| أَيُّها النيلُ قُلْ لها إنَّ حَالي |
| لَمْ تزلْ تَجْري في عرُوقِ الليالي |
| لَيْتَ ذاك الغِيابَ يَفنَى احْتراقاً |
| حينَ أَضْحى في المسْتبد وصَالي |
| إنْ تَخَلَّتْ فَلَستُ مِنْها خَلِيّاً |
| أوْ تَسَلَّتْ فَلَسْتُ عَنْها بِسَالي |
| حَرَك الشَّوْقُ كَامناً في جُفوني |
| فاسْتَهَلَّتْ كَرَجْفَةِ الزَّلْزالِ |
| مَالها تَسْعى في قِتالِ غَريبٍ |
| ضَرَب الأرْضَ دُونها بالنّصالِ |
| شَفَّني الحُب قائماً فَلَواني |
| وانْثنَى عادلي من الأهْوَالِ |
| مُذْ أصَابَتْ عُيُونُها رُكنَ قَلْبي |
| ثُمَّ أغْضَتْ والجُرْحُ كالشَّلالِ |
| قَتَلتْنِي أَسِيلَةُ الخَدِّ صَبْراً |
| بالْجِلنَّارِ تَحْتَ حَبَّةِ خَالِ |
| يَا وَمِيضَ البُروقِ بَيْن الثَّنايا |
| رِقَّ لي مِنْ مَحَاجِرِي وسُؤالِي |
| كُلَّما لاحَ بارِقٌ أقْبلَتْ تَسْ |
| عَى عِطَاشاً جَوانِحي للزُّلالِ |
| كَوْكَبٌ دارَ في السّماء وَيَرْمِي |
| بِشوَاظٍ من بَهْجةٍ وَجَمالِ |
| واللمَى العذْبُ يزدَهِي بشِفاهٍ |
| قَدْ طَغَتْ تَحْتَ حاجِبٍ كَالهِلالِ |
| ضَامِرَ الكَشْح خَصَّرته وقاراً |
| حِينَ مالتْ تَخْتالُ بالخِلْخَالِ |
| خَلَقَ اللهُ مِنْ ثَرَاها الثُّريا |
| دُونَ شِبْهٍ كَأنَّها مِنْ مُحَالِ |
| يَارَسُولَ الغَرامِ إنَّ حياتي |
| ثَقَّبتْها الأيامُ كالغِربالِ |
| قُلْ لها إنَّها من الوَجْدِ نَفْسٌ |
| طَعَن الثُّكْلُ رُوحَها بالهُزَالِ |
| قَرّحتْ جَفْني لَيْلَةٌ بعْدَ أُخْرى |
| وَرَجَائي مَا زَالَ بالأغْلالِ |
| وَيْحَ عَيْني مِنَ الصدودِ، تُقَاسِي |
| مِن غِيابٍ وَلَوْعةٍ ونِزَالِ |
| مَلِكَ الُّروح جُرْتَ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ |
| وأعَانَتْكَ قسْوةُ التّمْثَالِ |
| مَنْ رآني يَبْكِي عليَّ جَزُوعاً |
| ما لِعَيْنيْكَ لا تَرَى مَا بِحَالي |
| قّدْ تَلظّتْ رُحْمَاك مَا بي سُنُونٌ |
| فَاتَّقِ الله في دمِي ومَآلي |
| وَلَعمْري إنْ لَمْ تَكُنْ هَذِه النَّا |
| ر فَمَا النَّارُ يَا خَلِيَّ البَالِ |
| عَلِمَ اللهُ حُبَّهَا في فُؤادِي |
| أيُّها النيلُ مَالَهَا لا تُبَالي |