(كلما.. وقصائد أخرى).. جديد الشاعر العارف: قصائد الديوان رسائل قصيرة ورؤى مقتضبة
|
*مطالعات-عبدالحفيظ الشمري:
الشاعر يوسف العارف يطل على القارئ من خلال شرفة القصيدة العالية، ليصل الحقيقة بما سواها من رؤى واقعية تتعاضد في رسم صورة الممكن في حل ذلك البوح الذي فاضت به قريحته التي صدرت هذا الديوان بعنوان (كلما.. وقصائد أخرى).
يستهل الشاعر العارف ديوانه بقصيدة مقتضبة حملت عنوان (الممر) لنراه وقد أومأ إلى فكرة الديوان حينما أراد له أن يكون على هيئة رسائل قصيرة ورؤى مقتضبة.
فالطرفة، والقصر، وفقد الذات سمات تحدد هوية الديوان، إذ يرى القارئ أن الدكتور يوسف العارف جعل من قصائده رسائل هامة تأتي من المجتمع وتذهب إليه بطريقة قد تكون غير مسبوقة حينما نوه في العنوان الرئيسي للديوان بأن القصائد داخله ما هي إلا (نصوص شعرية قصيرة) إمعاناً في إثبات خاصية القصر الذي يرى فيه الشاعر ضرورة مهمة في زمن بات فيه الناس لا وقت لديهم لأن يقرأوا المطولات لا سيما إن كانت شعراً.
الاقتضاب في الديوان مفيد جداً، فالشاعر العارف أضاء هوية الذات المثقلة بلواعج الألم المفضي إلى أبعاد نفسية عميقة تجاوز في القارئ سمة البكاء على الوقت - مثلاً - إلى نعي حقيقي لحياتنا التي باتت زمناً من سراب:
لم أنل منه سوى
قبض ريح، أو فقاقيع هواء
فآه وآه.. ثم آه من الوقت
يمضي هباء..!!
الديوان ص 15
يعمد الشاعر يوسف العارف إلى استنباط
الفكرة، وتدوينها بشكل واضح لا لبس فيه، لتأخذ كل رسالة شعرية صفحة واحدة تحتوي على بضع كليمات يفين بالغرض، ويحققن الهدف من فكرة الشاعر على نحو قصيدة (القصيدة) في الديوان (ص 20)، ووردت على الغلاف الأخير حيث أكد العارف على أهمية الاقتضاب تخفيفاً على القارئ لكن دون إخلال بالفكرة.
الإيقاع السريع والفكرة المقتضبة تزيد من وتيرة التأمل المتواثب لفضاءات النصوص، ليقف القارئ على مفترق طرق أخرى حينما يفرغ من قراءاته ليشد الاهتمام نحو قضايا اجتماعية عميقة، محاولاً من خلال هذه الإطلالات تشخيص الحالة، ومعرفة الخلل وهو أقل ما تقدمه القصيدة، فضلاً عن هذا وذاك فإن الذائقة تحفل بالجماليات حينما تكون الأماني حابلة بوعد جميل، وتكون درجة اليأس أقل كثيراً من شعر يثير في الذات لوعة القنوط.
قصائد الشاعر العارف ورسائله الوجدانية تميل إلى هذا الاستدعاء الجمالي لمفردة الخطاب الإنساني الذي يناجز النفس جدلها الدائم حينما تروم الرنو نحو عوالم يحول اليأس بينها وبين التحقق، إلا أن القصيدة على نحو ما لدى الدكتور العارف قد تسهم في استجلاب حالة متفائلة تعيد للروح بهجتها المتوارية خلف غلالة من يأس تصنعه ثورة الذات على ما حولها.
لكل قصيدة من قصائد الديوان حكاية، تضم في أعطافها حقيقة البوح، وأسباب القول، عند ذلك الحكاء المفوه حينما يجد في السيرة الأولى ضالته المفقودة، ليقود القارئ نحو عوالم الماضي، مستشرفاً في هذا السياق عمق العلاقة بيننا وبين سيرتنا القديمة تلك التي يهيل عليها الشاعر من كرمه الشيء الأجمل، ليترك الانطباع واضحاً لا لبس فيه في ذاكرة التلقي فلعل وعسى أن تشرق تلك الحكايات القديمة بما يفيد المتأمل لهذه القصائد المتجلية في بحثها عن الحقيقة منذ الدخول الأول على الديوان في حكاية القرطاجني مع الشعر إلى تلويحة الخروج مشرقاً في تمثله للأماني العذاب وهذا أجمل ما يمتلكه الشاعر يوسف العارف فليت كل الشعر يأتي على نحو ما يقدمه شاعرنا لنوفر الجهد، والوقت ولنقلل من حالة اليأس في ذواتنا.
إشارة:
* (كلما.. وقصائد أخرى) (ديوان شعري)
* د. يوسف العارف
* النادي الأدبي بالباحة (ط1) 1427هـ
* يقع الديوان في (80 صفحة) من القطع الوسط
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|