Friday 26th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 9 ذو الحجة


آثار ومكتشفات حديثة,.
تل أثري في مدينة السويداء يضمر مدينة أثرية
مطمورة تعود للألف الثاني قبل الميلاد

تم اكتشاف مدينة أثرية، ترجع إلى عصر الحديد القرن الثاني قبل الميلاد تحت مدينة السويداء الواقعة على بعد 106 كيلومترات جنوب مدينة دمشق عاصمة سورية.
وقد سمّي هذا المركز المدني الذي ساهم في اكتشافه علماء آثار من فرنسا وسورية سوادا ديونيساس )SOADA - DINYSIAS( واول ما تم العثور عليه من هذه المدينة هو قلعة منفردة، لكن التقنيات بينت فيما بعد وجود آثار لمعبد ومسرح شرقي المدينة، ويقول العلماء انه تم العثور على عدة شوارع محاطة بالأعمدة تؤدي الى ساحة رئيسية وسط المدينة.
وبالاضافة الى ذلك فقد تم العثور على منازل متعددة ومقبرة جماعية في الجهة الغربية من المدينة.
هذا ويصف مدير المعهد الفرنسي لآثار الشرق الأدنى جان ماري دنتر هذا الاكتشاف بانه - مذهل - وناشد السوريين الحفاظ على إرثهم الوطني لانه لا يقدر بثمن.
من جهته اكد المهندس الفرنسي السيد ميكايل كالوس الذي تتبّع تفاصيل هذا الاكتشاف انه علمياً هام جداً ويضيء مرحلة تاريخية هامة من تاريخ سورية القديم كانت مغفلة واضاف القول من ثم بان هذه المنطقة من العالم قد جذبته لأنها مليئة بالزخم الحضاري وعلى مر العصور فقرر ان يدرس احدى المناطق التي لم تولها البعثات الاثرية اهتماما كافياً لاسباب مجهولة.
ويتابع المهندس ميكايل قائلا حول بداية الاكتشاف:
** لقد انطلقت من مقولة احد اساتذة الآثار المختصين بتاريخ سورية القديم، وهي ان كل تل اثري في سورية يضمر مدينة مطمورة .
وهكذا راجعت كل ما هو متوفر من معلومات عن تاريخ مدينة السويداء وعثرت مصادفة على صورة - جوية - كانت طائرات الاحتلال الفرنسي لسورية قد التقطتها في عام 1922, وتوضح الصورة وجود سور دائري مغلق حول هذه المدينة، فوضعت فرضية وجود قلعة في هذه المدينة وبعد زيارات عديدة للمنطقة علم احد الشيوخ الكبار في السن سبب مجيئي الى هذه المدينة فبدأ يسرد لي تفصيليا حدود السور، وكيف ان الناس اضطرت الى هدمه واحياناً البناء على احد جدرانه بسبب تسرع وتيرة التنمية الديمغرافية والاقتصادية، والتوسع العمراني في المنطقة فذهبنا برفقة هذا الشيخ لزيارة عدد من هذه البيوت التي شكّل السور احد جدرانها وشيئا فشيئاً بدأت تتضح امامنا جملة من التفاصيل.
اذ تم الكشف عن مدرج صغير، وضحت عليه كتابات باليونانية، ويبدو انه كان مخصصاً لاجتماعات مجلس الشيوخ او الحفلات الموسيقية الصغيرة والاعياد المحلية لهذه المدينة، وهذا المسرح كان يتوسط شارعاً موسيقيا ذا اعمدة واستطعنا تبيان ملامحه التفصيلية من خلال - الانفاق - التي حفرناها من داخل المنازل والساحات العامة بناء على فرضية مستخلصة من نقاط علّام اولية، وفعلاً تبين ان هذا الشارع ينتهي بمسرح كبير يفوق مسرح بصرى الأثري من حيث الحجم واستطعنا ان نكشف جزءاً من مداخله واقبيته.
السيد مدير متحف السويداء الاستاذ حسن حاطوم اضاف من جانبه:
** ان المدينة المكتشفة مؤلفة من ثلاثة احياء اقدمها يعود الى الالفين الثاني والاول قبل الميلاد ويمتد حتى العصر البيزنطي ويشغل تلة مرتفعة وهو بمثابة اكروبول المدينة، واما الحي الثاني فيقع شرق المدينة، وتوضح المكتشفات واللقى انه يعود للعصر الهلنستي والنبطي، ويتوسط الحي الثالث المدينة، ويرجع الى العصر الروماني والبيزنطي.
واضاف: انه تم ايضا الكشف عن معبد نبطي في الحي الثاني كما احتوى الحي الثالث على مبعد يعود للعصر الروماني وقد تم كشف جزء منه وتوضحت عليه كتابات يونانية تعود الى عهد حكم الامبراطور تراجان وهي الفترة الواقعة بين عامي 98 و117 قبل الميلاد.
وقال حول بقية المعابد:
** اما المعابد المسيحية فتوجد كنيستان الاولى - وهي صغيرة نسبياً - وتعود للقرن الخامس الميلادي، وقد تمكنا من كشف المحراب وجزء من القوس فيها.
واما الكنيسة الثانية فهي الأهم لانها كبيرة جداً، وتعتبر من اكبر كنائس الشرق آنذاك، ويبلغ طولها نحو سبعين متراً، وعرضها سبعة واربعون متراً ونصف المتر، وهي اقدم من الكنيسة الصغيرة، وتعود للقرن الرابع الميلادي، وتتجه نحو الشرق، وتضم ارضها لوحات فسيفسائية كبيرة وجميلة، ويوجد عدد منها في هذا الاكتشاف، ويقول:
** ان احداها يعود للقرن الثاني قبل الميلاد والملفت للانتباه في هذا القصر انه يوجد له شبيه من حيث الحجم، وتوزع القاعات والمداخل وذلك في كل من موقع (دورا اوربوس على الفرات) في الجزيرة السورية وفي موقع حاصور وسماريا في فلسطين مما يعني ان هذه المناطق كانت مرتبطة فيما بينها بعلاقات كثيرة ليست العمارة إلا إحداها.
ويشير الاستاذ حاطوم الى مصادر المياه في هذه المدينة فيقول:
** انه وجدت خزانات حجرية كبيرة جداً في المدينة وهي تعكس في احدى صورها حجم المدينة وعدد سكانها، وأحد هذه الخزانات هو عبارة عن بركة تسمى البركة السورية والاسم مشتق من كونها مسوّرة بالحجارة الكبيرة والتي يبلغ وزن احدها بالأطنان وقطر هذه البركة يبلغ حوالي خمسة وسبعين متراً، وعمقها نحو ثلاثين متراً, ويذكرها ابناء المنطقة جيداً منذ فترة قريبة وقبل ان تنزع حجارتها منذ ثلاثين عاما تقريباً وموقعها تاريخيا هو في الحي الاول، واما في الحي الثاني فقد وجدت بركة اخرى تسمى بركة الحج وهي كبيرة جداً طولها مائة وخمسون متراً وعرضها مائة وعشرون متراً وسميت بهذا الاسم لان الحجاج الى المعابد كانوا يتزودون منها بالماء ويعتقد انها كانت مخصصة للاله (دورا شاكل).
واخيراً,, يؤكد السيد جان ماري دتزر مدير المعهد الفرنسي للآثار موضحاً اهمية هذه المدينة بانها لم تكن موجودة على الخارطة الأركيولوجية السورية سابقاً وبالتالي فلا احد يستطيع ان يوضح اهميتها وقال:
** ربما تسفر الاكتشافات القادمة عن دور كبير لعبته هذه المدينة وتم تغييبها تاريخياً وإلا لماذا لا يوجد اي معلومات قديمة عنها، وهنا تكمن أهمية هذا الاكتشاف واعني بان المدينة جديدة تماماً على الدراسات الأثرية والتاريخية، لاسيما وانها تملك من التنظيم ما يلفت النظر اليها على خلاف المدن الشبيهة بها والتي تعود للفترة عينها.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
الركن الخامس
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
تحقيق
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved