نجيب محفوظ مطالب بتسديدة قيمة فواتيره الأدبية: ديوني لأساتذتي أكثر من ديون مصر
|
* القاهرة - محمد الصادق:
على رغم العديد من الكتابات التي تناولت حياة الأديب الكبير نجيب محفوظ وسيل المعلومات التي تضمنتها هذه الكتابات إلا أن هناك جوانب أخرى لا تزال في حاجة إلى الكشف، وفي حاجة إلى أن يتم روايتها والكتابة عنها؛ فأديب نوبل الذي تعدّى عقده التاسع بسنوات مرّ بتجارب كثيرة وله مواقفه وعلاقاته المتشعبة، ومن هذه التجارب والعلاقات التي لم يتم دراستها جيداً علاقته بأساتذته الذين تتلمذ على أيديهم وتعلم فنون القصّ والحكاية؛ فمن هم أساتذة نجيب محفوظ الذين شكلوا وعيه ووقفوا وراء إنجازه الأدبي الكبير؟ هذه التساؤلات أجاب عنها الكاتب الصحفي إبراهيم عبد العزيز في كتابه (أساتذتي) الذي صدر مؤخراً عن إحدى دور النشر الخاصة بالقاهرة، والذي يكشف لأول مرة عن علاقة نجيب محفوظ بأساتذته.
يؤكد محفوظ في الكتاب أن أساتذته الذين تعلم منهم كثيرون ويقول: عندما أكتب أتذكر لا إرادياً من علموني في الكتب أو المدارس؛ لذلك حين أفكر في الخدمات التي قدمها لي من كونوني ثقافياً أشعر بأنني مدين بأكثر من ديون مصر.
يحكي محفوظ عن أول لقاء جمعه بصاحب القنديل، ثم يتطرق إلى فترة عمله معه حين كان حقي مديراً لمصلحة الفنون، حيث اختار محفوظ سكرتيراً له: (وطوال فترة عملي معه لم أشعر بأنني أعمل مع مدير، وإنما رجل صديق ودود، وإن كنت كموظف ملتزم وأقوم لتحيته، وإن كان هو قد رفض هذا السلوك مني باعتباري كاتباً وأديباً، كما كان يقول، ولكنني كموظف أعطي الوظيفة حقها).
والأستاذ الثاني الذي يتوقف عنده صاحب نوبل هو توفيق الحكيم حيث يقول: (تعرفت عليه في مقهى ريتز بوسط القاهرة. كنت دائماً أعترف بأستاذيته الحقيقية، وكان هو يقدرني كأديب، ويشجعني، ولن أتحدث عن أعماله الأدبية؛ لأن الدنيا تكلمت عنها، ولكني سأتحدث عن مواقفه الإنسانية الجديرة بالاحترام كتشجيعه للشباب، فضلاً عن مواقفه من الجوائز ووقوفه مع المظلومين، وأذكر أنه هدّد بالاستقالة من المجلس الأعلى للفنون بسبب الجو العدائي لترشيح كمال الملاخ لجائزة الدولة، وكذلك وقف إلى جانب ألفريد فرج حتى حصل عليها، ولم أكن عضواً باللجنة الخاصة بذلك؛ فطلب مني أن أكون سنداً له للتغلب على الجو العدائي الرافض لمنح ألفريد الجائزة، وعندما تبنيت فكرة عودة غالي شكري إلى الأهرام، وافقني الحكيم وكتبنا بذلك مشروع خطاب إلى إبراهيم نافع واستجاب لنا).
أول رواية
هل يتخيل أحد أن صاحب نوبل لم يكن يجد ناشراً لأعماله، وأنه كتب أربع روايات كان مصيرها أدراج مكتبه؟ نعم حدث كل ذلك قبل أن يلتقي نجيب محفوظ بالكاتب الكبير سلامة موسى الذي شجعه على الكتابة والاستمرار فيها.
ويكتب صاحب نوبل عن العقاد، ويفاجئنا بأنه لم يلتقِ به مطلقاً، ويقول: (كنت أفضل أن أقرأ العقاد لا أن أسمعه؛ فصوته لم يكن جميلاً، ثم إنه رجل عقلاني تتعب في متابعته، بعكس طه حسين الذي كان رجلاً موسيقياً، لقد تربيت على كتب العقاد، كشاعر وناقد، كما أعجبني ككاتب سياسي وكاتب للتراجم والإسلاميات.. ورغم إعجابي به إلا أنني لم أسعد بلقائه، وكنت أذهب إلى مكتبة الأنجلو لشراء الكتب، وكنت أجد العقاد جالساً يقلب في الكتب، ولكنني لم أجرؤ على الاقتراب منه والتسليم عليه؛ مقدراً انهماكه فيما يبحث؛ فلم أضع يدي في يده طوال عمري، رغم إكباري العظيم له، واعتباري واحداً من تلامذته).
العميد
ويمضي محفوظ في الحديث عن أساتذته حتى يصل إلى طه حسين ويعترف بأنه قلده في بداياته وأنه كتب قصصاً سمّاها الأعوام متأثراً فيها بكتاب الأيام، ويقول: (أعطانا طه حسين كل نماذج الأدب والرواية من رواية السيرة الذاتية في الأيام إلى الموضوعية في دعاء الكروان إلى شجرة البؤس التي تأثرت بها، وظل هذا التأثر ينمو حتى كتبت الثلاثية).
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|