من المحيط الدولي موقع فلسطين في علاقات الملك عبدالعزيز ببريطانيا وأمريكا 3/2 مقدم د, منصور الداموك الزهراني*
|
بعد ان سمع اعضاء لجنة التحقيق البريطانية الامريكية المشتركة من الملك عبدالعزيز ما سمعوا
عن الجذور التاريخية للصراع العربي اليهودي، وعن موقفه تجاه الهجرة اليهودية الى فلسطين
وتأييده المطلق لحق الفلسطينيين في الدفاع عن نفسهم وارضهم، توجه رئيس اللجنة جون سنجلتون
بسؤال يعكس في جوهره الدهشة والاستغراب مما بدا له من عزيمة الملك عبدالعزيز واصراره على دعم
الفلسطينيين ومناصرتهم في مواجهة العصابات الصهيونية، حيث دار التساؤل عما اذا كان قد سبق
للملك عبدالعزيز الحديث مع رئيس وزراء بريطانيا والرئيس الامريكي آنذاك تشرشل وروزفلت عن
مشكلة فلسطين، فاجابه الملك عبدالعزيز على تساؤله بالايجاب، بل وبأن الحديث الطويل الذي دار
مع الرئيس روزفلت دوّن بمحضر خاص، وبانه ابلغ مضمون ذلك الحديث الى تشرشل، الذي وعد بدوره،
بعدم الاجحاف بالحقوق العربية,
لقد رفض الملك عبدالعزيز وبلغة واضحة لاتقبل الشك او التفسير المغلوط- هجرة اليهود الى
فلسطين مهما كانت الحجج والذرائع، وكان مما قاله لاعضاء اللجنة بهذا الخصوص :الموت خير لنا
من قبول الهجرة، وكل جهادنا هو لئلا يهاجر اليهود الى فلسطين ولايمتلكوا ارضها ,
بعدها، اوجز الملك عبدالعزيز -يرحمه الله- ماقاله شفاهة في مذكرة رسمية خاصة موجهة الى ذات
اللجنة، حرص من خلالها على ابداء مواقفه بجلاء ووضوح تجاه فلسطين واهلها، واستخدم الفاظاً
وعبارات قوية في استنكاره للمواقف البريطانية الامريكية الداعمة للصهاينة مغتصبي فلسطين, كان
مما جاء في تلك المذكرة - طبقاً لما يورده خير الدين الزركلي- قوله ، يرحمه الله: فهؤلاء
الصهيونيون اخذوا تأييداً من بريطانيا وامريكا، بشكل لم يسبق له مثيل ازاء اية امة اخرى,
فتحت لهم الحكومة البريطانية سائر الطرق حتى يتمكنوا من تطبيق برنامجهم، فجمعوا لذلك الاموال
الطائلة من البلاد التي يقيمون فيها، واشتروا الارض التي تساوي خمسة ، بخمسين,, الى ان
يقول:لقد ملأت الحكومة البريطانية السجون والمعتقلات بالعرب، ونصبت لهم المشانق، وبلغ بها من
الشدة ان دلالة الكلاب على بيت من بيوت العرب كافية لإدانة العربي ! وكل ذلك وهم صامدون
صابرون لنيل حقوقهم الطبيعية, والصهيونيون يقومون باعمال من الارهاب، بل من الاعمال الحربية
ضد القوات البريطانية، ولم نسمع ان احداً قد اعدم، بل علمنا ان القوات البريطانية عندما توجه
لها اعمال الاعتداء من الصهيونيين تقابلها بإطلاق الرصاص في الهواء,,
وبعد ظهور توصيات لجنة التحقيق المتضمنة تقسيم فلسطين وقيام دولة يهودية فيها، قام الملك
عبدالعزيز برفضها وطلب من وزيريه المفوضين لدى كل من لندن واشنطن الاجتماع بنظرائهم العرب،
وتقديم احتجاجات شديدة اللهجة لدى الحكومتين البريطانية والامريكية، مما حدا بالاخيرتين
التأكيد على انهما غير معنيتين بتوصيات اللجنة المذكورة لتبدأ بعد ذلك سلسلة من الرسائل
المتبادلة بين الملك عبدالعزيز من جانب ، وحكومتي بريطانيا وامريكا من جانب آخر,
في رسالته الى الرئيس الامريكي ترومان، المؤرخة في 1365/6/23ه، يقول الملك عبدالعزيز -يرحمه
الله- وبعد ان اشار الى ماقيل عن وضع اليهود كضحايا للظلم النازي:فلسطين لايمكن ان تحل قضية
هؤلاء اليهود الذين انتهى الآن وقت اضطهادهم,, والصهيونيون يتخذون هؤلاء اللاجئين وسيلة لنيل
اغراهضم السياسية في فلسطين، واننا نربأ بالحكومة التي يرأسها فخامتكم ان تكون مؤيدة لهذا
العمل الذي ينظر اليه كل عربي بانه ظلم فادح لامثيل له في التاريخ , وفي خطاب آخر بعثه الى
الرئيس ترومان في 1365/11/18ه، يقول الملك عبدالعزيز : ان اليهود ليسوا الا فرقة ظالمة باغية
معتدية، اعتدت في اول الامر باسم الانسانية، ثم اخذت تظهر عنوانها الصريح بالقوة والجبروت
والطغيان,, , وفي استنكاره لما اعلن من تأييد الرئيس الامريكي لليهود في فلسطين آنذاك، ضمّن
الملك عبدالعزيز خطابه قوله:لقد دهشت للإذاعات الاخيرة التي نسبت تصريحاً لفخامتكم بدعوى
تأييد اليهود في فلسطين، وتأييد هجرتهم اليها، بما يؤثر في الوضع الحاضر، خلافاً للتعهدات
السابقة! ,
،* كلية الملك فهد الأمنية
|
|
|