رحلة الحياة
هذه التي تبدأ من صرختنا الخضراء ونحن نستقبل عناقيد الهواء الأول وتنتهي ونحن نودع آخر قطرة ريح مجروحة تنسحب من مواقع الرئة مخلفة وراءها اخاديد وتصدعات اطلال الدماغ النخرة.
هذه الرحلة تأخذنا الى اقاليم ومدن ومحيطات غريبة.
في الطفولة الاولى.
بعد أن تبدأ مجسات الحواس الخمس بالتفريق الاولى بين الأشياء والأشياء نشعر ان كل ما حولنا مجسم بالحجم الكبير
الأب, الأم الاعمام، الأخوال، الاخوان الأكبر منا، الجارات اصوات الباعة والجدة التي ان لم تكن نائمة فهي الوحيدة الراغبة في ملاعبتنا
لذلك نحلم
ان نكبر بسرعة لكي نساوي الآخرين في الحجم والطول ونشعر اننا ضعاف البنية بلا حول ولا قوة لا نستطيع ان نرد عنا اذى الاكبر منا
فنحلم بقوة السوبرمان التي نشاهدها من خلال شاشات التلفزيون تقمع الشرير القوي وتساعد الضعيف الطيب العاجز.
ونشعر اننا لا نعرف القراءة والكتابة.
لذلك نطلب من اهلنا التسريع في ادخالنا دور الحضانة والمدارس وبعد ان ندخلها نتباهى على الاطفال الأصغر بكوننا نعرف ما لا يعرفون وليس غريباً إن قال طفل الصف الأول لطفل الصف الثاني: الاعلى منك بصف اكثر منك خبرة.
وحينما ندخل مرحلة المراهقة التي تشبه التجديف في بحر متلاطم الأمواج مكتظ بالصخور نحلم طوال ساعات اليوم في اللحظة التي نتخلص فيها من سيطرة الأهل الذين يحدون من حريتنا ونرى انهم لا يفهموننا ولا يعرفون اننا جيل مختلف عن جيلهم ونردد امامهم بمناسبة او بدون مناسبة ان لكل زمن دولة ورجال وان لهم زمنهم ولنا زماننا.
نكبر مثلما تكبر الأشجار
البعض منا حقق الأمنيات التي تمناها في طفولته
فهناك من اصبح كما كان يحلم طبيباً او مهندساً او مدرساً او ضابطاً او موظفاً اوطياراً او فناناً تشكيلياً او ممثلاً معروفاً او كاتبا يشار اليه بالبنان او تاجراً كبيراً مدمناً على الأسفار.
البعض منا سقط في نصف الطريق
البعض منا لم يصل الى شيء
مسمار السؤال الذي يضرب الرأس
ماذا سوف يبقى منا ونحن في اواخر مرحلتنا العمرية؟
لا شيء سوف يبقى منا غير العمل الصالح
هل نقوم بمثل هذا العمل؟.
* كاتب وشاعر بحريني