لو تأملنا اوضاع الجزيرة العربية قبل مائة عام مضت والى ما كانت عليه جميع ارجائها لوجدنا الفوضى تعمها بلا استثناء فالقتل ديدن سكانها والنهب نهج
مجرميها والسرقة طريق لصوصها والظلم شريعة اقويائها نحو ضعفائها، وقطع الطرق سبيل صعاليكها,
فلم يسلم من النهب والسلب والقتل حجاج بيت الله الحرام ناهيك عن الناس الآخرين, فكم من عشرات الحجيج ذهبوا ضحية لزمرة من قطاع طرق فاجرة، لم يردعهم وازع
من دين ولا تأنيب من ضمير وكثير هم الذين ذهبوا ضحايا نزوة من قتلة سفاكي دماء كانوا آمنين بقراهم ومضارب انعامهم ما لبثوا ان داهمهم المغيرون من الفتاك
والمعتدين الصعاليك الذين همهم القتل والنهب والسلب فقتلوا اولئك الآمنين شر قتلة ومزقوا اموالهم شر ممزق مفتخرين ومتفاخرين بسوء صنيعهم وليس هنالك من
يحاسبهم وان كان هناك عقاب فانه بنفس الاسلوب وذلك لايتأتى الا اذا كان المعتدى عليهم من قبيلة ضاربة كما يقال فان بقية افرادها يجتمعون من جديد ويغيرون
على افراد القبيلة المعتدية بأحد مضاربها او احيائها وتتكرر المأساة من قتل ونهب وسلب وهذا ديدن الجميع,
فصارت الجزيرة العربية تعيش في حالة من الفوضى والذعر والخوف المميت لايقر لساكنيها قرار ولا يهدأ بهم بال ولا يأمنون على اموالهم وذراريهم فالسكان نتيجة
لذلك يعيشون في جحيم لايطاق,
وليس في تلك القبائل المتناحرة رجل رشيد له الامر المطاع والرأي السديد وان وجد من هو على تلك الشاكلة فهو مغلوب على امره تحت وطأة القبيلة التي لا ترعى
حقوق انسان ولا تقابل اساءة باحسان يحكمها في ذلك كون الحياة للاقوى ووجوب كون الفرد مع قبيلته في حالة رشدها وغيها ولسان حاله يقول
وما انا الا من غزية ان غوت
غويت وان ترشد غزية ارشد
|
اما من ناحية الجهل فحدث ولاحرج فالتعليم غير منتشر والجهل ناشر اجنحته البغيضة مرفرفة بألوانها الداكنة على كل ربوع الجزيرة العربية,
ونتيجة لذلك الجهل تضعضعت عقيدة السكان فانتشرت الخرافات العقدية وابتعد الناس عن النهج الديني القويم وصاروا في امس الحاجة لمن يرشدهم ولن يتأتى ذلك
التوجيه الرشيد الا في ظل انتشار التعليم بينهم,
وعندما بلغ الوضع السيىء في الجزيرة العربية مبلغا عظيما قيض الله جل وعز بها رجلا لا كالرجال وحيد زمانه ونسيج عصره استطاع بعون من الله ان يوحد اجزاءها
وان يلم شتاتها وان ينشر العلم في ربوعها ويبدل بتوفيق وعون من الله خوفها امنا وشقاءها رخاء والعداوات بين اهلها محبة وتآلفا وودادا,
انه المؤسس الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه ورحمه رحمة واسعة,
حيث تم انبلاج ذلك النور على الجزيرة العربية بدخوله الرياض قبل مائة عام اي في عام 1319ه ذلك الحدث الهام الذي تحتفل المملكة قريبا بذكراه المئوية فلقد
استطاع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله ان يغير كل شيء سيىء بهذه الجزيرة ويوحد هذا الكيان الكبير تحت المسمى الخالد المملكة العربية
السعودية وسير امورها بكل عزم واقتدار وسار على نهجه السديد ابناؤه البررة من بعده الملوك الميامين (سعود وفيصل وخالد) رحمهم الله جميعا ويحمل اللواء من
بعدهم مليكنا المفدى فهد بن عبدالعزيز ايده الله بنصره والبسه ثوب الصحة وحفظه من كل سوء يساعده في تسيير مهامه الجسام اخواه الكريمان ولي عهده والنائب
الثاني وهما كل من صاحبي السمو الملكي الاميرين عبدالله بن عبدالعزيز وسلطان بن عبدالعزيز حفظهما الله وحفظ جميع افراد الاسرة المالكة الكريمة وجميع افراد
شعبنا السعودي الابي,
فلقد اصبحت بلادنا الغالية منذ عهد مؤسسها الراحل الملك عبدالعزيز رحمه الله الى يومنا هذا مضرب الامثال بين الامم والشعوب فلعلها الوحيدة في العالم من
ناحية الامن والامان اللذين لن تجد لهما مثيلا في بلدان العالم,
وبلغت في الرخاء والتعليم مبلغا قل ان نجد لهما مثيلا وذلك في زمن قياسي حيث دخل التعليم كل بيت وقد تطورت تجارة بلادنا وصناعتها وصرنا ننافس عالميا
البلدان المتقدمة ولحاجة البلاد الى جيش قوي يذود عنها المعتدين فقد صار لدينا ولله الحمد جيش عرمرم يضاهي اقوى الجيوش تكتيكا وعدة وعتادا لايستطيع معه
بحول الله اي معتد مريب مجرد التفكير في الاعتداء على شبر من ثرى هذا الوطن الطاهر فلله الحمد أولا واخرا وحفظ الله وطني وطن الاباء والشمم واسبغ عليه
وافر النعم,
،* مشرف البحوث والدراسات بادارة تعليم سراة عبيدة
حمود بن فرحان الوادعي *