ثم إن صديقنا يتصف بالتواضع والبساطة، ويتحلى بالأخلاق الفاضلة والصفات النبيلة. |
أضف إلى ذلك الوطنية والإخلاص، وصدق اللهجة، وحسن التعبير، وسلاسة الأسلوب، وحلاوة المنطق. |
وأضرب مثلاً بركنه الأسبوعي في اليمامة أيام كانت صحيفة بعنوان (مع الناس)، يعرض مشكلاتهم ويصورها خير تصوير، ثم يحاول إيجاد حلول لها حسب رؤيته الثاقبة، وبصيرته النافذة، ورأيه الصائب في معظم الأحيان. |
وله وفقه الله عدة مؤلفات أدبية وقصصية ودواوين شعرية، كما أنه أصدر مجلة الإشعاع الشهرية بالمنطقة الشرقية، فصارت رافداً قوياً لمجلات تلك الفترة. وقد أسْهَمْتُ فيها ببعض المقالات المتواضعة من باب جهد المقلِّ في سلسلة عنوانها (من واجبات المسلم) على ما أذكر. |
وعلى كل حال، فسعد البواردي عَلَمٌ من أعلام الأدب، وفارس من فرسان الشعر لا يشق له غبار، وله دور كبير في عالم الصحافة بالمنطقة الوسطى، وكان ينوب عن الشيخ حمد رحمه الله في رئاسة تحرير اليمامة أحياناً عند سفره. وفي إحدى مرات نيابته |
نشر شخص من كتَّاب المنطقة الجنوبية مقالاً كانت عليه بعض الملاحظات، فتصديتُ له ورددتُ عليه، فنشرها أبو عبدالرحمن شكر الله سعيه في عمودٍ افتتاحي للصحيفة، وبقيتها في داخل الجريدة. ثم كثر الحديث حول ذلك المقال، ورد عليَّ بمقال آخر. وتصدَّت صحيفة الندوة لكتَّاب المنطقة الوسطى بالانتصار للكاتب الجنوبي، وقامت معركة بين الصحيفتين لفترة من الزمن، وساهمتْ في ذلك صحيفة القصيم أيام صدورها، وبالذات في عهدها الأول لا الأخير. |
ومرَّت الأيام.. وكأن شيئاً لم يكن، ولا داعي للتفاصيل؛ فذلك تاريخ مضى وانقضى، ولله في خلقه شؤون. |
وأخيراً وليس آخراً يبدو أنني أثناء الحديث عن أديبنا الكبير تعرضتُ لنفسي، وتحدثت عن بعض مشاركاتي، أو بالأحرى أشرتُ إليها عامةً لكوني من جيله ومعايشاً له. وما على شيخ مثلي يدْلُفُ إلى الثمانين سنة أن يتحدث عن نفسه؛ خشية أن ينساه الناس في خضم هذه الأحداث والتراكمات التي تأكل الأخضر واليابس.. وتعصف بنا عصفاً، وتكاد أن تنسفنا نسفاً. |
وفي الختام أُحيِّي سعداً في الأدباء البارزين، وأحيِّي سعداً في الشعراء الخالدين، وأحيِّي سعداً في الوطنيين المخلصين. وأشكر صحيفة الجزيرة في خطواتها الرائدة، ولمساتها التي تُسجَّل لها بمدادٍ من نور، وأحرف من ذهب. |
وما هذه الملحقات المتتالية والمستمرة على مدى الأسبوع إلا دفعات قوية نحو صحافة متجددة وثابة، تساير العصر، وتمشي إلى الأمام بخطى ثابتة، وأقدام راسخة، لا تعرف الملل ولا الكلل. فحيا الله القائمين عليها، ووفقهم لقول الحق، لا يخافون فيه لومة لائم. |
ولا غرو فالصحافة هي السلطة الرابعة في الأمة، فعسى أن تؤدي دورها الوطني المطلوب منها. والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير. |
تذييل: أعود فأكرر اعتذاري للأستاذ سعد، ولمحرر ملحق (الثقافية)؛ فلقد استأثرت بجزء من هذه المشاركة للحديث عن نفسي كزميل وصديق للأخ سعد الْمُجَلِّي. وعذري فيما فعلتُ قول الشاعر: |