Friday 26th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 9 ذو الحجة


العقاب لطلاب المدارس
حقائق يجب ألا تغيب

سعادة المكرم المشرف على صفحة عزيزتي العزيزة بجريدة الجزيرة المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, واسعد الله أوقاتكم بكل خير دائماً,,, وبعد:
لقد شاركت من خلال هذه الصفحة في الكتابة حول موضوع الضرب (العقاب) كما شارك غيري في نفس الموضوع وامام اصرار البعض على ضرورة استخدم الضرب وان على الوزارة ان تسمح باستخدامه رغم ان استخدام العقاب البدني لم يكن مسموحاً به اطلاقاً في مدارسنا منذ وضعت اللبنة الاولى لهذا الصرح الشامخ، فكيف تسمح الوزارة بشيء لم يكن اصلاً موجوداً, وان ماصدر من الوزارة من منع ماهو الا تأكيد لما سبق, ففي عام 1347ه صدر نظام المدارس معتبراً ان استعمال العقاب البدني ممنوع منعاً باتاً.
وأمام اصرار بعض الزملاء لاستخدام الضرب، اخترت بعض فقرات من محاضرة للدكتور/ عبدالوهاب احمد ظفر، عن العقوبة من الناحية التربوية لعل ان يجد فيها المصرون على العقاب الفائدة والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضيه.
* مبدأ الثواب والعقاب موجود في التربية قديمها وحديثها، لكن فهم الامر يحتاج الى شيء من الدقة ذلك ان كثيراً من الخلط يجري في بعض الاحيان.
* هناك التباس اساسي بين العقوبة بمفهومها التربوي وبين الحدود (العقوبة بمفهومها الشرعي او القانوني) والتي يقيمها الحاكم اكانت حداً اي العقوبات التي نص عليها الشارع او تعزيراً اي العقوبات التي ترك فيه الشارع الامر للحاكم المسلم يقدر ما يراه لخير ومصلحة المجتمع, ونحن في التربية لانقيم العقوبة الشرعية او القانونية وانما نقيم العقوبة التربوية ولايجوز لنا بأي حال من الاحوال ان نوقع بطلابنا انواعاً من العقاب البدني متصورين اننا نعزر طلابنا، لايجوز لنا ان نقيس مثل هذه القياسات الخاطئة فنعطي لانفسنا الحق في ضرب طلابنا، اذ ان مهمتنا تربية طلابنا ورعاية نموهم.
ومن ناحية اخرى فان الحاكم المسلم - ممثله وزارة المعارف- قد منع منعاً باتاً استخدام العقاب البدني في المدارس، فالاولى بنا ان نتقيد بذلك.
* الالتباس الثاني في الموضوع هو تضييق وتشويه معنى العقوبة وحصرها في العقاب البدني الا توجد انواع من العقوبة غير العقاب البدني، غير الضرب والصفع والعصا,.
* لعل الامر يتضح اكثر اذا اعتمدنا تعريفاً بسيطاً للعقوبة, فالعقوبة قبل كل شيء موقف تربوي هادف، فنحن في العقوبة نهدف الى تقويم اعوجاج او خطأ او مخالفة او تقصير من نقوم على تربيته, والعقوبة بهذا المعنى ليست موقفاً شخصياً وليست الاغراض منها اغراضاً شخصية، فهي ليست ارضاء لكبريائنا التي نتصور انها مست بمخالفة الطالب لتعليماتنا، وليست ارواء لغلنا او اطفاء لغضبنا، وبشكل عام ليست تعبيراً عن انفعالاتنا.
هنالك مجموعة من الشروط يجب توافرها لكي تكون العقوبة عقوبة بالمفهوم التربوي منها:
1- العقوبة عمل تربوي كما ذكرنا، ولذلك يجب ان تكون كأي عمل تربوي آخر مخططة بحيث تحقق الهدف الاساسي منها وهو اصلاح الخطأ الذي من اجله يعاقب الطالب.
2- يجب ان تكون العقوبة بعيدة تماما عن توجيه إهانة لشخص الطالب او جرح كرامته او هز ثقته بنفسه واحترامه لها.
3- يجب ان يعرف الطالب المخالفة او التقصير او الاهمال,, الذي صدر عنه والذي من اجله يستحق العقوبة، وان يكون مقتنعاً بالعقوبة التي توقع به، واذا لم يتحقق ذلك فسوف يجد الطالب في سلوكنا او عقوبتنا له ظلماً مريراً، وقد يحمله معه العمر كله.
4- يجب ان نحتفظ باحترام الطالب لنا قبل معاقبته واثناءها وبعدها لكي نبقى في نظر الطالب في مقام الاب والمربي، وان لم نفلح في ذلك فسوف نكون في صورة المنتقم الظالم.
5- يجب الا نصدر في عقوباتنا عن انفعالاتنا وغضبنا لان العقوبة كما ذكرنا عمل او موقف تربوي مخطط يخضع للمعايير العقلية والقيم الثقافية والتربوية، والانفعال يفسد ذلك ويجعلنا نشتط في عقوباتنا ونخرج بها عن الحدود التي تحقق الغاية منها، مثال ذلك ان مدرساً اراد ان يعاقب بعض الطلبة الذين لم يكتبوا الواجب فكلفهم بكتابته ثلاثين مرة وكان الواجب بحدود صفحتين, لاشك ان هذا المدرس قد اشتط في العقوبة وغالى.
6- هذا يقودنا الى النقطة التي تليها وهي ان تكون العقوبة ضمن مقدور الطالب، فعند تقرير عقوبة ما يجب الا يغيب عن ذهننا ان الطالب لديه واجبات في مواد متعددة وعليه مذاكرة وانه ليس متفرغاً لمادتنا فحسب، وبالتالي نكلفه بعقوبة في حدود طاقته وفي حدود الزمن المتاح له.
* كل ما ذكرناه عن العقوبة ينفي ان يكون العقاب البدني عقوبة تربوية بأي معيار وهو بالتالي امر مرفوض تربوياً.
* قبل ان نقرر اية عقوبة علينا ان نتساءل ترى هل كان في عملنا او ادائنا ثغرة ما نتج عنها اهمال الطالب وهل ادينا واجبنا على النحو الامثل, فالمدرس الذي يكتفي بالجلوس وراء طاولته يجب ان يتوقع شغباً من الطلاب، والمدرس الذي يؤدي درسه في عشر دقائق ثم يمضي بقية الوقت في احاديث جانبية مع هذا وذاك يجب ان يتوقع تسيباً من الطلاب وعدم احترام له وعدم تنفيذ تعليماته وتقصيراً في اداء الواجبات التي يكلف بها طلابه، والمدرس الذي لايكلف طلابه بالواجب بالقدر الكافي من الوضوح يجب ان يتوقع عدم اداء نسبة كبيرة من الطلاب للواجب.
* قبل توجيه اي كلمة للطالب او ايقاع اية عقوبة يجب ان نقبل ان طلابنا جميعاً في مقام ابنائنا، والا نرضى لاي منهم ما لا نرتضيه لابنائنا، فكم من مدرس اقام الدنيا ولم يقعدها لان مدرساً آخر وجه كلمة قاسية الى ابنه او تصرف معه تصرفاً قاسياً الامر الذي عقده على حد تعبيره, نقول لهذا المدرس الاب هل كلماتك القاسية وتصرفاتك الاقسى بلسم شاف عندما توجهها الى ابناء غيرك، ولذلك نقول اتقوا الله في طلابكم واعتبروهم في مقام ابنائكم.
* لعل مما يلحق بالعقوبة الكلمات القاسية والجارحة احياناً او التي تحمل معاني الاحتقار او الازدراء او الاستخفاف فان لها نتائج قاسية، ونحن مطالبون بان ننمي في طلابنا الاتجاهات الاجيابية البناءة وثقتهم بانفسهم وبقدراتهم واعتزازهم بانفسهم لا ان نقتل فيهم ذلك.
* ولعل من المهم بل من المهم جداً وقبل ان نقرر استخدام العقوبة سواء لتعديل سلوك غير منضبط لدى الطالب او لمعالجة تقصيره الدراسي ان نفكر في اتخاذ اساليب اكثر جدوى من العقوبة وفي تبني مواقف تخلق في الطالب توجهاً ايجابياً.
* الاساليب الاكثرجدوى من العقوبة كثيرة، ونورد بعضها على سبيل المثال لاعلى سبيل الحصر:
1- من الثابت في علم النفس ان للتعزيز الايجابي دور هام جداً في توجيه سلوك الافراد، فلو اننا انتبهنا الى اي سلوك منضبط للطالب او الى اي تقدم دراسي يحققه مهما كان بسيطاً وفي غمرة اخطائه الكثيرة وتقصيره الكثير، لو اننا انتبهنا الى ذلك وعززنا هذا السلوك القويم او التقدم الدراسي البسيط بكلمات تشجيع مناسبة او بجائزة او مكافأة بسيطة وافهمنا الطالب ان سلوكه القويم او تقدمه الدراسي امر طيب ويلاقي قبولنا واستحساننا فان الطالب سوف يتبني هذا السلوك القويم ويطوره وسوف يضاعف جهده ليحقق مزيداً من التقدم في دروسه.
2- نحن مربون وعندما نستخدم خبرتنا وحكمتنا ولباقتنا فاننا يمكن ان نجعل الطالب في الصورة التي نريد، فلو نحن بنينا مواقفنا مع الطالب على انه طيب وخلوق ومستقيم وجاد,,,, فسوف يحرص بالتأكيد على ان يكون في الصورة التي نريدها، ولعلنا لانبالغ ان نحن قلنا اننا ونحن الكبار نصدر في سلوكنا ومواقفنا من الآخرين من نظرتهم الينا وما يتوقعونه منا، فالشخص الذي ينظر الينا على اننا جادون ومستقيمون لايمكن في النهاية الا ان نصدر في مواقفنا معه من هذا الاساس.
* واذا كان لابد من استخدام العقوبة في بعض المواقف فيجب ألا يغيب عن اذهاننا مطلقاً ان العقوبة سلوك تربوي يهدف الى الاصلاح وتقويم الخلل او التقصير، وبالتالي الى رفع كفاءة المعاقب العلمية وتحسين مستوى ادائه وضبط سلوكه، وفي الجيوش وهي المؤسسات العسكرية تنتقى العقوبات بحيث تحقق رفع مستوى كفاءة الفرد، فحري بنا في المدارس وهي المؤسسات التربوية الاساسية في المجتمع ان تنتقى العقوبات التي تحقق الاهداف التربوية، وان نبقي العقوبة وسيلة بناء ولانحولها الى وسيلة هدم.
* ومن العقوبات التي يمكن ان يلجأ اليها المدرس تكليف الطالب بكتابة درس او مقطع منه او حل بعض المسائل الاضافية او اعداد ملخص للدرس او كتابة معاني بعض الكلمات او تحضير مسبق للدرس الجديد ولن يعدم المدرس الفطن اكثر من وسيلة في العقاب من مثل ذلك.
* نؤكد وبشكل قاطع على عدم استخدام العقاب البدني بشتى صوره وتحت اي ظرف من الظروف .
راجين ان يكون الجميع في مستوى المسئولية والامانة, والله الموفق،،،،
محمد صالح الداود
الطائف - الشرقية

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
الركن الخامس
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
تحقيق
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved