قرنفل
جار الله الحميد
الكاتبة - الأبلا!،
السيدة التي أرسلت ورقتها الكبيرة ذات ظهيرة,
لا أدري هل استطيع ان أعمل بقواعد الرسائل فأكتب بدلا من السطر السابق عبارات تحية؟ لا,, إنني ادري كثر السلام يقلل المقام ! لذلك سأقف وحيدا على خشبة
المسرح وأقرأ ذات الرسالة,
انها ليست مضحكة فقط, انها تجلب الشفقة ايضا على صاحبتها, والسيدة ذات الرسالة تقول انها كاتبة,
وفي البداية كانت تعطي لصوتها نغمة تفعلها اغلب النساء, شيء من التلكؤ, مع ابتلاع حرفين من كل جملة, تفعل هذا في البداية حين تهاتف احد الناس الذين في
حالهم ! زاعمة انها تدير دارا للنشر,
وانها تسأل المشورة أولا, وتدعو للتعاون ثانيا, وانك أي الشخص الذي في حاله - من كبار الكتاب وال,, وال,, وحين يبلغ الخجل منك مداه توافق على الاجابة
على استبيانها,
ترسله على مضض,
اسئلة تشبه اختبارات الشخصية في المجلات الناعمة, تدعمها بعد يومين بطلب هاتفي طالبة منه الايضاح, وأوضح لها بالتلفون معتذرا عن الكتابة لألمٍ في اصابع
يمناه,
بعد ذلك ارسلت نماذج من كتاباتها الشعرية لكي آخذ رأيك فيها ,
،- العفو يا سيدتي,,
تقاطعه كأنها تتحدث مع زميلتها في العمل:
،- بالعكس,, رأيك يهمّني,
ثم قبل ان يبتلع الشكر الزائف تروي لها ان معظم قصائد كتّابها كتبت في ربوع الشام وقال لها الكاتب الدمشقي فلان بن فلان ان قصيدة الخصلة تشبه المعجزة,
ثم ضحكت, فقال لها: ان رأيه من رأي فلان ,
واستمرت الحكاية هكذا,
وصله كتابها الشعري يحمل اهداءً رومانسيا لا يتماشى مع العمر الذي يدلفان إليه: هي وهو,
ثم أحس ذات يوم انها تكثر من رسائلها الهاتفية في وقت معين, يكون هو للتو أفاق, وهو يشرب قهوته ويلملم أوراق البارحة, ويبدأ في التفكير بماذا يكتب؟ وكيف؟
لذا رد عليها آخر مرة وهو شبه نائم,
وذات ليلة أرسل إليها مقالا عن موقع الأنثى في الكتابة المحلية , كان يتوقع ان ينشره في أية جريدة مناسبة ، ففي جريدته تعوّد مع السنوات احترام خطوط
سياساتها العريضة وهي تدفع له وتهتمُّ به وتحترم كتاباته فما الداعي لأن يرسل هذا المقال؟
هل لكي يثبت لهم أنه ما زال مناقضا؟
وآخر الليل شرب ابريق شاي وأكل الجبن وأخذ علاجه الليلي ونام,
كان لابد ان ينسى الأمر, هناك كاتبات يصنعن من الكاتب الجيد شيئا يشبه التقديس, ومهما كانت كتابتهن جميلة فإنهن بسبب الذاكرة الاجتماعية الشديدة الرسوخ
يرين ان كتابة منه عنهن هي بمثابة شهادة يتصورن انهن بحاجة لها, والعكس هو أخو الصحيح,
ولكن تلك الظهيرة المثقلة بالخمول والصداع والفراغ الروحي وصلت رسالتها الطويلة ذات الهوامش,
كان أول ما لاحظ غياب اسمه,
قال: زين, منذ البداية,
استمر في القراءة فإذا هي دروس في أهمية الاستقرار وعدم الاضطراب الذي يجر والعياذ بالله للنفاق! وأكمل:
ويبدو لي انك مريض! ركض الى العبارة التي بعدها: فأنت تتخيل ما لا وجود له, وختمت بالدعاء له: بمزيد من الابداع والتعقل! هكذا,
ثم وضعت بين خطين ليسا متوازببن ما يلي: الاتصال المجنون لا تكرره, أختك -لاحظ- التي لن تتصل أبدا,
والسلام ختام,
هذه قد تكون شخصية حقيقية أو لا تكون، فالذي يهمُّ القارىء ان يعرف حقيقة تهمُّه, ففي مجتمعنا الأدبي والثقافي يعاملون الكاتبة الأنثى معاملة لا تتعلق
مطلقا بكونها كاتبة! ,
بل تذهب بعيدا,
ولذلك نرى مُنشآت بضم الميم, تفتح لهن قلوب الصفحات,, وتخصص لبعضهن ولما تصل العشرين من عمرها صفحة مميزة في مجلة تنثر فيها خواطر واشعارا تظنها
ويظنُّونها ابداعا نسويّاً يجب تشجيعه,
واذكر ان واحدة من الكاتبات المميزات بعد احاديث طويلة مع احد الكتّاب النجوم ,, كتب عن تجربتها ممتدحا بشكل واسع, ويعدها لم تعد تهاتفه أو تراسله فقد
انتهى هو, وبدأت تظهر شخصية محافظة الى أخمص قدميها, وأنكرت -فالحديث في التليفون غير الحديث على الورق- أية علاقة لها بالابداع,
أظن انها معجبة بما تكتبه في صفحتها من مواضيع انسانية أو قصص مضحكة,, خاصة وأنها تنوي خوض مجال الدراما,عندما تقول الحق يتعب قلبك, يخترقه شيء
كالسهم,ولكنك تستمد من الحق قدرتك على البقاء وتستمد من هذه القدرة أن لا تقف دائما مع القطيع, فأنت لم تنشأ مع القطعان,


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved