حول ملف القصة في المجلة الثقافية
|
مدير التحرير للشؤون الثقافية
في العدد 176 بتاريخ الاثنين 22-10-1427هـ تصفحت أوراق الملحق الثقافي لصحيفة الجزيرة، واستقرأت بعض ما فيه، وذلك لشدة إعجابي ورغبتي في مثل هذه المجلات - الثقافية - الحيوية التي تعيد للمشهد الثقافي عافيته وسلامته، وتحلق بالحراك الفكري إلى أفق الخارجية وسماء العالمية بعد أن ظل رازحاً تحت وطأة الشأن المحلي والنسق البيروقراطي، شأني شأن أي قارئ وأي متذوق بسيط في الاتجاه الثقافي والمسار الأدبي، وشأن أي سابح هاوٍ غير محترف يمخر عباب الحياة الفكرية متصيداً جديدها وقشيبها تحت ظل المتغيرات والتحولات التي تعصف بالفكر تارة وبالتحرك الفعلي تارة أخرى في أمور كثيرة ومتعددة حسب التخصص ذاته وتوجه الشخص وذوقه، واعتماداً على الشأن المذكور، والرغبة المكتنزة حباً ونشاطاً.. شرعت في تصفح هذا الملحق وهذه المجلة بغية الحاجة المنشودة ومتعة القراءة في موضوعاتها المتنوعة، فلفت انتباهي مقالة الأخ العزيز صلاح المنصور الذي بين فيها كيف عانى وتحمل الأذى حتى وصل إلى ما يريد وإلى ما يبحث عنه في اقتناء أحد إنتاجات د. غازي القصيبي، وإحدى روائعه الحكائية - حكاية الجنية - وكيف أبدى فرحه وسروره في ذلك، وربما أخذ يلتهم هذا المنجز بكل ما عرف الهذم من معنى، بحيث لم يترك بعده لغيره ما يمكن الاستفادة منه أو الابتداء منه وبه، وهذا ديدن المثقف أو القارئ الواعي المتخصص في موضوعات بعينها مجيرة على حساب الوظيفة والقصد الطبيعي من ورائها، إلا أن الأخ المذكور قد صنف المنجز على أنه رواية والعمل الذي جسد كمسلسل بدراما سعودية متحركة على أنه قصد، وفي واقع الأمر إن الجنية عمل حكائي كما عبرت عنه ذات المؤلف في المقدمة ص17 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أيها القراء الكرام (والقارئات بطبيعة الحال) محبكم راوي هذه الحكاية والحكاية كلمة محايدة تريحني من تقعرات النقاد، ومن نقد المتقعرين.... الخ، وأن أبو شلاخ البرمائي رواية وليس قصة كما هو لافت من غلاف الكتاب، وفي ثنايا المفاهيم وعرف التراكيب الأدبية إنه لا فرق في أساس اللفظ مما تعنيه بعض مفردات الفن الحكائي كالقصتين القصيرة والطويلة أو الأقصوصة أو الرواية، فالكل يرجعها إلى ذوقية الكاتب، فقد ذكر المعجم المفصل م1 د. اميل بديع يعقوب ود. ميشال عاصي ص583 الحكاية (في الأدب) لوناً من ألوان القصص تعتمد على عناصر هذا النوع الأدبي الرئيسة من سرد وتشويق وإمتاع وإفادة، وبعد عدة أسطر من هنا تشترك الحكاية مع القصة والرواية والأقصوصة في المناخ العام، وفي الاعتماد على عناصر مشتركة فيما بينها... إلخ، وعبر من الرواية ص678 بأنها القصة الطويلة ذات السياق المتمادي في الزمن والأحداث المتشعبة في المكان والمتنوعة في إطار الوحدة والأشخاص النموذجيين الذين يحيون ويسعون في نطاق المجتمع.
وذكر فيما يخص القصة في المجلد الثاني ص979: (لون من ألوان الأدب القصصي الذي يروي الأخبار على أنواعها، ويعرض الأحداث وينقل المآثر ويسوق الحكايا والنوادر وينسج الأساطير والخرافات، طلباً للمتعة والفائدة، وفي الاصطلاح الأدبي المتداول لم تستقر بعد في العربية على مدلول تقني محدد) أ.هـ.. وأياً كان المعنى والقصد فاشتراك الجميع في نوع الحدث وتفصيل المحاكاة وقوة الطرح وتحرك الأفراد باستنطاق الزمان والمكان مدرجاً ضمن نسق معين وحبكة خاصة تختلف في نفسها عن القصة بنوعيها والحكاية والرواية، فإذا سلم الأخ صلاح في تحريك مفاهيم هذا النوع الأدبي لم يسلم د. القصيبي مما خشي منه في مقدمة حكايته الجنية.. وإذا سلم وخلص د. القصيبي مما خشيه وعناه في المقدمة المذكورة لم يسلم الأخ صلاح مما ألفه الذوق الثقافي بعامة والأدبي بخاصة في تعريفه بل وتصنيعه لبعض المناشط الفكرية، وإلا لأصبح الهدف من ذلك ضرباً من العبث والتسلية، فاقرأ ما ذكره د. غازي القصيبي في كتابه سيرة شعرية ص350 تحت عنوان بين: (القصة.. والرواية.. والقصيدة) وكان رداً على سؤال وجه إليه في أواخر سطور الإجابة في الصفحة المقابلة باستطاعته أن يختار فرشاة كبيرة ويختار من المشهد ملامحه الرئيسة وحدها (كما ينقل الشاعر).. وباستطاعته أن يختار ركناً صغيراً من المشهد يركز على بعض تفاصيله، وفي هذه الحالة سيختار فرشاة متوسطة (كما يفعل كاتب القصة القصيرة)، ولا بد له إذا أراد أن ينقل المشهد بأكمله وبتفاصيله الجزئية الدقيقة من أن يستعين بفرشاة صغيرة (كما يفعل الروائي)أ.هـ. وهنا يتبين بوضوح التباين والفرق بين العناصر الثلاثة المذكورة، وهنا تكمن النكتة في تخصيص وتصنيف بعض المفاهيم لسهولة المعرفة، ولوصول النقد ولبيان النتيجة، وليعذرني الأخ صلاح في إدلاجي في هذا الموضوع البسيط وتدخلي في مشاركة تامة وشاملة من غير اندماجي في شؤونها، ولكن أردت تحييد الوصف وتحديد المفهوم، واتصالي معه عبر هذه المجلة الثقافية بوصال المحبة والمعرفة.
حيدر عبدالله البوخضر
بوشهد - الأحساء
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|