منصور الحازمي قارئا التحولات والإصلاحات: لن يحرر المرأة سوى المرأة
|
* حوار -عبدالله السمطي:
يؤكد الناقد الدكتور منصور الحازمي على أن استجابة الشعب لهذه الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية التي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هي استجابة طبيعية وتلبي جميع التطلعات الكامنة في نفوس المواطنين منذ زمن بعيد. الحازمي أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك سعود، عضو مجلس الشورى السابق، والحائز على جائزة الملك فيصل العالمية يضيف أيضاً: إنني لأتمنى أن تطال هذه التغيرات السلك التعليمي والأكاديمي أيضاً، وها نحن نرى الكثير من مديري الجامعات قد تكلسوا في مناصبهم مثل رؤساء الأندية الأدبية، ويرى أنه لا بد من إعادة الانتخابات إلى الجامعة طبقا للائحة القديمة.. وهذا نص الحوار:
* شهدت المملكة في السنوات الأخيرة جملة من التحولات والإصلاحات المدنية: الحوار الوطني، حقوق الإنسان، الانتخابات البلدية مثلا.. هل انعكست هذه التحولات على ثقافة المجتمع السعودي أم ما زالت في طور التمثل والاستيعاب؟
لا شك أن ما مرت به بلادنا في السنوات الأخيرة من إصلاحات وتحولات يدعو إلى الثقة والتفاؤل، ولكن ينبغي ألا نستبق الأمور أو نتعجل النتائج، لأن تغيير المجتمع أكثر صعوبة من تغيير الفرد، فلا بد إذن من الصبر والمتابعة، ولابد أن تكون هذه التغيرات والإصلاحات نابعة من الداخل، وليست عبارة عن ردود أفعال لضغوط خارجية.
وأذكر أننا قمنا في أواخر الخمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي ? أيام استفحال المد القومي والتسلط الاشتراكي ? بإصلاحات مماثلة، ثم ما لبث أن نسيناها وتلاشت، حينما زالت وتلاشت أسبابها.
* هذه التحولات نتجت بشكل مباشر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م وبشكل سريع..
هل كانت هذه التحولات كامنة بالقوة لدى المجتمع السعودي، وكانت تنتظر الفعل أو الحدث لخروجها؟
ليس المجتمع السعودي فقط الذي يتأثر بالأحداث الخارجية بل جميع مجتمعات الدنيا، لأن العالم في الوقت الحاضر قد انفتح على نفسه بسبب التقدم العلمي والمصالح المشتركة والمخترعات الحديثة.. ولا شك أن أحداث 11 سبتمبر قد هزت العالم بأجمعه، كما فعلت أحداث الحربين العالميتين في النصف الأول من القرن الماضي، ونحن نعرف أن إرهاب نيويورك قد امتد إلينا وإلى البلدان العربية والإسلامية المجاورة، وقد قاسينا نحن هنا في السعودية الأمرّين من هذا التطرف الديني الذي ذهب ضحيته أكثر الأبرياء.. واستجابة الشعب لهذه الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتربوية والتي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، هي استجابة طبيعية وتلبي جميع التطلعات الكامنة في نفوس المواطنين منذ زمن بعيد.
* كيف تؤثر هذه التحولات على المجال الثقافي والتعليمي والأكاديمي الذي تترى نشاطاتك خلاله ؟
أقرب هذه التأثيرات في المجال الثقافي ما نشاهده حاليا من نشاط وتغيرات في وزارة الثقافة والإعلام، وما فعلته في قطاع الأندية الأدبية إنما يمثل أولى الخطوات، وكان المفروض أن تطبق لائحة الأندية الأدبية منذ زمن طويل وهي اللائحة التي صدرت قبل أكثر من ربع قرن، التي لا تسمح لرئيس النادي بالمكوث في منصبه أكثر من أربع سنوات أو ضعفها على الأكثر، وإنني لأتمنى أن تطال هذه التغيرات السلك التعليمي والأكاديمي أيضاً، وها نحن نرى الكثير من مديري الجامعات قد... وتكلسوا في مناصبهم مثل رؤساء الأندية الأدبية، كما أن اختيار رؤساء الأقسام الأكاديمية وعمداء الكليات قد أصبح بالتعيين لا بالانتخاب، كما تنص عليه لائحة الجامعات القديمة.
* على الرغم من أن المجتمع السعودي من أكثر المجتمعات العربية استخداما لوسائل الاتصال، وأكثر المجتمعات العربية تطورا في حركة المال والاقتصاد، ويمتلك آلة إعلامية ضخمة فضائية وصحفية، وأكثر المجتمعات العربية سفرا وترحالا لدول العالم.
لماذا يراد له أن يوصف بأنه مجتمع (محافظ).. هل ترى أن كلمة (محافظ) تناسب مجتمعا بهذه الصورة أم هي واجهة تراثية لابد منها؟
نحن لا نريد فقط أن نصنف مجتمعنا الحاضر ب(المجتمع المحافظ)، بل نريد أيضاً أن نسبغ هذه الصفة على كافة مجتمعاتنا في العصور القديمة التي لا نعرفها ولم نعش فيها.. وقد سبق أن شكا لي أستاذي الكبير الدكتور شوقي ضيف ? رحمه الله ? قبل بضع سنوات أن كتابه: (الغناء في مكة والمدينة) قد صادرناه هنا ومنعنا بيعه في مكتباتنا لأنه يتحدث عن المغنين والمغنيات لدينا في العصر الأموي، وأننا كنا نصدرهم إلى دمشق.. ونحن ينبغي أن نكون مجتمعا (محافظا) لا في عصرنا هذا فحسب بل وفي جميع العصور السابقة، وقد انعكست هذه الرغبة (المحافظة) على بعض الأقسام الأكاديمية في جامعاتنا بتوجيه طلاب الدراسات العليا إلى تصحيح كتب التراث القديمة لتلائم ما نصبو إليه دوما من نقاء وطهارة.
وأعتقد أن هذه ظاهرة غريبة ينبغي على أساتذة علم الاجتماع في بلادنا أن يقوموا بدراستها وتوضيحها، ونحن ينبغي أن نعرف أنفسنا أولا قبل أن نتطلع إلى معرفة الآخرين.
* ما زالت قضايا المرأة السعودية يتم تداولها بشكل أو بآخر حتى إنها تصبح بمثابة الموضة الإعلامية تظهر في وقت وتختفي في وقت آخر، ما هي بالضبط أبرز القضايا التي تهم المرأة السعودية من وجهة نظرك؟
لقد سئمنا مثل هذه الأسئلة عن المرأة لأنها تطرح في صحافتنا ومطبوعاتنا منذ زمن طويل، وأظننا البلد الوحيد في العالم العربي والإسلامي الذي تحولت فيه المرأة إلى قضية كبرى تحشد لها الألسنة وتحد الأسنة وتكال التهم. فأين المرأة من هذا كله؟ ولماذا لا تقوم هي نفسها بالدفاع عن نفسها؟ فلن يحرر المرأة سوى المرأة، وهناك أمثلة كثيرة في العالم العربي على هذه البطولات النسائية، ولا أقصد بتحرير المرأة تفسخها وابتذالها، بل تحقيق العدالة بينها وبين أخيها الرجل، بما سمحت به الشريعة الإسلامية.
* كيف تقيم حتى الآن التجارب الإصلاحية في البلاد: حقوق الإنسان، مركز الحوار، توحيد التعليم، (وزارة الثقافة والإعلام)، هيئة الصحفيين، هيئة الناشرين... إلخ مؤسسات المجتمع المدني؟
جميع هذه التجارب الإصلاحية تدعو ولا شك للتفاؤل والاطمئنان ونحن نتطلع دوما إلى بلورتها وتعميقها والاستفادة أيضا من تجارب الآخرين، ومثل هذه التجارب الإصلاحية تحتاج إلى زمن لمتابعتها وترسيخها، ولكننا واثقون بمشيئة الله من نتائجها الطيبة.
* المجتمع السعودي له هويته وثقافته المثالية المحافظة كما يبدو، وكما يراد له أن يكون.. فلماذا نوجد دائما أزمة ثقة في انفتاحه واختلاطه؟
لأن الانفتاح والاختلاط ينافيان المحافظة، ألا ترى أن رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده قد تغيرا كثيرا بعد عودتهما إلى مصر، وبعد أن اختلطا بالفرنسيين مدة طويلة؟ فكم هم المواطنون من السعوديين الذين يختلطون سنويا بالغربيين والأمريكان في أوروبا وأمريكا أو في الحي الدبلوماسي بمنطقة السفارات؟ أو في المحطات الفضائية والإنترنت؟ فكم طهطاوي لدينا حالياً، بل وكم طه حسين وأدونيس وجابر عصفور؟
* كيف يمكن تغيير الصورة النمطية (السلبية أحياناً) عن المملكة في الدول الغربية؟
لا بد أن نغيرها نحن هنا أولاً حتى نستطيع تغييرها في أذهان الآخرين.. وازدواج الشخصية لدينا ظاهرة اجتماعية ونفسية تحتاج في حقيقة الأمر إلى دراسة.
* كيف ترى مستقبل الحياة السعودية والمجتمع السعودي في ظل التحولات المدنية الجارية حاليا المحلية والعربية والإقليمية؟
الله أعلم.. ولكن دعنا نتفاءل ونحلم بمستقبل أفضل.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|