قبَّلتُ رأسك لا خوفاً ولا طمعاً |
ولا لإبغاض من وافى ومن سمعا |
أنا الذي لم يخن يوما مشاعره |
ولم يكن لسوى أخلاقه تبعا |
سموتَ، فازددتَ قربا، كيف يا أبتِ |
جمعت ضدين. كانا قبلُ ما اجتمعا |
إني لأعشقُ تاجاً أنت لابسه |
لولا سموك بالأخلاق ما ارتفعا |
دعني أُزينُ أشعاري بروعته |
لكي أُكحل طرفاً طالما دمعا |
أيا ملوِّن أيام الصبا مُثُلاً |
أراك - في كل يوم - تكتسي ورعا |
قال الطبيبُ: تعاني؟ قلتُ من زمنٍ |
أشكو كريما، سوى المعروف ما زرعا |
وكلما جئتُ أقضي الدّين ضاعفه |
كأن مثليَ لم يقنع بما جمعا |
تعبتُ أوفيه حقا حاضرا، فمتى |
أوفي سخيا، على المعروف قد طُبِعا |
أنت الطبيب، وهذي محض تجربتي |
وشر تجربة من جرَّب الوجعا |
أغضى الطبيبُ بطرف صوب مشرطه |
وقال: جرحك عن إدراكيَ امتنعا |
دواءُ دائك هذا أن تبادل من |
أهداك معروفه شكرًا، لما صنعا |
الله، ما أغرب الأيام، يا مَثَلي |
دعنا نفتِّش في سفر الحياة معا |
سوداء سحنة هذا العصر، يا أبتِ |
وبيننا كفُّ واشٍ تضرب الودعا |
تقول خانك من أبدى مودته |
وقد قلاك. وصافي ودك اقتلعا |
قلت المودة ليست زيّ عارضة |
إذا انتهت من تبني عرضه نُزِعا |
لكنها وردة في القلب منبتها |
وطائران على أفنانها سجعا |
لم ترض ِ فيَّ حسودا. كان مقصده |
بأن يروِّج في سوق الخنا سِلعا |
وكنت تمنحه إرضاء نزوته |
فالأذن مستمعٌ. والقلب ما سمعا |
يأتي إليك بأثوابٍ مشوهةٍ |
لأنه لثياب الحُر قد خلعا |
ويحتويني بأقوال منمقةٍ |
ليبرئ الجرح بالسيف الذي قطعا |
كم بات يبرم أمرا كي يُباعدنا |
وكنت تحسمه. من قبل أن يقعا |
يا ربِّ: ذي الصفحة ُ البيضاء. إن بها |
شيخا يمارس في محرابه البدعا |
أبي. لك الله. كم عانيت من بشرٍ |
وكنت تمنح من جافاك ما منعا |
يا مشعل الشعر في صدري. غفوت على |
مجامر الشوق. بالآلام مقتنعا |
شكرا - أبا الفضل - شكرا يا معلمنا |
أن الكريم بغير البذل ما انتفعا |
أنت الأميرُ. ونحن الركب تجمعُنا |
بك المحبة. والشوق الذي جمعا |
أستأذن الشعر. كي تغفو نوازعه |
أريح طرفي. وقلبي إن هما هجعا |
قد كان أثقل هذا الليل ظلمته |
لو لم يكُ الفكرُ في داجيه قد سطعا |
يا أعذب الشعر. كم عذبت أعيننا |
كأنَّ فيها لما تشقى به ولعا |