الإنسان الطفل!! في إطلالته الأولى على العالم الخارجي,, لحظة الصرخة التي تعقبها نظرة
يختلط فيها التأمل بالفزع,, ثم خلود للنوم مع تنهدات وانات بسيطة ربما سببها الم الولادة
وصعوبة التنفس,, هو حقيقة يباشر بدءاً بهذه اللحظة,, استقبال ماسيرسم سجله الحياتي
مستقبلاً,, ذلك السجل الذي سيحوي بين دفتيه كل شيء يخص هذا الكائن الصغير,, ويحدد مؤطرات
اتصاله بالآخرين,, وما يحكم سلوكه الشخصي اثناءها,, ويسير عاداته الاجتماعية عند تعرضه
للمواقف المختلفة,, فنحن لم نولد كأغلبية مهيئين بقدرات خاصة متفردة,, او مستعدين تماماً
لمواجهة كل ما قد يعترض طريقنا,, ولكنه المجتمع المحيط بنا,, اوجد تلك الخبرات الاتصالية
كحصيلة للتجارب وتحديداً المؤلم منها والممتع معاً؟!,, إذن وبناء عليه فمجمل ما نشاهد لايخرج
عن كونه خبرة افرزتها المحيطات بنا,, تبعاً لدرجة مساسها وما تولد عنها؟!,, فالعادات السيئة
مثلاً كالتدخين والتسكع ليست غريبة او دخيلة كما يدعي البعض,, وإنما هي خبرة اكتسبها الولد
من الوالد او الجد او الخال او العم او الصديق,, والاخير يحتمل انه تلقفها وفق نفس الطريقة,,
فقط الاداة المستخدمة اختلفت فبدلاً من الشاوري!! العراقي جاء المارلبورو!! الامريكي
فتطورت عظمة!! الاجداد حتى وصلت لملفوف ومفلتر!! الأبناء,, كذلك استبدلت الخيول والجمال
والحمير والاقدام التي اهلكها ترددها للاماكن البعيدة والصادة!! للقاء المحب بالحبيب,, ليحل
محلها الرولز الانجليزية!! و المرسيدس الالمانية!! و الجيمس الأمريكية!! و التويوتا
اليابانية!! وتغير الموقع ليصبح الثلاثين!! المضاء والمزفلت بدل الثميري!! القديم
والمتهالك قبل التجديد والتضييق بالتأكيد!!,, اما المراسيل!! بين الأحبة فقد انتهى زمانهم
باستحداث الهاتف ومؤخراً الانترنيت!! الناقل للصوت والصورة!؟,, وطبعاً تلك التحولات الخطيرة
جداً تستحق التدوين بمداد من نفط!! ,, فبفضلها استرشد الابناء بسنة الآباء,, ولكنهم اضافوا
عليها وعدلوا ليواكبوا متطلبات الحاضر؟!,, فيا ايها السادة فضلاً: اذا اردنا المحاكمة
فلنحاكم انفسنا اولاً,, لأن ما ننتقده حالياً ليس الا ثمرة لافعالنا فيما مضى,, على مرأى
ومسمع من اطفالنا,, ولتعلموا اننا لو شيدنا مئات المراكز لمكافحة التدخين,, ووزعنا آلاف
المنشورات المحذرة,, واختصاراً كي لا اطيل: لو لجأنا لكافة السبل الممكنة,, فسيظل الابن يدخن
او يمكن جنوحه لفعل التدخين مادام الاب يدخن او دخن يوماً ما؟!,, وستستمر ايضاً نوبات التسكع
المحموم تتجول بشوارعنا,, لأنها مترتبة على تجاوزات قمنا بها امام ابنائنا او سمعوها عنا,,
واعتقدنا أنها مضت وانتهت دونما تبعات؟!!,, وإجمالاً اي سلوك لاينسجم وفطرة الإنسان لايتأتي
الا بالتعلم طبقاً لاسلوب المحاكاة والتقليد,, بعيداً عما تنادي به فكرة الجين المورث!!
العلمية وغير القابلة للتعميم ؟!,, او اسانيد القدريين!! المغلوطة والملغية لإرادة البشر؟!!,
أخيراً
ماذكرت قد يتعارض مع ماورد بمقال سابق لكنه لايلغيه!! فالفكرة مختلفة ولو تشابه الموضوع!،
|