Friday 26th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الجمعة 9 ذو الحجة


نور الحق
من طرق الابتداع
الشيخ / عبد الله بن صالح العبيلان *

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فان من الناس من يستدل على ما يذهب اليه من محدثات الامور بنصوص عامة وهذه النصوص لم يفهمها السلف كفهمه ولا يعمل بها السلف كعمله قال الشاطبي: (كل دليل شرعي لا يخلو أن يكون معمولا به في السلف المتقدمين دائما او اكثريا او لا يكون معمولا به الا قليلا او في وقت ما او لا يثبت به عمل فهذه ثلاثة اقسام.
احدها: ان يكون معمولا به دائما او اكثريا فلا اشكال في الاستدلال به ولا في العمل على وفقه وهي السنة المتبعة والطريق المستقيم كان الدليل مما يقتضي ايجابا او ندبا او غير ذلك من الاحكام كفعل النبي صلى الله عليه وسلم مع قوله في الطهارات والصلوات على تنوعها من فرض او نفل والزكاة بشروطها والضحايا والعقيقة والنكاح والطلاق والبيوع وسواها من الاحكام التي جاءت في الشريعة وبينها عليه الصلاة والسلام بقوله او فعله او اقراره ووقع فعله او فعل صحابته معه او بعده على وفق ذلك دائما او اكثريا.
وبالجملة ساوى القول الفعل ولم يخالفه بوجه فلا اشكال في صحة الاستدلال وصحة العمل من سائر الامة بذلك على الاطلاق.
الثاني: ألا يقع العمل به الا قليلا او في وقت من الاوقات، او حال من الاحوال ووقع ايثار غيره والعمل به دائما او اكثريا فذلك الغير هو السنة المتبعة والطريق السابلة.
واما ما لم يقع العمل عليه الا قليلا فيجب التثبت فيه وفي العمل على وفقه والمثابرة على ما هو الاعم والاكثر فان ادامة الاولين للعمل على مخالفة هذا الاقل: اما ان يكون لمعنى شرعي او لغير معنى شرعي وباطل ان يكون لغير معنى شرعي فلابد ان يكون لمعنى شرعي تحروا العمل به.
واذا كان كذلك فقد صار العمل على وفق القليل كالمعارض لمعنى الذي تحروا العمل على وفقه، وان لم يكن معارضا في الحقيقة فلابد من تحري ما تحروا وموافقة ما داموا عليه.
وايضا فان فرض ان هذا المنقول الذي قل العمل به مع ما كثر العمل به يقتضيان التخيير - فعملهم - اذا حقق النظر فيه - لا يقتضي مطلق التخيير بل اقتصى ان ما داوموا عليه هو الاولى في الجملة وان كان العمل الواقع على وفق الاخر لا حرج فيه.
والقسم الثالث: ألا يثبت عن الاولين انهم عملوا به على حال فهو اشد من انه دليل على ما زعموا ليس بدليل عليه البته اذ لو كان دليلا عليه لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين ثم يفهمه هؤلاء فعمل الاولين كيف كان مصادما لمقتضى ذا المفهوم ومعارضا له ولو كان ترك العمل.
فما عمل به المتأخرون من هذا القسم مخالف لاجماع الاولين وكل من خالف الاجماع فهو مخطىء وامة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة فما كانوا عليه من فعل او ترك فهو السنة والامر المعتبر وهو الهدي وليس ثم الا صواب او خطأ فكل من خالف السلف الاولين فهو على خطأ وهذا كاف والحديث الضعيف الذي لا يعمل العلماء بمثله جار هذا المجرى)أ,ه.
وان مما يذكر في مثل هذه الايام ما يفعله كثير من الناس عند ذبح الاضاحي من جعل اجرها للميت خاصة من غير وصية منه وهذا العمل مما لم نقف فيه على نقل صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم والصدر الاول من هذه الامة فقد مات للنبي صلى الله عليه وسلم من اقاربه من مات ومن زوجاته كذلك ولم يرد انه ضحى عن كل واحد منهم بخصوصه مات له بناته الثلاث وابناؤه الثلاثة ولم يضح عن واحد منهم واستشهد عمه حمزة رضي الله عنه في احد ولم يضح عنه وماتت زوجاته خديجة بنت خويلد وزينب بنت خزيمة ولم يضح عنهما ولو كان هذا من الامور المشروعة لفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
فالواجب على المسلمين - وخاصة العلماء - عند نظرهم الى الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الاولون وما كانوا عليه في العمل به فهو احرى بالصواب واقوم في العلم والعمل ولا يجوز لهم ان يحدثوا تأويلا في آية او سنة لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه ولا بينوه للامة قال ابن القيم رحمه الله( (ان إحداث القول في تفسير كتاب الله الذي كان عليه السلف والائمة على خلافه يستلزم احد امرين: اما ان يكون خطأ في نفسه او تكون اقوال السلف المخالفة له خطأ ولا يشك عاقل انه اولى بالغلط والخطأ من قول السلف)أ,ه.
ثبتنا الله على خير الهدى وجنبنا البدعة والضلالة.
* المدير العام لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة حائل
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
الثقافية
المتابعة
أفاق اسلامية
الركن الخامس
عزيزتي
المزهرية
الرياضية
تحقيق
شرفات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
تراث الجزيرة
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved