وميض .. عبد الرحمن السليمان
برزخ
|
(برزخ) هو اسم معرض آخر معرض شخصي أقامته الفنانة التشكيلية حميدة السنان في القطيف قبل أشهر وهو تجربة مهمة في مسيرتها التي تخطو نحو انفتاح أشمل ربما تشهده تجاربها القادمة. أُقيم المعرض في مقر أحد المكاتب الهندسية ويفترض أن يكون بمثابة الفرصة لحوار بين المهندسين المعماريين والفنانين في إطار العلاقة التي طالما كانت مثار خلاف، وبرزخ التجربة تأتي في سلسلة اشتغالات وتراكمات فنية حملت معها محاولات واشتغالات ومعارف تكونت خلال عمر ممارستها الفنية وهي التي بدأت الرسم مبكراً وكان معرضها الأول الذي نظمه مركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف بمثابة المنطلق لها نحو الساحة المحلية بكل ما حمله المعرض من إمكانات كانت حينها مبشرة بقدوم فنانة.
كانت الأعمال تعبيراً عن أفكار، وتأكيداً لقدرات ومحاولة جريئة من شابة كانت في مقتبل العمر، حمل المعرض صيغها التي تنبعث من علاقات عناصر السرياليين وعوالمهم الخيالية ومعها كان المعرض بمثابة تثبيت لاسم حميدة ومن ثم تواصلها بقوة في العروض التي شهدتها المنطقة الشرقية عموماً والقطيف على وجه الخصوص، لتواصل حميدة محاولاتها الفنية وتشتغل على تجارب مختلفة من الخامات والألوان، لم تشهد تجربة حميدة تحولات قسرية أو شطحات كما يحدث مع البعض فقد كانت في معظم أعمالها تعود إلى إنجازاتها الأولى لتنطلق منها ولتستفيد من معطياتها في تناول جديد، كانت موضوعاتها الغرائبية المستوحاة عناصرها من المحيط البيئي (الشعبي) وكانت صورها التي تحمل بساطة الفكرة والق المعالجة اللونية، ظهرت على أعمالها التأثيرات الانطباعية أكثر مما كان يتناول به السرياليون أعمالهم، تتواصل تجاربها لتنقل إلينا معرضاً يقوم على القص واللصق لأوراق مختلفة ملونة أو من المجلات وكانت معها ترسم بعض العناصر المعروفة التي كانت تحمل دلالاتها الرمزية الخاصة لدى الفنانة، هذه التجربة مع المساحات الصغيرة التي كانت عليها الأعمال إلا أنها استفادت من معطياتها لاحقاً، وعندما قدمت حميدة معرضها برزخ كانت الأعمال في تحولها أو تناميها قد اتخذت صفتها من تلك الصيغة الجديدة في التجربة وقد تأكد فيها الحرص على المعنى خصوصاً في الأعمال الأولى من التجربة إلا أنه يتضح لنا مقدار امتلاك الفنانة سيطرة على مجرى التجربة التي اتضح إحكام حميدة لها، ومع الخامات التي كانت تتناولها في أعمالها السابقة إلا أنها في برزخ أرادت توظيفاً مختلفاً وهي تسعى لأن تحقق أو تكثف معنى، من بين خاماتها (الأسلاك المعدنية والخيوط والكراتين وأوراق الصحف والحبال) وغيرها، وقد نقلت إلينا توليفاتها قدر العفوية التي كانت تشتغل بها مع الإعادة لمكتسبات تجاربها السابقة إلا أننا في الواقع أمام فكرة تبدو أكثر وضوحاً في الأعمال الأولى منها والتي حملت شيئاً من المباشرة التي لا أعتقد أنه تخطئها العين الفنية، فالعلاقة بين (برزخ) التسمية والهيئة المنظورة من العمل تبدي هذا الشكل الذي قد يتمثل في مرحلة المنتصف بالتالي كان المنطلق محصوراً في تأمل ونظرة للحياة والعلاقة بالآخرة. وتجارب حميدة السنان السابقة لم تحمل وضوحها كما في برزخ وان كانت تحرص على إطلاق تسميات، من هنا يمكن اعتبار تجربة هذا المعرض مهمة وفي عدة جوانب لعل أهمها هو تلك الصيغة أو الحل الفني الذي لم يكن منظوراً في تجاربها السابقة وان كانت هذه التجارب محل اهتمام وعناية، كان انعكاسها طبيعياً وان لم يكن على نحو كبير من المباشرة. من هنا فإن هذه الإمكانات الفنية التي تتمتع بها السنان يفترض أنها انعكست بشكل أقوى على أعمال من يتلقين دروساً فنية على يدها، لقد لاحظت في الكثير من المعارض التي تقيمها تلميذات حميدة وبإشرافها إما أن تكون بسيطة ومتواضعة أو أنها أقرب إلى تقليدها وبمستوى هو الآخر ضعيف، والواقع أن الحرية المفرطة للممارسة الفنية خصوصاً في حالة المبتدئين أو المبتدئات يصعب عملية الاستفادة إلى شيء من بعثرة الجهود وبالتالي ضياعها.
aalsoliman@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
