تكوين محمد زايد الألمعي *محمد الدبيسي
|
للطفرة مواقيتها.. التي لم نظفر منها
على صعيد الثقافة.. بشيء غير ما انزرع
على جنبات أقاصيها.. البعيدة..!
وأطرافها المتشبعة في جهات الوطن..!
حيث ثمة جيل لم يدرك منها إلا التحديق
في مسار الزمن.. يتأمله بحسبان..!
فإذا هو ينقضي.. دون أن يرش شيئاً
من ريعه على كادر المثقفين..!
غير تلك الأبنية.. التي انغرست كما انغرس
رؤساؤها..! وعندما ولت الطفرة.. لم
يبق غير هياكلهم.. تبعث السأم..
والمرار والتكرار..!
** هكذا كان مأزق.. (الثقافة) عندما تكون هامشاً..!
أومتنا لم يؤسس.. أو يفيض عليها غدق
الطفرة..! وأضحت علامة مرحلة..
ومسبار رؤية.. يرصد من خلاله
التحول في نظام القيم.. والتغير في
حراكها السوسيولوجي..!
وكان من الإشارات المهمة لتلك الفترة..
على صعيد المشهد الثقافي؛ (الألمعي) من أساطين
جيل القنطرة.. الذي زهد في أن يستوجد..
بوقا ينفخ فيه هواء الاستدامة..!
أو إمكانات غيرية تمنحه إشراقات الحضور المتجرد.. أو المحايث لا فرق !
حضه العمل في مناحي الصمت.. حيث خلود
الصادقين.. وخلوات العازفين بكبرياء
عن الضوضاء..!
** تمثَّل دوره منذ استوت شعريته
علامة على تجربة مهمة في شعرنا المعاصر..
لم يكترث لتلميعها بوسائل التهافت الرخيص..!
مثلما توزعته (لاءاته) الصارخة.. يصبها في وجوه
أعداء كل ما هو صادق.. وحقيقي.. وقيِّم..!
لاءات نارية.. لا تستكين للخنوع.. عندما تكون الحال (قضية)..!
تستدعي موقفاً.. والرأي
منازلة.. تتطلب التضحية والالتزام..!
ولذلك.. أبعدته عن محفل المطبلين..!
** وغير ذلك.. فهو الوجه المشرق..
إذا ما تمثل رمزا للوطن في محفل
خارجي.. تلا شعره في عواصم النور..!
فاستبصر السامعون.. شعراً
يضع صاحبه في مصاف أولى التجارب..
التي أسست صوت القصيدة المختلف..!
وغير ذلك.. فهو ليس غير (مثقف وإنسان)
بأصدق ما في دلالة اللفظتين.. وأوعى ما يحتويه بعدهما..!
** إذا ما استجلى المتأمل سيرته..
فشيء كذلك من تجربة صحافية ثرية..
لا تطيق المكوث الطويل..!
في أمكنة يستطيبها المنعمون
والمحتفون بريع القشور..!
كان آخر إفضاءاتها ما قدمه في نادي أبها الأدبي..
عندما كانت الندوة عن (الوطن).. فكان مما قاله الألمعي:
(كان علينا أن نعلم أبناءنا كيف يدافعون
عن وطنهم.. قبل أن يدافعوا عن أوطان الآخرين)..؟
فيما.. أمعن جليسه في التشفي السقيم..
محذرا ومنذرا من خطر الحداثة والحداثيين.. ليتلوث مناخ الانتداء..!
بمثل هذه المخاشنات الصدئة..
وتتراجع قيمة المناسبة إلى أمثولة سمجة..
لما اعتدنا عليه من تهافت أقطاب الحرس القديم وإيصاءاتهم النضالية..!
** ولمثل ذلك النموذج.. ينزع (الألمعي) وغيره..
إلى الوحدة.. عندما يختزل الطيف السواد.. ويقصي
كل الاجتهادات والمبادئ والأصوات المخالفة..!
ويخاتل بالمزايدة، منفعة دنية أو مكسبا مرئيا في مباهلات التسلق..!
والألمعي افتراقا عن ذلك، هو شيء من كتابة حقيقية.. لم نحسن استثمارها..!
وهو علامة على نزوع المثقف إلى العزلة..
التي لا تأنس بالأجواء الملوثة.. ولا تنبت
أوراقها بأرض يطأها الأنصاف والأشباه..!
** كذا كان (الألمعي)..
لم يطبع ديوانا واحدا إلى الآن.. لتتوزع أوراق قصائده
الدوريات.. شذرات من تجربة..؟
وتنتصب أصداء صوته في أراشيف الأندية..
التي لم يدرك من أقربها إليه.. ما أدركه
غيره من حظوة.. واستحقاقات..!
** قبل سنوات.. استثمر طاقاته الكتباية
فانبرى يبيض زاوية سماها (مسودات)..
في الجهة اليسارية (جغرافيا) من الجزيرة (الصحيفة) وملحقها الثقافي..
ليلقاه قارئوه.. على ذلك الرصيد من الثقافة.. والمرجعية المعرفية النابهة.
وصدق وزخم الرؤية واختلاف التناول.. في غير مقال..!
كان واعياً.. للحد الذي يحقق فيه دورا تصحيحيا في مسار
الأطروحات المكرسة لكل ما هو ضحل وهامشي..!
وكان محركه فضح مستوى هبوط
الوعي.. عندما يكون قناعة
أبدية بما هو قائم.. واستسلاماً
غير مشروط لما هو مقرر..!
md1413@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|