منصور التركي كما أعرفه مصطفى محمد كتوعة
|
(ثروة الأمم ليست في قطنها أو حريرها أو ذهبها، إنما ثراؤها الحقيقي في رجالها).. هذه العبارة البليغة والرؤية العميقة هي للأستاذ الدكتور منصور بن إبراهيم التركي مدير جامعة الملك سعود سابقاً والوكيل السابق لوزارة المالية، وقد عرفناه على مدى مشوار طويل أكاديمياً موفقاً أسهم كثيراً في النهوض بهذه الجامعة العريقة، كما عرفناه مفكراً بارزاً أسهم ولا يزال بعطاء وافر في الساحة الفكرية بكل عمقها واتجاهاتها.. وعرفناه مسؤولاً مشهوداً له بالكفاءة والثقافة والحنكة وأسهم بجهد وافر في تعزيز علاقات التعاون المشترك بين المملكة والولايات المتحدة خلال عمله منسقاً للتعاون الاقتصادي السعودي الأمريكي. ولأنه كان على رأس إدارة جامعة عريقة، فهو يدرك بعقلية المفكر وخبرة المسؤول أن التنمية البشرية هي التحدي الأهم لأنها تتعلق بالثروة الأهم، فكل نهضة شهدتها الأمم كان خلفها مفكرون وعلماء ومكتشفون وأدباء ومبدعون، واليوم في عصر التطور التقني والمعلوماتية تكمن قيمة الإنسان المؤهل، بل قيمة الأمم التي ترعى أبناءها علماً وتدريباً وابتكاراً. والدكتور منصور من الذين يؤمنون جيداً بالتطوير باعتباره حجر الزاوية لنهضة الأمم وتعزيز القدرة على الاستجابة لكل تطور حضاري يأخذ حياة الإنسان إلى مستويات أفضل، ولا يتعارض مع ثوابت أساسية في نهج وطننا، ومما يؤكد عليه دائماً هو أن التنمية يجب أن تستهدف تغيير البناء الثقافي والفكري تغييراً إيجابياً يتناسب مع أساليب الإنتاج الحديثة بما يطور مختلف مناحي الحياة إلى الأفضل، كما لا يجب أن ينظر إلى التنمية كما هو حاصل في الدول النامية على أنها مجرد التغيير السطحي في بعض مظاهر الحياة وتقليد النمط الغربي، أي قصر الاهتمام على جوانب الاستهلاك دون الإنتاج، فهذا هو الخطأ، وإنما الأخذ بأسباب التقدم الذي تبعته تلك الدول. لقد تضمنت الميزانية الجديدة دعماً كبيراً لابتعاث الطلاب السعوديين للدراسة بالخارج في جميع التخصصات وفي مراحل التعليم العالي والشهادات العليا، وهي خطوة محمودة ستعود على الوطن بالخير بإذن الله، فالتواصل مع الأمم يحقق الاستفادة من علومها وما بلغته من تطور غير مسبوق في هذا العصر، ومن شأن الابتعاث أن يعزز هذا التواصل، حيث يعود أبناء الوطن وفي عقولهم آفاق هذا التطور وأسبابه، ومن ثم تلاقح المناهج والخبرات والتحصيل العلمي المتطور، وحقيقة أقدر للدكتور منصور إيضاحات مهمة في هذا الاتجاه، وقد كان من الذين دفعوا بأعداد جيدة من أبناء جامعة الملك سعود إلى الابتعاث، وفي ذلك يقول (إن بناء مدرسة أو جسر قد يستغرق أسبوعاً أما بناء الإنسان فيمتد لعقود من الزمن). وبمناسبة الابتعاث الذي سيشهد طفرة جديدة ويعزز التلاقح العلمي مع الأمم المتقدمة والتي أخذنا من إنتاجها الكثير، فإنني أتفق مع الدكتور منصور التركي على أن الابتعاث يحتاج في هذه المرحلة إلى بلورة أهداف واضحة لا نركز فيها على الكم بقدر ما نركز على الكيف وحاجة التنمية إلى تخصصات العقول الوطنية التي ستبتعث، كما اتفق معه في أنه يحتاج إلى آليات ومرجعيات تضع التخطيط اللازم للأمور المالية التي ترتبط بها وزارة المالية والتعليم العالي حتى نحافظ على دفع أهدافه إلى الأمام. إن الدكتور منصور بن ابراهيم التركي بكل ثراء حياته العلمية والعملية هو إنسان بكل معنى الكلمة، وهو مواطن يدرك عمق هذه المواطنة وواجباتها والتزاماتها، وقد جسد الشخصية الحضارية لبلادنا في كل محفل وكل منتدى أو مهمة رسمية تولاها خارج الوطن وعبر عن بلاده خير تعبير قدرة وكفاءة وأخلاقاً وعطاء، فشكراً لهذا الرجل على سجاياه وعلى خصاله الحميدة، ونقدر له كل هذا المشوار الطويل الثري بالعطاء والبذل في خدمة الدين والوطن. حكمة: للشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم | وتأتي على قدر الكرام المكارم |
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|