في فضاء الكلمة
حمد العسعوس
قبل أن ألتقي بالشاعر الاستاذ/ محمد الفهد العيسى,, وقبل أن أتشرف بمعرفته في مجلس الشورى,, كانت هناك علاقة قديمة تربطني بهذا الانسان كشاعر متفرد,, يمتلك نظرة خاصة نحو كثير من المسلمات التي يتوارثها الناس - جيلا عن جيل - دون تدقيق في واقعيتها أوملاءمتها للحياة,
تلك النظرة التي جعلت الشاعر العيسى شاعرا متميزا,, تكتنفه الغربة,, وينطلق مع تيارها,, ويعزف ألحانه على أوتارها,
يقول عنه الدكتور محمد العيد الخطراوي, في كتابه شعراء من أرض عبقر الجزء الاول ص230:
بهذه الروح المتألمة الباكية يواجه الناس والأشياء، فكل اشعاره تقطر ألما وحزنا وكآبة، تواجهك هذه الحقيقة في كل قصيدة من قصائد ديوانه على مشارف الطريق الذي نشر عام 1963م، وأول قصيدة فيه هي بعنوان غريب وفيها يقول:
فؤادي تصبَّر ولذ بالحذر
فأنت و حيد بدنيا البشر
وأنت وحيد يكون النفاق
بدنيا الرياء,, بأرض الكدر
شدوت بلحن الهوى شاعرا
تناجي النجوم,, وتهوى القمر
فقالوا: شقيٌّ به جنة
يرى النور,, حيث الظلَام انتشر
كما تربطني بالشاعر تلك المفردات والجمل الشعرية التي تعج برائحة العرار والشيح والقيصوم، وبثها في قصائده,
كما شدتني اليه تلك الروح التي تميزت بالمرونة,, وعدم التعصب للقديم، بل استجابت لرياح التجديد وتساوقت معها,, وأبدعت هنا,, وهناك,
وعندما يتيسر لك الاطلاع على اي مجموعة من مجموعاته الشعرية,, سوف تجد ما يثبت هذه الحقائق ماثلا أمامك وقريبا من متناولك دون أي عناء,
ففي مجموعته الحرف يزهر شوقا تقرأ له في نص بهذا العنوان المقطع الآتي:
تفرش درب العوسج - شيحا,,
قيصوما,, وخزامى
تنسج خيمة حب,,
فوق غييمات الوسم
تترع اكؤس شوق العطاش العشاق,
وبعد صفحات قليلة في نفس المجموعة يفاجئك بنص تناظري يحافظ على نفس اللغة ونفس المفردات التي استخدمها في النص الحديث,, يقول في قصيدته بوح
يانديميّ في الهوى عرّجابي
نحو دار جذورها في إهابي
واسقياني رحيق وجد نديٍّ
من هواها, فمن هواها شرابي
راع قلبي بعاد خود رشوف
ثرّة الود,, حلوة كالرضاب
كنت,, كانت,, كما حبابٍ بكاس
شعشعت فيه بالثنايا العذاب
كان صرفا,, مزاجه من أقاح
من عرار ومن خزامى الروابي
لقد انطلق محمد الفهد العيسى بتجربته الشعرية، في جميع مجموعاته الشعرية التي اتيح لي الاطلاع عليها، في مجالات التجريب، ولم يتوقف عند شكل معين مثل معظم شعراء جيله,
كما ان الشاعر ورغم غربته ورغم سفره الدائم الذي اتاحته له الوظيفة الدبلوماسية كسفير للبلاد في عدد من الدول، اقول رغم ذلك,, فقد ظل مشدودا الى بيئته النجدية بكل تفاصيلها الجميلة,
يقول عنه الناقد الاستاذ رجاء النقاش في مقدمة ديوانه الإبحار في ليل الشجن:
الشاعر محمد الفهد العيسى ينقل الينا تجربة انسانية من نوع خاص,, هي تجربة الروح التي تريد أن تتحرر من القيود ,
وعن شخصية الرجل يقول كل من: راشد عيسى، ومحمد المشايخ في كتاب أسراب الحنين وهو قراءة في النموذج الرومانسي للشاعر ص9: ويمتاز ابوعبدالوهاب بشخصية هادئة متأملة ومرحة في آن، واسع الصدر، حليم,, يتجمع حوله نخبة من الاصدقاء والمريدين اينما نزل، فهو مناظر أريب في الجانب الفكري، وفنان مرهف الحس رقيق الوجدان في الجانب العاطفي، وهو ذو نفسية عميقة كبحر هادىء يصدر في قول عن عفوية صادقة ورؤيا شفيفة ,
,, أما الفهد التائه فهو الاسم المستعار الذي كان محمد الفهد العيسى ينشر به قصائده الأولى، جريا وراء عادة بعض الشعراء في العالم العربي مثل: بدوي الجبل والبدوي الملثم وأدونيس والأخطل الصغير وغيرهم كما اشار لذلك الدكتور الخطراوي في حديثه عن الشاعر,


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved