع الأزمة, فقد ارتفعت قيمة الريال بنسبة 8,57 في المائة مقابل الدولار عندما قررت الولايات المتحدة في 18 ديسمبر 1971م تخفيض قيمة الدولار ضمن اتفاقية سميثسونيان لاعادة تقويم العملات العالمية ليبلغ سعر الصرف 4,14475 ريالات للدولار, وبعد خفض الدولار للمرة الثانية في فبراير 1973م وقرار المملكة باستمرار الحفاظ على سعر تعادل الريال بالذهب، ارتفع سعر صرف الريال بنسبة 11,11 في المائة مقابل الدولار ليبلغ 3,73027 ريالات للدولار, ومع استمرار الضغط على الدولار، قررت الحكومة بموجب المرسوم الملكي رقم م/38 وتاريخ 13/7/1393ه تغيير سعر الريال بالذهب الى 0,207510 جرام من 0,197482 جرام من الذهب الخالص مما رفع سعر صرف الريال مقابل الدولار بمعدل 5,078 في المائة ليبلغ 3,55 ريالات للدولار، وعندما بلغت أزمة النقد العالمية ذروتها اثر قرار جميع الدول الأوروبية الرئيسية واليابان تعويم عملاتها، صدر قرار مجلس الوزراء رقم 228 وتاريخ 1/3/1395ه 13/3/1975م بربط سعر صرف الريال بمجموعة العملات المكونة لسلةحقوق السحب الخاصة بسعر تعادل يساوي 4,28255 ريالات لكل وحدة سحب خاصة مع استخدام هامش تقلب مقداره 2,25 في المائة على جانبي سعر التعادل, وكانت حقوق السحب الخاصة قد انشئت عام 1969م من قبل الدول الاعضاء في صندوق النقد الدولي لتوسيع حجم السيولة الدولية, وتولت المؤسسة الاعلان اليومي لسعر صرف الريال مقابل الدولار على أساس سعر تعادل الدولار بالنسبة لوحدة حقوق السحب الخاصة, وقد بلغ سعر صرف الريال 3,475 ريالات للدولار في 15 مارس 1975م.
وفي أعقاب التحسن الكبير في سعر صرف الدولار مقابل العملات الأخرىالمكونة لوحدة حقوق السحب الخاصة منذالربع الثالث من عام 1975م اتبعت المملكة الهامش الأوسع الذي سمح به والبالغ 7,25 في المائة على جانبي سعر التعادل, واضطرت المملكة الى تعليق هذا الهامش مؤقتا منذ منتصف عام 1981م حيث لم يعد بالامكان الحفاظ عليه بسبب التقلب الكبير في سعر الدولار مقابل السلة صعودا وهبوطا, وتطلب الواقع العملي اتباع سعر صرف مدار بهدف المحافظةعلى سعر صرف واقعي ومستقر للريال مقابل الدولار باعتباره عملة المعاملات التجارية الأهم بالنسبة للمملكة وبالتالي عملة التدخل وعملة الاحتياط الرئيسة للبلاد, وبعد تخفيضات محدودة ومتوالية للريال مقابل الدولار بتاريخ 12/8/1984م وحتى 1/6/1986م ثبت سعر الصرف بما يساوي 3,75 ريالات للدولار.
السياسة النقدية الحالية
تطلب توسع النشاط الاقتصادي, وتنوع الاحتياجات التمويلية للقطاعين الحكومي والأهلي، وتوسع الخدمات المصرفية والمالية، وتطور نظم المدفوعات استحداث وتطبيق سياسات نقدية تعزز فرص النمو الاقتصادي مع المحافظة على الاستقرار النقدي, ويظل الهدف الرئيسي للسياسة النقدية والتي تتبعها المؤسسة المحافظة على استقرار مستوى الأسعار عن طريق عدد من الوسائط من ضمنها استقرار سعر الصرف, وتحقيقا لهذا الهدف تدير المؤسسة مجموعة من الأدوات النقدية التقليدية والمستحدثة، تشمل نسب الاحتياطي القانوني على الودائع، ونسب احتياطي السيولة وتسهيلات اعادة الشراء لأذونات الخزينة وسندات التنمية الحكومية، وعمليات المقايضة في سوق النقد الأجنبي الآجل، والأدوات الأخرى التي تهدف الى المحافظة على سلامة وملاءمة النظام المصرفي وكفاءة نظم المدفوعات والتسويات وتفادي التقلبات المفاجئة في السيولة المحلية.
اقتصاد متين
ومن الواضح للمتتبع لمسيرة البناء العتيد التي قادهامؤسس هذه المملكة الفتية وابناؤه البررة من بعده ان هذا البناء لم يكن كغيره, فقد بدأ من الناحية الاقتصادية تقريبا من لا شيء حيث لم يكن في الرياض عاصمة الدولة، عند بداية المسيرة، أي ركيزة من ركائز الاقتصاد: فلا عملة وطنية، ولا مؤسسات اقتصادية، ولا أمن يمكن ان تقوم في كنفه علاقات أو مؤسسات اقتصادية قادرة على انتشال الوطن من براثن الفقر والجوع والجهل, ولكن الله جل جلاله هيأ لهذه البلاد الطيبة قائدا ملهما بدأ بالتوحيد، وتحقيق الأمن والأمان دون اغفال البناء المؤسسي لحياة حضرية مستقرة، تدعمها بنى اقتصادية متواضعة, وبعون الله استمرت تتطور حسب الظروف المحلية والعالمية، حتى صار لهذا الوطن عملة من أكثر عملات العالم استقرارا وقوة، ونظام نقدي ومصرفي متين يعتمد عليه الاقتصاد الوطني بكل ثقة وأمان, ان التطور النقدي للمملكة الذي استعرضته يعكس على مرآة الاقتصاد قصة بناء هذا الوطن, فجزى الله القائد الموحد عن هذا الوطن اعظم الجزاء، ووفق ابناءه البررة لمواصلة هذه المسيرة المباركة.
محمد بن سليمان الجاسر
* نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي

المراجع
)1( Jasser, M.S.
Y Monetary History of Saudi Arabia Appendix B of unpublished Ph.D. Dissertation titled the Role of Financial Development in Economic Development: The Case of Saudi Arabia University of California. Riverside, June, 1986.
(2) حمزة، فؤاد، البلاد العربية السعودية، 1388ه (1968م).
(3) الحاج علي، محمد سعيد، مؤسسة النقد العربي السعودي (انشاؤها، مسيرتها وانجازاتها) 1372 - 1411ه (1952 - 1991م).
(4) حامد، سيد محمد، تطور النظام البنكي المركزي في المملكة العربية السعودية، ترجمة حسن ياسين معهد الادارة العامة جمادى الآخرة 1399ه.
)5( Raymond f. Mikesell.
)6( The Middle East Journal, vol.1.No. 2, April 1947.
)7( Young, A.N.
)8( The Middle East Journal, vol. 7, No. 3 Summer 1953..
)9( PartII, Middle East Journal, Vol. 7, No. 4 Autumn 1953..
)10( The Middle East Journal, Vol. 14, No. 4 1960.
)11( Young, A.M.
)12( Saudi Arabia: The Making of a Financial Giant. New York: New York University Press 1983.
(13) مؤسسة النقد العربي السعودي، التقارير السنوية، التقرير السنوي الاول لعام 1380ه الى التقرير السنوي الرابع والثلاثين لعام 1419ه.
(14) مؤسسة النقد العربي السعودي، الأنظمة والتعليمات النقدية والمصرفية 1414ه، 1994م.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
الركن الخامس
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
تحقيق
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved