اللغة العربية ودورها في تفعيل الحضارة واستيعاب معطياتها عبدالله حمد الحقيل
|
اللغة العربية لغة القرآن والتراث المجيد يتجسد فيها البيان العذب المشرق الجميل والمعنى الرائع البديع، وتبرز فيها البلاغة والفصاحة، وسماها القرآن الكريم اللسان العربي المبين. ولقد صمدت خلال القرون الطويلة بفضل انفتاحها المستمر على الثقافات والحضارات وقطعت مراحل حضارية وفكرية لم تقطعها اللغات الأخرى لطول عمرها وعطائها وقدرتها، ولذا ينبغي الحفاظ عليها والاهتمام بها، فهي لغة معطاء. ولعل مما يؤسف له شيوع الكثير من المصطلحات والمسميات الأجنبية تنتشر بيننا اليوم في هذه البلاد مهد الفصحى، وهذا عقوق للغة في عقر دارها، ويلاحظ المرء انتشار العديد من المسميات الأجنبية الإنجليزية، كما أن كثيرا من اللوحات واللافتات الإعلانية على المحلات التجارية وعلى الطرق الداخلية والسريعة تحتوي على أخطاء لغوية ونحوية لا ينبغي الوقوع فيها، فهناك خلط بين الفاعل والمفعول، المبتدأ والخبر وعدم التمييز بين همزة الوصل والقطع وهاء الضمير وتاء التأنيث وإثبات ياء المنقوص وألفه مع فصل الأمر وعدم الاهتمام بأبسط القواعد العربية والسكنات والحركات والمعنى والدلالات.. يقول اللغوي الشهير أحمد بن فارس (من العلوم الجليلة التي اختصت العرب بها الأعراب الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، وبه يعرف الخبر الذي هو أصل الكلام، ولولاه ما ميز بين الفاعل والمفعول ولا مضاف من منعوت ولا تعجب من استفهام ولا صدر من مصدر ولا نعت من توكيد..) إلخ. مما سبق يتضح أهمية مراعاة الدقة والوضوح وسلامة اللغة خلال كتابة اللوحات وكتابتها بطريقة مناسبة. ولقد كان أسلافنا يؤدبون أولادهم على اللحن.. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إن تعلم اللغة العربية وتعليمها فرض على الكفاية، ولو ترك الناس على لحنهم كان نقصا وعيبا. وبعد.. فإن الاهتمام باللغة والحرص عليها واجب ديني ووطني، وأن ندرأ عنها العجمة واللحن؛ فهي الوعاء الذي يحوي ثقافة الأمة وفكرها وحضارتها وتراثها.. ولقد أشرت في العديد من المقالات والأحاديث إلى أهمية استخدام اللغة العربية في الفنادق والشركات والمؤسسات والعيادات الطبية ومختلف المجالات والمعارض ومتابعة ذلك بكل حزم ودقة واهتمام تحقيقا للهدف النبيل في المحافظة على جوهر اللغة العربية، ويجب أن نبذل الجهود من أجل الارتقاء بمستوى اللغة العربية وجعلها لغة سائدة في المحافل العلمية وإبراز قدرتها على استيعاب العلوم والمخترعات كافة وإيجاد أسماء عربية لها وتوجيه هذه الجهود الاتجاه الصحيح حتى تؤتي ثمارها، وعلى الجامعات ومدرسي التعليم العام الدور الكبير في تدريس اللغة تدريسا علميا؛ لأنه بنظرة بسيطة إلى مستوى خريجي الجامعات اليوم نجد أنهم يعانون من الأمية الثقافية وذلك يرجع إلى عدم الاهتمام بتدريس اللغة العربية، كما ينبغي أن يكون وفق أوضح المناهج وأقْوَم الطرق، وعلينا أن نسعى السعي الجاد لنعيد للعربية رواءها وجمالها ونصاعتها، وأن تكون أداة التعبير والبيان في مختلف ميادين المعرفة وضروب المعارف والآداب، وأن نهتم بما تتعرض له اللغة العربية اليوم من غزو لها في عقر دارها واستهانة بها من جانب أبنائها ومن الوافدين الأجانب وانتشار رطاناتهم الأعجمية على حساب لغتنا العربية الجميلة الحية المرنة المطواع، ولنحرص على صيانتها والنهوض بها لتستطيع أن تواجه هذا الغزو الفكري والنشاط الحضاري الذي نشهده اليوم حولنا، والأخذ بيد اللغة قاعدة ولفظا وأسلوبا وهي قادرة على الوفاء بحاجات العصر ومستحدثاته؛ فلغتنا هي التي حفظت تراثنا على امتداد الزمان والمكان وفي تاريخنا البعيد والقريب، وأن نقوم بحملة لغوية غايتها تعزيز مكانة اللغة العربية وذلك بجعلها اللغة الأولى في الإعلانات والمخاطبات وفي قاعات الدرس في الجامعات والمستشفيات والشركات والفنادق ووسائل الاتصال المختلفة، وبث الوعي بأهميتها ووقف مد تيار المسميات والكلمات الأجنبية التي شاعت في مجتمعنا وبين أبنائنا وفي مختلف ضروب الأعمال التجارية حفاظا على الهوية الوطنية وتعزيز اللغة في نفوس الناشئة، والنظر إليها بعين العناية والرعاية والاهتمام.. ولله در حافظ إبراهيم حين قال على لسان اللغة العربية:
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية | وما ضقت عن آي به وعظات | أنا البحر في أحشائه الدر كامن | فهل سألوا الغواص عن صدفاتي |
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|