الدبلوماسية.. والمراسم السعودية تاريخية.. دبلوماسية.. تنظيمية بقلم: علوي طه الصافي
|
حين يجد الكاتب نفسه أمام سفر نفيس من الكتب يقع في مجلدين من القطع الكبير صفحاتهما تبلغ (2075) صفحة!! كيف سيكتب عنه، وماذا سيأخذ منه، وماذا سيدع؟
إن الكاتب حين يجد نفسه أمام هذا السفر النفيس سوف تنتابه الحيرة القاصرة عن اعطائه حقه من الدراسة العلمية الموضوعية، وبخاصة إذا عرفنا أن هذا السفر أصله رسالة علمية نال بها مؤلفه (الدكتور عبدالرحمن بن محمد بن موسى الحُمودي) درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع التوصية بطباعة الرسالة، وذلك في التاريخ الحديث المعاصر من جامعة أم القرى بمكة المكرمة بتاريخ 21 محرم 1418هـ، وذلك حسب تزكية الأستاذ الدكتور (عبداللطيف بن عبدالله بن دهيش).
ومن خلال اطلاعي على هذه الرسالة الواسعة لمست أنه كان في الامكان أن تكون رسالتين مستقلتين، لأن المؤلف أفاض بما فيه الكفاية عن (الدبلوماسية والسفارة) منذ عهد الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، من جاء بآخر الرسالات السماوية، رسالة الإيمان والهدى والعلم والحضارة والثقافة وقيام أول دولة إسلامية في (المدينة المنورة) وما حدث بعدها خلال انتشارها في العالم، وهذا الموضوع وحده بما بذل في استعراضه المؤلف من جهد علمي، يعد رسالة متكاملة.
وتأتي قضية (المراسم السعودية) تاريخاً، وتوثيقاً من خلال مظان الوثائق، وبحث المؤلف فيها المتميز بالاستيفاء والتكامل، تأتي هذه القضية لتؤلف رسالة علمية مستقلة أخرى رفدها بتجربته العملية في المراسم السعودية التي زادت على ثلاثة عقود، وهي تجربة ثرية لا يجدها الباحث، أو الدارس، في بطون الكتب!!
وقبل أن نتعمق في محتويات هذا السفر نرى أن نبدأ بالأسس التي نشأ عليها، ونقصد بها (المصادر والمراجع) التي تعد بمثابة القواعد، أو البنية التحتية التي يقوم ويستند ويتمركز عليها البناء أي بناء!!
يقول المؤلف: (إن مصادر هذا الكتاب كثيرة وله الحق أن يصفها بالكثرة فهناك وثائق رسمية بعضها منشور، وبعضها غير منشور حصلتُ عليها من الديوان الملكي، ومن المراسم الملكية بحكم عمله فيهما متدرجا حتى أصبح اليوم وكيل رئيس المراسم الملكية ومن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومعهد الإدارة العامة، ومصادر أولية استفدتُ منها بعد أن حصلتُ عليها من مكتبة الدراسات الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية بالرياض، ومن وزارة الإعلام، كما حصلت على أعداد قيمة من جريدة أم القرى (الجريدة الرسمية) المشتملة على المراسم والأوامر والقرارات والبيانات المشتركة عن الزيارات الرسمية الصادرة عن الدولة.
ومن المصادر أيضا الكثير من الكتب القيمة التي حصلت عليها سواء بالشراء، أو بالإعارة، أو بالتصوير، من داخل المملكة أو من خارجها.
كما أنني استفدتُ من مذكراتي الخاصة التي سبق لي أن دونتها خلال تلك الفترة، وجدت فيها أشياء أفادتني عند الرجوع إليها.
ومن أجل الحصول على مزيد من المادة العلمية من مظانها، قمت بزيارات عديدة للحصول على المصادر والمراجع المتوافرة في مكتبات كل من دارة الملك عبدالعزيز، والملك فيصل الخيرية، والملك فهد الوطنية، وتحصلت هناك على بعض الوثائق والكتب، منها كتب تاريخية وسياسية، وأخرى عن العلاقات العامة).. انتهى.
إنها رحلة طويلة شاقة ومتشعبة، يضاف إليها الجهد الذاتي للمؤلف المتمثل في القراءة، والاستقراء، والاستنتاج، والاستنباط، وهو جهد لا يقلل من أهميته، وأعبائه، ويعد المؤلف كتابه الأول من نوعه في المكتبة العربية، وهو محق في ذلك لشمولية الكتاب، وتعدد قضاياه، وتنوع مناحيه.
ولا نستغرب مسيرة الكفاح المصحوبة بالبحث والتعب والسهر والمعاناة من أجل تقديم هذا الكتاب المتميز، لا نستغرب هذه المسيرة إذا تتبعنا مسيرة حياته الشخصية المسكونة بالعصامية، والجد والجدية ليتسنم المنصب الكبير الذي أشرنا إليه.
ذلك أن كتابه الكبير يعكس طموحه الذاتي الكبير الذي حققه بالسير على الرمضاء، ملتحفاً الشمس الساخنة، صاعداً الجبال، هابطاً بطون الأودية دون خوف، أو تهيب محققاً قول الشاعر (الشابي):
ومن يتهيَّب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحُفر
المحتويات... أو المضامين
بعد هذه المقدمة، وبنا لو عدنا بتعريف القارئ بمحتويات، أو مضامين هذا الكتاب الكبير، وهذا التعريف لا يخرج عن كونه الماحات عابرة، لا حاصرة.
الكتاب يتألف من (تقديم) لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، أوضح فيه الجهد العلمي والبحثي متقصياً كل شاردة وواردة ليكون الكتاب مصدراً للباحثين والدارسين في الحقل الجديد في عالم التأليف.
وإذا تجاوزنا (مقدمة المؤلف) وصولاً إلى (التمهيد) المتمثل في عرض موجز لنشأة الدبلوماسية الإسلامية العربية ابتداء من انطلاقة الدعوة الإسلامية في (مكة المكرمة)، وقيام أول دولة إسلامية في (المدينة المنورة)، وما تلا ذلك من أحداث في انتشار الدولة الإسلامية في معمورة الكرة الأرضية، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً سواء في عهد الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم مروراً بخلفائه رضوان الله عليهم الذين واصلوا المسيرة، وحملوا راية الدعوة الإسلامية عالية خفاقة.
ومن ثم ننتقل إلى (الدبلوماسية السعودية) وما رافقها من وقائع ابتداء بالملك عبدالعزيز مروراً بسعود وفيصل، وأخيراً وليس آخراً بخادم الحرمين الشريفين.
ثم نعرج على تأسيس (المراسم الملكية)، وتطوير أنظمتها، وإدارتها، ويجد القارئ نصوص وثائق لها أهميتها مثل (ميثاق الجامعة العربية)، و(ميثاق الأمم المتحدة)، و(ميثاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية)، و(ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي)، و(ميثاق رابطة العالم الإسلامي) وغيرها من المواثيق التي لا يستغني عنها الباحثون والدارسون وبخاصة في المجالات القانونية.
ونأتي أخيراً لدراسات المؤلف (للمهم من نتائج قرارات مؤتمر القمة لدول الخليج، والدول العربية، والدول الإسلامية، والمهم من نتائج الزيارات الرسمية والمؤتمرات سواء داخل المملكة أو خارجها، ومحاولة تفعيل الدور الإيجابي للمملكة من خلال تلك المؤتمرات والزيارات لرسم استراتيجية قوية واضحة المعالم).
ونحن لا نملك إلا أن نحيي مؤلف الكتاب الدكتور القدير (عبدالرحمن بن محمد بن موسى الحُمودي) على ما بذله من جهد علمي وطني بحثي رصين، ضحى من أجله بالكثير مما يغني من أجل ما يبقى لهذا الجيل، والأجيال القادمة، ناصحين القارئ باقتناء هذا الكتاب/ السفر، والاطلاع على محتوياته. وقد فاتنا أن نشير أن الكتاب يشتمل على مجموعة من الوثائق التاريخية المصورة من مظانها.. والله ولي التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
alawi@alsafi.com
ص.ب (7967) الرياض (11472)
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|