فهد أبوحميد وأنا كما عهدتني
|
منذ عشرة أعوام وأنا مرابط عند حدود القصيدة الأولى.. إنها لا ترضى أن تمنحني نقشا أبديا يتمدد بين أناملي أجوب به هويتها وأتشظى كضوء الشمس على سواحلها وفي سماواتها.. أشعر أن اللافتات تتآمر عليّ كلما أردت العبور الى تلك الآفاق اللازوردية.
يمر العام تلو العام وهذه القصيدة لا ترضى أن تستنشقني من خلف أسواري ولا ترضى أن تعبرني لتستقر في ذهني مثل غصن زيتون محارب يمزق الأرض من أسفلها ويطل برأسه ليصافح الكون ويقول له لقد حاربت من أجل السلام وتلوح الحروف من بعيد وتقترب مني شيئا فشيئا متكئة على المعاني المكبلة بأصفاد المعاجم والحكايات الشعبية الممزقة انسيابا على وتر الربابة الشمطاء.. أبحث بغباء في جوازات عبورها عن صورة تشبهك جمالا فلا أجد ويزداد يقيني أن القصيدة القابعة خلف الحدود تشبهك إباء.
منذ عشرة أعوام وأنا أبحث عن شجرة قيل لي ذات مرة إن مآلنا إليها.. وجدت واحدة ولكنها لم تكن هي المعنية.. وعند أخرى لم أجدك فلما هممت بالانصراف قالت لي انتظرها ولا تجزع فآدم يأتي أولاً.. ولما طال انتظاري جاء القبر فنصب أرجوحته بين أهدابي وقال لي والأجساد تسيل من شدقيه إن حواء لن تأتي هذه المرة وإنه لم يدفن قبلكما شخصان معا فإن شئت فامدد كفيك إليّ وبايعني وإن شئت فارحل وحيدا.. فسرت وأنا لا أعلم جدوى مسيري إن لم أجدك.. ولما أدمنت طبع خطواتي على كف خضبتها الهواجس ومدتها باتجاه المجهول ندّ عن صدر اليقين سرب من حمام الزاجل وقال لي:
إن حواء موجودة في كل قصيدة تتشبث بأجنحة الهروب تارة وضفائر الحران تارة أخرى فعدت أدراجي لأرابط عند حدود القصيدة الأولى أحبك وأنتظرك وأكتب اليك فأين تكمنين أنت من هذه العين الواسعة التي أهدابها قبر وجفنها قصيدة تتسربل بضمير الغيب والموعد الآبق؟
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|