Friday 26th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 9 ذو الحجة


وكيل وزارة الشؤون الإسلامية المساعد ل الجزيرة
تصرفات بعض المسلمين تسيء للإسلام وتعطي الفرصة للهجوم عليه!!
ما يطلبه البعض من تخفيف الدين أسوة بالغرب (جهل وتجن على الإسلام)

* حوار: عذراء الحسيني
رفض الاستاذ توفيق بن عبدالعزيز السديري وكيل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد المساعد للشؤون الاسلامية الدعوة القائلة ان الطريق الى الرقي والتقدم يبدا بالتخفيف من الدين وتعاليمه اسوة بما فعل الغرب مشيرا الى ان الانحطاط والتدهور الاخلاقي والاجتماعي الذي يعيشه الغرب المتطور الذي تفلت من كل القيم والاخلاق اكبر دليل على خطورة فصل الدين وتهميشه في حياة الناس.
واكد السديري ان باب الاجتهاد ليس متاحا لأي فرد فلابد من توافر شروطه وضوابطه وان يقوم به المتخصصون في الشريعة الاسلامية سواء فرديا ام جماعيا.
الى ذلك قال الاستاذ توفيق ضمن حوار شامل مع (الجزيرة)، ان اساس تطبيق الشريعة الاسلامية يكون على مستوى الفرد والاسرة والمجتمع والدولة,, وعند كل مستوى من هذه المستويات هناك دور لتطبيق الشريعة يقابله,وفيما يلي تفاصيل الحوار,,.
مستويات تطبيق الشريعة
* نعلن جميعا انتماءنا للإسلام ولا نطبق في اغلب الاحوال الشريعة الاسلامية فما ابعاد هذه الظاهرة؟
- اولا اود ان ابين ان الاسلام قد حث المسلمين على التزام القول بالفعل وانكر على من يخالف فعله قوله قال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون) سورة الصف الآية 2،3.
وأرغب ان أوضح المقصود بالشريعة الاسلامية وهي ما شرعه الله لعباده في العقائد والعبادات والاخلاق والمعاملات ونظم الحياة في شعبها المختلفة لتحقيق سعادتهم في الدنيا والآخرة وهي التي تحفظ الانسان من الانحراف وتقيه الشر والهوى وبذلك فإن الشريعة خاصة بما جاء عن الله تعالى وبلغه رسله لعباده والله هو الشارع الاول واحكامه هي التي تسمى شرعا قال تعالى (ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون) الجاثية الآية 18.
وعلى هذا الاساس يكون تطبيق الشريعة الاسلامية على مستوى الفرد وعلى مستوى الاسرة وعلى مستوى المجتمع وعلى مستوى الدولة وعند كل مستوى من هذه المستويات هناك دور لتطبيق الشريعة يقابله، وعند الإخلال بأي دور من هذه الادوار يكون هناك اخلال بتطبيق الشريعة الاسلامية عند هذا المستوى.
ولعل ما نراه من مشكلات وازمات على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية في الامة الاسلامية هي بسبب عدم العمل بشرع الله المبين في كتابه وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام بأي شكل من اشكال هذا الاخلال وهنا يحضرني قول الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه حين قال: (نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله) وهذا ينطبق على الافراد والمجتمعات والدول ولاشك ان مخالفة القول للفعل له اضرار كبيرة على المجتمع الاسلامي اضرار اجتماعية وتربوية واخلاقية وسياسية لما يعكسه ذلك من خلل في التفكير وتشويه لصورة الاسلام والمسلمين وتشويش على الاخرين وافتقار للقدوة وإيجاد فجوة بين الواقع والمفترض.
الاجتهاد ضرورة ملحَّة
* قضية الاجتهاد في الدين من القضايا التي تفرص نفسها على الساحة من حين الى آخر كيف تنظرون لهذه القضية؟
- لاشك أن الاجتهاد في هذا العصر قد اصبح ضرورة ملحة خاصة مع تطور الحياة ونموها وتعقد المعاملات وتجدد المشكلات والحوادث فهناك قضايا كثيرة تتطلب ايجاد حلول شرعية ولا سبيل الى ذلك إلا بالاجتهاد وهو اساس الحركة العلمية في الشريعة الاسلامية ومن اميز ما تتميز به حضارة الاسلام وهو مبدأ من مبادىء الحفاظ على الشريعة الاسلامية وعلى مناسبتها وصلاحيتها لكل زمان ومكان كما انه وسيلة للتعرف على احكام الشريعة الاسلامية لما يستجد من امور ووقائع.
والحمد لله وسائل الاجتهاد في عصرنا متوافرة فقد قام العلماء بجمع آيات الاحكام واحاديثها ومواقع الاجماع والناسخ والمنسوخ وهناك كتب في اصول الاحكام والادلة كما ان الاحكام مدونة في كتب الفقه وفي شروح الحديث وكتب التفسير وكما ان كتب علم الرجال وكتب الجرح والتعديل في الرواة متوافرة ومنها يمكن التحقق من صحة الرواية وضعفها علاوة على توافر كتب التراجم كما ان امر تعلم اللغة العربية اصبح يسيرا حيث انشئت المؤسسات التعليمية من كليات ومعاهد ومدارس وغير ذلك هذا كله يسهل عملية الاجتهاد ولكن ينبغي ان يلاحظ ان الاجتهاد ليس متاحا لكل احد,, فلابد من توافر شروطه وضوابطه وان يقوم به المتخصصون في الشريعة الاسلامية سواء أكان ذلك فرديا عن طريق اعلام العلماء ام جماعيا عن طريق المجاميع والهيئات المتخصصة لذلك مثل هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ومجمع الفقه الاسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامي وغيرها وما وجود مثل هذه الهيئات إلا دليل على وعي المسلمين بأهمية الاجتهاد في الوقت الحاضر وسعيهم لإيجاد حل لمشكلات الحياة المعاصرة وفقا للشريعة الاسلامية ودليل على وحدتهم وحرصهم على الرجوع الى عقديتهم الاسلامية.
تفعيل رسالة المسجد
* المسجد كان له دور عظيم ورسالة في المجتمع الاسلامي فقد كان المدرسة والمستشفى ودارا للتربية والتقويم، أما في الوقت الحاضر فاقتصر دوره على اداء الصلوات فكيف نعيد للمسجد دوره الاساسي في المجتمع؟
- يدرك الجميع ما للمسجد من اهمية ومكانة في حياة المسلمين فمنذ بعث الله - عز وجل - رسوله محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام والمساجد بيوت الله ومكان اجتماع المسلمين يوميا والمكان الذي يتفرغ فيه المسلم لعبادة ربه ومناجاته بعيدا عن هموم الحياة ومشكلاتها مؤديا اعظم فرائض الدين والركن الثاني من اركانه وهي الصلاة عمود الاسلام.
وكان للمسجد على عهد النبي عليه الصلاة والسلام اهمية كبيرة اضافة الى اقامة الصلاة فهو المكان الذي تستقبل فيه الوفود وتعقد فيه الاجتماعات ومكان انطلاق الدعوة الاسلامية وتجييش الجيوش واقامة حلق الذكر ودروس العلم، ومع تطور الحياة انشئت مؤسسات تفي ببعض الجوانب التي كان يقوم بها المسجد من وزارات ومدارس ومعاهد وغيره.
لذا أرى ان العناية بالمسجد ودوره في المجتمع تبدأ اساسا مع حسن اختيار امام المسجد وخطيبه فكلما كان الامام والخطيب عالما مدركا لأهمية عمله مطلعا على احوال الناس وعاداتهم زاد من اثره في جماعة المسجد من توجيه ونصح وارشاد، وتبذل وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد في المملكة العربية السعودية جهدا كبيرا في سبيل تهيئة أئمة المساجد ووضعت لهم شروطاً يجب توافرها فيهم قبل تعيينهم ثم حرصت على تطوير آدائهم بعقد الدورات والملتقيات لهم.
واود هنا ان اشير الى ما يقوم به المسجد من اشاعة للأمن الاجتماعي عن طريق تأليف القلوب ونشر البر والعفو وسائر الاخلاق الفاضلة فيصبح المجتمع مجتمعا صالحا لا مكان فيه لفساد او جريمة.
جهل وتجن على الإسلام
* هناك من يؤكد ان الطريق الى التقدم يبدأ بالتخفف من الدين وتعاليمه اسوة بما فعل الغرب ما رأى فضيلتكم؟
- يقول عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) سورة المائدة الاية (3).
وفي هذه الاية يبين الله عز وجل انه كمل الدين بتحقيق النصر واتمام الشريعة وأنه أتم نعمته على المسلمين بإخراجهم من ظلمات الجاهلية الى نور الايمان وأنه سبحانه وتعالى قد رضي للمسلمين دينهم الاسلام فوجب عليهم التزامه وعدم مفارقته فالإسلام نظام متكامل جاء وافيا لمطالب الحياة الانسانية ولسد عوزها وليحقق لها اهداف العمران في شتى جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهو عقيدة وعبادة وخُلُق وتشريع وحكم وقضاء وعلم ودين, الاسلام دين ودولة والشريعة الاسلامية صالحة لكل الناس وكل العصور وتساير النمو والتغير في حياة البشر.
وما يقوله البعض في التخفيف من الدين وتعاليمه اسوة بما يفعله الغرب فيه من الجهل والتجني الكثير على الاسلام فها هي دولة الاسلام في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وعهد الخلفاء الراشدين وخلافة بني امية وبني العباس وغيرها سمت ورقت بسبب التمسك بشريعة الاسلام وها هم علماء الاسلام قد حققوا انجازات في شتى ميادين العلوم الشرعية والنظرية والتطبيقية من كيمياء وفلك وطب وغيره من العلوم.
ثم ما فائدة التطور والتقدم ان لم يكن له قاعدة اخلاقية تحفظه، ولنا في الانحطاط والتدهور الاخلاقي والاجتماعي الذي يعيشه الغرب المتطور الذي تفلت من كل القيم والاخلاق اكبر دليل على خطورة فصل الدين وتهميشه في حياة الناس، فالانسان روح وجسد ولابد من ايجاد التوازن في اشباع حاجات الانسان الروحية والمادية وإلا حدث اختلال وانقلاب في حياة الناس كما هو حادث في الغرب الآن، واشباع الحاجات الروحية لا تكون الا بالدين.
الخطر القادم!!
* تتعالى صيحات التحذير من الاسلام في الإعلام الغربي ويصنفونه بالخطر القادم، لماذا؟
- عرف اعداء الاسلام اهمية الاعلام بكافة اشكاله وصوره وعملوا على استثماره فوظفوا الاموال وجهزوا الطاقات والقدرات فاخترقوا - أسفا - بيوت المسلمين من خلال اعلامهم المرئي خاصة, ولاشك ان تحذير الناس من الاسلام وخطره على - حد زعمهم - هو احدى وسائلهم متخذين في ذلك من وسائل الارهاب والمرأة موضوعات لتشويه صورة الاسلام السمحة.
فالمطلع على ما يبثه الاعلام الغربي يجد الجنوح الى ربط الاسلام بالإرهاب والقتل والدمار وتصوير بعض التصرفات الفردية من بعض المسلمين على انها من صميم الاسلام ومبادئه ودافعهم في ذلك هو معرفتهم بأن الاسلام هو دين الحق وخوفهم من انتشاره وسيادته حيث تشير الاحصائيات الى ان الاسلام قد اصبح الديانة الثانية في الكثير من البلاد الغربية مثل امريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، كما انهم يعلمون ما كان للمسلمين من حضارة وسيادة وتقدم وعلم في عصور الاسلام الزاهرة ويعلمون ما حققه علماء المسلمين من تطور في شتى ميادين العلم والمعرفة وان المسلمين متى عملوا بكتاب الله وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام فسوف تكون لهم العزة والسيادة على غيرهم من البشر ولكن دين الله غالب والعزة والمنعة والتمكين للإسلام والمسلمين بإذن الله تعالى (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواهم والله متم نوره ولو كره الكافرون) الصف الآية 8.
وأسفا هناك في تصرفات بعض المسلمين اساءة للإسلام مما يجعل الفرصة سانحة لأعداء الاسلام للهجوم عليه وتحذير الناس منه وتقديم تصرفات بعض المسلمين وكأنها هي الاسلام وهؤلاء هم الذين يعطون الاخرين الفرصة لفعل ذلك سواء ما يتعلق بالارهاب ام بغيره من السلوكيات.
واجب العمل الدعوي
* هل الدعوة مسؤولية من يعتلي المنابر فقط؟
- غني عن القول ان الداعية المؤهل المسلح بالعلم الشرعي المتفهم لطبيعة المجتمعات التي يدعو فيها العامل بقوله تعالى: (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن) النحل الاية 125 ركيزة اساسية في العمل الدعوي كما اني ارى ان المنبر من احد اهم الوسائل الدعوية إضافة الى الحلقات العلمية والمحاضرات والندوات والرسائل والكتب وغير ذلك من وسائل الدعوة الى الله والدعوة الى معرفة الله وعبادته وإلى سبيله وشريعته وبها يظهر الله دينه ويعز اهله وينصرهم ومتى ترك المسلمون دعوة الناس الى الاسلام قام اعداؤهم بدعوتهم الى غيره.
وارى ان من واجب المسلم الحق العامل بكتاب الله وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام المستشعر لواجبه تجاه دينه وامته ان يعمل في ذلك المجال حسب جهده وطاقته وعلمه,, فالمسلم الذي يعيش خارج بلاد المسلمين لعمل او طلب علم او غيره في التزامه بالاسلام عقيدة وسلوكا دعوةٌ لغير المسلمين وبيان لما يدعو اليه الاسلام من عبادة لله عز وجل دون غيره وبيان لاثر الاسلام في سلوك المسلم وتعامله مع غيره وبهذا يعرف غير المسلم الاسلام وما يدعو اليه وكذا اثره في حياة الناس, والمسلم في بلاد الاسلام عندما يرى المنكر ويعمل علىتغييره حسب قدرته اما بيده او بلسانه او بقلبه وعندما يرى غير المسلمين في بلاده ويعمل على دعوتهم الى الاسلام هو بذلك يمارس العمل الدعوي، ويعمل بقوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) سورة ال عمران الآية 110 وبقوله عليه الصلاة والسلام (بلغوا عني ولو آية) وقوله (من دل على خير فله مثل اجر فاعله) رواه مسلم.
ظاهرة تقليد الغرب
* ما رأى فضيلتكم في ظاهرة تقليد الغرب في كثير من الملامح السلوكية مثل قصة المارينز والملابس وغير ذلك؟ وكيف نحمي شبابنا من هذه التقاليع الغربية عن مجتمعنا؟
- لاشك في ان تقليد بعض المسلمين - هداهم الله - لغير المسلمين في بعض المظاهر السلوكية من ملابس وغيرها امر خطير وفيه بعد عن تعاليم الاسلام ورسولنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام امرنا بمخالفة الكفار كما ان الاسلام قد اطّر مثل هذه المسائل السلوكية وبين حدودها وهؤلاء الذين يقلدهم بعض من الناس يختلفون عنا عقديا ودينيا واجتماعيا وسلوكيا وأسفا فان ذلك منتشر في كثير من بلاد المسلمين وهو يمثل احد مظاهر التبعية الثقافية والحضارية وهنا اؤكد على دور الاعلام ودور المؤسسات التربوية الاسلامية بدءاً من الاسرة وانتهاء بالمدرسة وقبل ذلك المسجد الذي يجب عليه ان يقوم بدوره في توعية المسلمين وتنشئتهم على الاعتزاز بدينهم وهويتهم وشخصيتهم الاسلامية وبيان مخاطر ذلك على اخلاق المجتمع وقبل ذلك على العقيدة ومخالفة ذلك لشرع الله المطهر.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
الركن الخامس
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
تحقيق
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved