هذا أنا: عبدالله الزمزمي عبدالله السمطي
|
يسجل الشاعر عبدالله محمد الزمزمي اعترافه الشعري الذي يتدثر بدالة (الحزن) في مواجهة درامية العالم، فبإقرار غنائي ساطع يقول في البيت الأخير من آخر قصيدة يضمها ديوانه: (هذا أنا)
نادي أبها الأدبي - ط1- 1421هـ
يقول:
أنا لولا الحزن لم أكتب ولم
تنهل الآذانُ من عذبِ قصيدي
فالزمزمي يقر بفضل (الحزن) في الكتابة، وفي إنتاجه القصائد العذبة. الحزنُ صورة الشاعر الذي يسمي ديوانه (هذا أنا)، مع رسم صورة قلب ينزف منه الدمُ على الغلاف الأمامي للديوان. ويربط الشاعر بين (الآلام) وبين سر وجوده.
ويبدو أن هذا (الحزن) هو الخيط الدلالي الذي يصل بين ذات الشاعر وبين نصوصه، خاصة إذا علمنا أن الزمزمي قد أصدر ديوانه الأول معنونا إياه ب (مواجع قلب) وديوانه الثاني (هذا أنا) فإن الشاعر يعبر في إطار هذا الحقل الدلالي الرحب، فتتداعى عنده الدوال الأسيانة الشفيقة كاعتداءات الأسى، والموجعات، وثوب الحزن، والجراح والأنين:
تأمل بواعث شعري تجدْ حنينا. أنينا. صدى موهنا
ويصل الحزن ذروته حين تندمج آلامه مع آلام غيره، وتتحد بالموت حين يقول في نصه (آلام ص17):
من همومي أحسُّ آلامَ غيري أنا حي في كل حينٍ أموتُ
إن الزمزمي - وفق مجاله الحزين هذا - يعبر أيضا عن الفقد والضياع، وقسوة الزمان، فيما يعبر أيضا عن (الحب) كنوع من الخلاص أو التطهير من الألم، وهو حب أيضا مجروح وكليم خاصة حين ينتقل من الذات (الداخل) إلى الموضوع (الوطن) الذي يشعر واقعه العربي بالحزن والأسى أيضا، حيث يقرر الشاعر عن أمته:
هيكلاً أصبحت وسالف ذكري
وسؤالا في صفحة النسيانِ
* (ص18)
إن الزمزمي يعبر بشكل جلي عن حالته، وهو لا يدفع بالتجربة بعيداً، ولا يقدمها في نسق دلالي رمزي أو إحالي، بل يقدمها بشكل تقريري، تصويري، وصفي حيث يستثمر طاقات الدوال بوجهها الأوّلي، في علاقات تركيبية تبدو معهودة، ومأنوسة، فثمة حضور طاغ للأنا، وللتقرير:
عندي أنا الشعرُ دوحٌ لا ظلال له
* (ص89)
هذا الحضور جعل الأفق العباري النحوي منوطاً بتحديدات اسمية (المفردات الخبرية) وبمعطوفات لا تتراكب أو تتقدم وتتأخر فيها الجمل الشعرية داخل البيت الشعري إلا بشكل طفيف لا يعطي كيمياء البيت ومعادلاته بشكل فعال تبقى العبارة التطريبية الشجية هي هم الزمزمي الذي يتأثر أحيانا بالعبارات النزارية، وبطريقة أدائها كما في نصوص: (وقفة أمام قبر خالد بن الوليد، وحكاية الصيف، وإنه موطني) مثلا: لكن ما ينقي تجربة الزمزمي في هذا الديوان هو حرصه على انفتاح البعد المضموني لحالة (الحزن) على كل المضامين الأخرى، ويبقى هذا الحزن مثار أسئلة بغير جواب كما يقرر هو:
عذرا فقاموسي جراحٌ ادمعٌ .. حزنٌ، وأسئلة بغير جواب
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|